القبة الحديدية بين الكذب والحقيقة

تل أبيب: تفيد دراسة إسرائيلية أن جيش الاحتلال زوّر الحقائق المتعلقة بما يعرف بالأنظمة الدفاعية للقبة الحديدية التي استخدمها خلال عدوان "عمود العنان" على غزة  قبل شهور، وسط تواطؤ وسائل إعلام إسرائيلية مركزية.

وتستذكر الدراسة أن القبة الحديدية قد حققت مجدها وذاع صيتها خلال عدوان "عمود العنان" على غزة قبل شهور، حينما أعلن جيش الاحتلال أنها أسقطت 90% من صواريخ المقاومة، وهي نسبة غير مسبوقة بالتاريخ العسكري الإسرائيلي.

وبخلاف ما نشرته إسرائيل بمؤسساتها وإعلامها، تكشف الدراسة أن مزيجا بين اعتبارات الحرب النفسية، والمصالح المتعلقة بالمال والقوة السياسية، وتبني الصحفيين رواية الجيش، قد أدى لتضليل الجمهور بمعلومات خاطئة وسط غياب للتداول بها وبتبعاتها.

10% نجاح

وبدأت الدراسة الصادرة عن مركز  "كيشف" لحماية الديمقراطية، غداة نشر مقال بصحيفة "هآرتس" بالتاسع من مارس/آذار الماضي ناقش بحثا لبروفسور ثيودور فوسطول من جامعة "إم أي تي" الأميركية حول القبة الحديدية.

وفي بحثه يقر فوسول أن نسبة نجاح القبة الحديدية يتراوح بين 5% و10% فقط استنادا لمشاهدة أشرطة فيديو كثيرة جدا لتساقط الصواريخ في تلك الحرب، والتي سقط بعضها للمرة الأولى على تل أبيب وأثار حالة من الرعب فيها.

من جانبها بادرت جمعية "كيشف" لبحث الموضوع بعمق، وتوصلت لاستنتاج مطابق، ودللت على ذلك بحقائق وأرقام تظهر تناقضات كبيرة في المعطيات الإسرائيلية.

وفي سبيل الكشف عن نسبة النجاح الحقيقية للقبة الحديدية، تنوه الدراسة أن جيش الاحتلال شغّل الأنظمة الدفاعية فقط عند خطر إصابة الصواريخ الفلسطينية لمناطق مأهولة.

القبة الحديدة تطلق صاروخا من أشدود ردا على صاروخ أطلقته المقاومة الفلسطينية من غزة (الفرنسية-أرشيف).

تقارير كاذبة

الناطق باسم جيش الاحتلال يدعي منذ نهاية "عمود العنان" أن 58 صاروخا فلسطينيا سقط بالمناطق السكنية داخل إسرائيل لكن وسائل إعلامها أشارت لسقوط 104 صواريخ كهذه، في حين تقول الشرطة إنها عالجت 109 حوادث كهذه.

وهذا ما يستشف من مجمل عمليات الجمع والتثبّت التي أجرتها الدراسة من خلال مراجعة تغطيات الصحافة الإسرائيلية للحرب الأخيرة على غزة.

كما تكشف الدراسة عن المعطيات الكاذبة من خلال مراجعة تقارير ما يعرف بهيئة ضريبة الأملاك التي أفادت أن الإسرائيليين رفعوا 3165 دعوى تعويض من الدولة جراء الأضرار الناجمة عن الصواريخ الفلسطينية.

الرصاص المصبوب

وتكشف الدراسة أن هذه الدعاوى أكبر من تلك التي قدمت خلال  حربين سابقين فـ"الرصاص المصبوب" نهاية 2012 وحرب لبنان الثانية عام 2006 وفيهما لم تكن "القبة الحديدية" قد صنعت بعد.

كما أن عدد القتلى والجرحى في إسرائيل خلال عملية "عمود العنان" لم يختلف عما كان عليه في عدوان "الرصاص المصبوب".

فخلال عملية "الرصاص المصبوب" أطلقت المقاومة نحو ألفي صاروخ تسببت بقتل خمسة إسرائيليين، أما في "عمود العنان" فأطلقت نحو 1500 صاروخ خلفت ستة قتلى في صفوف الإسرائيليين وأصابت 240 شخصا بجراح.

غالئون: إسرائيل شنت الحرب بعدما استخدمت التضليل المنظم (الجزيرة نت).

نجاح على الورق

وتتهم الدراسة الناطق بلسان جيش الاحتلال بالتضليل في تقاريره عن القبة الحديدية حيث خفّض عدد إخفاقات القبة الحديدية بالنصف. وعلقت بالقول "هكذا نجحت القبة الحديدية على الورق بشكل لا يتلاءم مع الواقع".

وترى الدراسة أن عملية التضليل نتيجة لعدة اعتبارات أخذتها بالحسبان ما تسمى بـ "المؤسسة الأمنية بإسرائيل" منها استخدام التضليل لضرب معنويات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال الحرب ورفع معنويات الإسرائيليين على الجبهة الداخلية.

كما أشارت إلى أن التضليل ينمّ عن رغبة إسرائيلية بالترويج للقبة الحديدية تمهيدا لتصديرها لدول أخرى، وعن طمع بزيادة الدعم الأميركي لأنظمة عسكرية دفاعية وهجومية قيد التطوير بإسرائيل.

"هآرتس" وحيدة

لكن عدا صحيفة هآرتس، تجاهلت وسائل الإعلام الإسرائيلية الأمر، ولم تتحقق من أرقام الناطق بلسان جيش الاحتلال خلال الحرب.

وعقبت على المعطيات عضو الكنيست زهافا غالئون رئيسة الحزب الصهيوني الوحيد الذي عارض العدوان على غزة، بالقول إن "القبة الحديدية" ليس الكذبة الوحيدة في عمليات التضليل خلال "عمود العنان".

وأوضحت غالئون للجزيرة نت أن إسرائيل شنت الحرب بعدما استخدمت التضليل المنظم من خلال إرسال الوزير بيني بيغن للإعلام ليقول قبيل ساعات من مهاجمة غزة إن إسرائيل قررّت "الامتصاص وعدم شن حرب".

وهي تتفق مع ما تقوله الدراسة بأنه قد تمّ التغرير بالمواطنين الإسرائيليين من قبل أصحاب مصالح متناقضة اعتمدوا اعتبارات الحرب النفسية والربح المالي والقوة السياسية.

معد الدراسة: 
وديع عواودة