لماذا نشعر أن نقابة الصحافيين ليست لنا؟

بقلم: 

كغالبية الصحافيين العاملين فيما كان يسمى مهنة المتاعب وصارت تُسمى بمهنة النخبة التي تقف في ذات صف الطبقة الحاكمة (نخب اقتصادية وسياسية وأمنية في الضفة والقطاع)- وبالطبع لا أقصد التعميم-.

وكغالبية العاملين/ات في هذا الحقل الذين لا يبحثون عن الحقيقة فقط ، بل يتصدى لآلة القتل الصهيونية، ولسياسة الاحتواء و/أو الترهيب التي تنتهجها "الطبقة الحاكمة"، شغلني هم وجود بيت جامع لكل الصحافيين بغض النظر عن الجنس، المعتقد، الخلفية السياسية أو الاجتماعية أو الجغرافية.

لفتني احتفاليات التكريم التي حظيت بها نقابة الصحافيين ونقيبها في الأشهر الأخيرة، واحترت لقلة مشاركة الصحافيين في هذه الاحتفاليات وكأنها لا تعنيهم- ولا أقصد الاحتفالية بل سببها-.

لماذا لم يحتفل الصحافيون بانجازات النقابة كما فعلت مركزية حركة فتح، والمكتب الحركي للصحافيين مع هيئة الاذاعة والتلفزيون، ومحافظة رام الله والبيرة، والأمن الوطني في الضفة الغربية؟؟ هل يحمل سؤالي بعض الاجابة؟ أظن أن القارئ سيسأل، يبدو أن النقابة لحركة فتح فقط، وإلا لماذا لم تحتفل الفصائل الأخرى؟ والمؤسسات التي لا تقودها حركة فتح والسلطة في رام الله؟؟.

