حركة فتح بين الخطاب والخطوات

بقلم: 

كان مشهداً وطنياً رائعاً، لم يخل من المرح والممازحة، حين جلس نواب حركة حماس بجوار نواب حركة فتح، في جلسة الملتقى البرلماني الدولي التي عقدت في غزة، والتي نوه خلالها كل المتحدثين في كلماتهم إلى أهمية الوحدة الوطنية، وضرورة انهاء الانقسام.

وكانت الرؤية العميقة للصراع مع العدو الإسرائيلي أكثر ما شدني في كلمة الدكتور فيصل أبو شهلا، حيث عكست كلمته موقف حركة فتح السياسي من الصراع مع العدو الإسرائيلي، فقد أشار الرجل إلى خطورة المشروع الصهيوني، الذي استوطن أرض الضفة الغربية بمئات ألاف المستوطنين، ويحاصر قطاع غزة، ويقوم بتهويد المقدسات، والتقسيم الزماني للمسجد الأقصى، بعد أن نجح الإسرائيليون في عزل مدينة القدس عن محيطها العربي.

ذلك الكلام الطيب الراقي الواقعي لا يمنع العقلاء من التساؤل عن الجهة الفلسطينية المسئولة عن هذا الوضع البائس على الأرض؟ من هي الجهة الفلسطينية التي قدمت الزمن الآمن للعدو كي ينجح في تحقيق مخططاته؟ وهل واجبنا أن نواصل المسير على درب الفشل نفسه، أم نحيد عن الطريق الذي أذلنا، واخرجنا من تاريخنا المقاوم؟

هل القيادة السياسية للشعب الفلسطيني هي المسئولة؟ أم المسئول هو القرار السياسي الفلسطيني؟ أم أن المسئولية كلها يتحملها القائد السياسي الفلسطيني؛ الذي يتفرد بالقرار؟

على حركة فتح أن تجيب عن الأسئلة السابقة؟ وأن تحدد أسباب نجاح المخطط الصهيوني؟ لأن التعويم لا يخدم القضية الفلسطينية، وانعدام التقويم، وعدم المحاسبة جزء من فشل الفلسطينيين حتى في الدفاع اللفظي؛ الذي منح الإسرائيليين فرصة التفوق الميداني.

وأشهد أن الدكتور النائب فيصل أبو شهلا كان رائعاً وهو يتحدث عن ضرورة انهاء الانقسام، ولكنه نسي أن أول خطوات انهاء الانقسام تتمثل في الدعوة إلى عقد المجلس التشريعي، عنوان الوحدة الوطنية، ولاسيما أن الدكتور فيصل قد دعا المجتمع الدولي إلى التوقف عن الكيل بمكيالين، والتعامل مع (إسرائيل) على أنها دولة فوق القانون، مطالباً بتجميد عضوية الكنيست الإسرائيلي في البرلمان الدولي حتى الافراج عن كافة النواب المعتقلين.

فإذا كانت إسرائيل فوق القانون، ونطالب العالم بعدم التعاون معها، كما قال ممثل حركة فتح، فلماذا نتعامل معها نحن الفلسطينيين، ولماذا نتعاون معها أمنياً؟

وإذا كانت إسرائيل مدانة لاعتقالها بعض نواب المجلس التشريعي؟ فماذا يقول الدكتور فيصل عن السيد عباس الذي يعتقل كل المجلس التشريعي، ويحظر عليه القيام بواجبه؟.

لقد أكد الدكتور فيصل في كلمته على أهمية مقاومة المحتلين، ودعا إلى ضرورة التكاثف لدعم الهبة الشعبية، وهذا منطق سليم، وهذا شيء طيب، يفجر سؤالاً مهماً:

لماذا تؤيد قيادة حركة فتح الهبة الشعبية لفظاً، وتحاربونها على الأرض فعلاً؟ ألم يؤكد السيد عباس للقناة الثانية الإسرائيلية أن الأجهزة الأمنية لا تقف مكتوفة الأيدي إزاء موجة العنف الحالية، وعليه فقد أمر تقويض أركان الهبة الشعبية من خلال الممارسات التالية:

1ـ لقد منعت الأجهزة الأمنية المسيرات الجماهيرية المتجهة إلى الحواجز العسكرية.

2ـ لقد أفشلت الأجهزة الأمنية مئات العمليات العسكرية المعدة ضد الجيش الإسرائيلي.

3ـ لقد منعت السلطة الفلسطينية العمليات الفردية، وقامت بتفتيش حقائب الطلاب في المدارس.

فماذا تبقى من الانتفاضة أو (الهبة الشعبية) بعد كل تلك الممارسات الميدانية؟

وما معنى الحديث عن تصعيد الهبة الشعبية ومواصلة مقاومة المحتلين؟ وهذه هي نتائج التعاون الأمني؛ عشرات الاعتقالات الإسرائيلية لشباب الضفة الغربية في ليلة واحدة:

فقد اعتقلت قوات الاحتلال فجر يوم الاثنين فقط 18 فلسطينيا في انحاء متفرقة من الضفة الغربية، في حين عثرت على سلاح وذخائر في جنين وبلدة الشيوخ شمال شرق الخليل، وقد تم الاعتقال فلسطينيين شمال غرب مدينة نابلس، وجنوب المدينة، وشمال مدينة القدس، وشمال شرق رام الله، وشمال المدينة، وشمال مدينة الخليل ومن مخيم العزة شمال مدينة بيت لحم، ومن مخيم الفوار جنوب مدينة الخليل، ومن بلدة خرسا غربي المدينة، وجرى تحويل كافة المعتقلين للتحقيق لدى المخابرات الاسرائيلية.

فهل تم اعتقال هؤلاء الفلسطينيين ضمن منظومة تعاون السلطة مع المخابرات الإسرائيلية أم تم اعتقالهم دون تعاون أمني؟

إذا تم اعتقالهم دون تعاون أمني، فعلى حركة فتح أن تطارد العملاء الخونة الذين وشوا بالمقاومين، وقدموا للمخابرات الإسرائيلية المعلومات التي استوجبت اعتقالهم.

وإذا تم اعتقالهم ضمن منظومة التعاون الأمني، فعلي شرفاء حركة فتح التحرك العاجل.