رسالة لطلبة الثانوية العامة

بقلم: 

الى جميع الناجحين بامتحان الثانوية العامة اقول مبارك مع تمنياتي لكم بالتوفيق. والى جميع من لم يحالفهم الحظ او من حصلوا على معدلات متدنية اذكركم بقوله تعالى "عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم"!

يسألني العديد من الاباء عن التخصص المناسب لأبنائهم وبناتهم. واليكم ما اجيبهم وهو نابع عن قناعة وتجربة واعتقد انه من الامانة ان اشارككم اياها.

- اذا كان المقصود بالتخصص المناسب هو سوق العمل والدخل المستقبلي المرجو من الوظائف المتعلقة بالتخصص اقول اولا لدينا فائض من كل تخصص وثانيا لا علاقة للتخصص بالرزق اطلاقا. فكم من حاصل على شهادات عليا و ما زال عاطلا عن العمل وكم ممن لم يحالفهم الحظ في الدراسة وفقهم الله وشقو طريقهم نحو نجاح باهر! الخلاصة: لا علاقة للتخصص بالرزق.

- اذا كان المقصود بالتخصص المناسب المرتبة الاجتماعية فهذا زيف فيه الكثير من النفاق والتضليل. من مقبول اجتماعيا اكثر الطبيب والصيدلي والمهندس و و و ممن هم عاطلون عن العمل او ممن يتقاضون رواتب زهيدة ام من لديه وظيفة او مهنة تبدو عادية او اقل بينما تدر على صاحبها دخلا وفيرا؟ لتكن واقعيين! لا شك في ان الحالات التي يجتمع فيها العلم مع الدخل الجيد هي الافضل ولكن دون ان نقلل من اهمية العديد من العوامل والتي هي اهم في رأيي كالخلق الرفيع واحترام الاخر والصدق والامانة وغيرها من الصفات الحميدة التي بوسعها ان تقلب اي ميزان مادي! الخلاصة لا علاقة للمرتبة الاجتماعية بالتخصص.

- ما الحكمة في توجه ذوي المعدلات العالية لدراسة الطب والهندسة والصيدلة؟ ومن ثم تبدأ قائمة التخصصات المرغوبة تتقلص تماشيا مع معدل العلامات. برأيي جميع التخصصات تحتاج الى معدلات جيدة وبنفس القدر. نحن نجرم بمستقبل امتنا عندما نجبر افضل الطلاب بدراسة تخصصات معينة مهملين تخصصات اخرى. لماذا لا نختار صفوة طلابنا ليصبحوا معلمين او فقهاء؟ اليس العكس هو الصحيح في الكثير من الحالات. واعتذر من الكثيرين من الذين شملهم الوصف ولا تنطبق عليهم الحالة. من قرر بان وظائف الادارة او المحاسبة والتدريس والشريعة وغيرها لا تحتاج الى معدلات عالية بينما تتطلب تخصصات كالهندسة والصيدلة وغيرها هكذا معدلات؟ هذا تضليل وقلب للحقائق. الخلاصة: يجب ان لا نستسلم لمعدلاتنا كي تقرر مستقبلنا على غير رغبة او قناعة.

- اسال نفسك كم من الوقت والمال ستنفق انت وابنك/بنتك من اجل الحصول على شهادة جامعية سيكون المستقبل بعدها بعلم الغيب. كم من حالة بدأت حياتها من جديد بعد هدر الوقت الطويل والمال الكثير بسبب عدم التوفيق في الحصول على وظيفة مناسبة بعد التخرج؟ وكم من حالة كانت فيها الغربة الاثمة هي النتيجة؟ الخلاصة: ليس من الضروري ان يكمل جميع الناجحون في الثانوية دراستهم الجامعية. فكرو خارج الصندوق!

اذا ما العمل؟
١. طلبتنا والاهالي بحاجة الى التوعية والارشاد منذ الصفوف المتوسطة وقبل الوصول لمرحلة الثانوية.
٢. من هم مدركون لحجم التحديات ولديهم رغبة شديدة بدراسة تخصص ما اقول عليكم بالجامعة فستوفقون ولا تهملوا هم الوظيفة والرزق. ولا تتركوا معدل الثانوية يقرر مهنتكم.
٣. من هم متحمسون لبدء الحياة العملية سريعا وغير متحمسون للتخصصات العلمية او الادبية، اقول لهم عليكم بالتعليم المهني. هناك حاجة ماسة لهكذا مختصين واؤكد لكم انكم ستحققون نجاحا باهرا ماديا ومجتمعيا. وهذا ينطبق على جميع الطلبة الناجحون (حتى ذوي المعدلات العالية) كذلك الامر على من لم ينجحوا بالثانوية!

لا اريد الاطالة ولكن اقول كفى للعواطف والتعليم الغير مدروس ولنبدأ مرحلة جديدة نبني بها مستقبل ابنائنا وبناتنا ودولتنا المستقبلية دون ان نجبرهم على هجرة قسرية من الوطن سعيا وراء وظيفة كان من الاولى ان تكون في بلدهم.
ولجامعاتنا اقول افتحوا المجال لجميع المعدلات لدراسة التخصصات التي يرغبون ولا تكونوا اداة ترسخ طبقية زائفة وهدامة. اتركوا لهم خيارات التخصص ودعوهم ينجحون او يفشلون في تلك التخصصات!