أعتقد أنني لو اكتفيت بالاجابة السابقة فلن اكون منصفة، لهذا قررت البحث في صفحة النقابة لتتبع الانجازات والاخفاقات التي سجلتها النقابة مؤخراً برئاسة النقيب الجديد، وسجلت الاخفاق الأول:
صفحة النقابة بالكاد فيها أي خبر لأي انجاز تم الاحتفاء به، إذن كيف سيعرف الصحافيون ماذا يحدث في النقابة؟ ماذا تفعل وماذا تقدم؟ وحتى البيانات التي نقرأها في الصحف وصفحات التواصل، لن تجدوها على الصفحة، إذن كيف سنلوم الصحافيين حين يهاجمون النقابة ويتهمونها بالتقصير؟
وقبل استكمال اخفاقات النقابة، من المهم أن أسجل الانجازات التي سجلتها خلال الستة أشهر السابقة، وهي انجازات عربية ودولية مهمة:
الانجاز الاول: نقيب الصحافيين الفلسطينيين حاز منصب نائب رئيس اتحاد الصحافيين العرب- وهو انجاز ليس هين لمن لا يدركون كيف حاولت دول شقيقة انتهاز فرصة انشغال العالم بقضايا أخرى همشت فلسطين لتسجل موقعاً يسقط فلسطين لولا جهد نقابة فلسطين ودول شقيقة أخرى رأت أن فلسطين ستبقى البوصلة ولن تسقط!
الانجاز الثاني: عضوية اللجنة الدولية للاتحاد الدولي للصحافيين- وعضوية مجلس النوع الاجتماعي -، ومرة ثانية لم يكن الأمر سهلاً، فأصدقاء اسرائيل كثر!
الانجاز الثالث: النقابة- وفلسطين تحديداً- كانت الأولى التي تتبنى إعلان "حرية دعم الإعلام في العالم العربي"، وقام الرئيس بتوقيعه إلى جانب العشرات من المؤسسات الرسمية والأهلية.
هذه الانجازات مجتمعة جاءت بجهد وعمل متواصل للأمانة العامة لنقابة الصحافيين، تسجل لهم ولا يجب انكارها ولا التقليل من أهميتها.
أما داخلياً، فأسجل للنقابة الحملة المتواصلة لدعم الصحفي الأسير- وعضو أمانتها العامة- عمر نزال، لا يمكن انكار الجهد الكبير في تجنيد المؤسسات والهيئات الإعلامية الدولية لاطلاق سراحه.
ولا يمكن أن أقلل من أهمية انجاز اتفاقيات عمل جماعية للعاملين/ات في المؤسسات الإعلامية الرسمية كوكالة وفا، وهيئة الإذاعة والتلفزيون- وشبه الرسمية كجريدة الحياة الجديدة، وكذلك الاتفاق مع وزير الصحة على تأمين صحي مخفض للصحفيين- هذا المطلب الدائم- ولا الوقوف والمطالبة بانصاف موظفي الحياة الجديدة في تحد هو الأول من نوعه!
هذه انجازات كبيرة- وجهد كبير، فكيف لا نقدرها كمجتمع صحفي، ولماذا لا نشعر أنها ملكنا أو تمسنا؟
الاجابة بسيطة، "طالما أن بيتنا الداخلي محطم، فماذا يعنينا السور العظيم الذي يحيط به؟"
ولنبدأ باستحقاق الانتخابات الدورية الذي مضى عليه 17 شهراً دون أن تخرج علينا النقابة وتعتذر لعدم التزامها باجراء هذه الانتخابات- وهذا اعتذار واجب حتى لو جرت الانتخابات غداً!
وثانيا: يفترض أغلب الصحافيين أن نقابة الصحافيين يجب أن تقدم نموذجاً لعدم انصياعها لقرارت فصائلية، وأنها تمثل الكل الصحفي وليس تياراً ولوناً واحداً من الصحفيين، وعليه كان يجب أن تبذل جهداً، بل تسخر كل امكاناتها لتوحيد الجسم الصحفي والتفاعل مع المبادرات التي اجتهد كثير من الصحفيين، ومؤسسات إعلامية  لتقديمها، ولكن مجلس النقابة الذي يتهم صحفيي حماس بالانصياع لقرارات فصيلهم، لا يبدون أكثر استقلالية!
ثالثاً: يبدو الانحياز للأمن وروايته واضحة في أغلب قضايا الانتهاكات التي سُجلت في الضفة الغربية، وفي حالات كثيرة جاءت ردود فعل النقابة متأخرة بعض الشيء، في حين أن البيانات لا تتأخر في حال كان الانتهاك صادر من حكومة الأمر الواقع بغزة!
رابعاً: النقابة في قطاع غزة تحديدا اشتهرت على مواقع التواصل الاجتماعي بتقديم التهاني بالنجاح، والزواج،والميلاد، والخروج من المشفى، والتعازي، وتقديم شهادات تكريم،وبيانات شجب وادانة، لدرجة التندر بما تقوم به وبدورها، لا يغفر لها بعض الدورات المتناثرة هنا وهناك ولا بيانات الدعم للصحفيين الذين يتعرضون لانتهاكات في غياب محام واحد يتبع للنقابة ليدافع عن الصحفيين في وجه الاستدعاءات والشكاوى المرفوعة عليهم- قد يفسر هذا بعض غضب صحفيي القطاع من مجلس النقابة-، لدرجة لا يرون انجازاً لهذه النقابة التي يتذكرونها في مناسبات كبعثات الحج وسفريات الدورات للضفة أو الخارج!
خامساً: من حق الصحفيين أن يسألوا ماذا حدث في ملف مساءلة اسرائيل لقتلها 17 صحفياً أثناء الحرب على القطاع، وماذا حدث في لجنة التحقيق ولأين وصلت؟، ومن حق الصحفيين أن يتساءلوا عن ملف العضويات- وتحديداً عضويات القطاع-، وتقرير الانتهاكات لعام 2015 الذي لم نراه إلا خبراً في جريدة، وأن يسألوا عن التقرير المالي والإداري؟ وأن يتساءلوا ماذا سنستفيد من عضوية النقابة سوى انها ممر اجباري للحصول على بطاقة الاتحاد الدولي للصحفيين؟
عزيزي نقيب الصحفيين الفلسطينيين،
حين بحثت عن انجازاتكم، كان علي زيارة صفحة زميلنا المدير التنفيذي، على الفييسبوك يسجلها أولاً بأول، وتذكر أن صفحته ليست جريدة النقابة، تواصلوا مع الصحفيين، انشروا محاضر الاجتماعات وحدثوا صفحتكم، واسألوهم لماذا لا تشعرون بملكية الانجازات؟
انجازاتكم الوطنية والدولية، نرفع لها القبعة، ولكنها تتقزم أمام بعثرة وتفكك وانقسام بيت الصحفيين.  قد لا تكون الانتخابات هي الحل رغم أنها استحقاق، الأصل يكمن في التوافق والاتفاق على العضويات أولاً، وعلى اخراج النقابة من دائرة الاستقطاب والانقسام الفصائلي، وهذا لن يتم إلا بوجود ارادة سياسية لدى هيئات النقابة الحالية للخروج من عباءة "الإملاءات"، والحسابات الضيقة.
كيف ستدافع النقابة عن الحريات الإعلامية، وعن الحقوق النقابية للصحفيين وجدران النقابة تضيق علينا وتخنق أنفاسنا؟
مطلوب خطوة شجاعة وجريئة، ليس من أجل ان نصفق لكم، بل "لنحمل معكم العبئ ونشارككم المسؤولية" هذا لسان حال أغلب الصحفيين الباحثين عن سقف بيت للصحفيين يحميهم!
*رئيسة تحرير شبكة نوى ومديرة مؤسسة فلسطينيات