ماذا عمل الاردن بوديعة الضفة الغربية؟

بقلم: 

ابدأ بتوجيه الشكر والتقدير لجريدة ‘القدس العربي’ الغراء لفتحها باب الحوار الصريح بهذا الموضوع الحساس والخطير (العلاقة الاردنية – الفلسطينية) لما له من اهمية بالغة على حق العودة المقدس لكل من يحمل الجنسية الفلسطينية كما عرفه الميثاق الوطني الفلسطيني (كل من كان من المقيمين بفلسطين لحدودها المعروفة يوم 14 ايار/مايو 1948 واينما تواجد بالداخلي وبالشتات وكل ذريته). هذا التعريف للفلسطيني هو الالتزام الوطني الملزم لكل الفلسطينيين خاصة ولكل العرب عامة ولا يعني الفلسطينيين اي تعريف آخر او هوية اخرى فرضت عليهم سواء كانت الهوية الاسرائيلية لعرب 48 او الجنسية الاردنية لفلسطيني الضفة الغربية 1949 بقرار اداري من رئيس وزراء الاردن وقتها (توفيق ابو الهدى) تجاوب منه وتطبيقا لاتفاقه المؤامرة مع وزير خارجية بريطانيا، بيفن في لندن قبل حرب عام 1948.. حيث وافق ابو الهدى على المخطط الصهيوني القاضي بتوطين الفلسطينيين المرحلين من فلسطين في شرق الاردن وفرض الجنسية الاردنية عليهم من خلال احتلال الجيش الاردني للمنطقة المخصصة للفلسطينيين بقرار التقسيم عام 1947 وذلك لمنع قيام دولة فلسطينية بهذا الجزء كما هونص قرار التقسيم الدولي وثم فرض الجنسية الاردنية على فلسطيني الضفة والغاء هويتهم تضيع بذلك الدولة الفلسطينية ومواطنيها. (وهذا ما حصل فعلا حيث اعدم قرار الضم للاردن الدولة الفلسطينية التي تم اعلانها عام 1948 برئاسة الحاج امين الحسيني ورئيس حكومتها احمد حلمي واعترفت بها كل الدول العربية واصبحت عضو في الجامعة العربية) وكذلك اعدام حق العودة ايضا.

رفض الفلسطينيون والاردنيون والجامعة العربية هذا الضم المؤامرة للضفة الى المملكة الاردنية الهاشمية التي اعلنت استقلالها في 15/6/1946 قبل قرار الضم بخمس سنوات وجمدت الجامعة العربية عضوية الاردن بها لحين العودة عن القرار، وفعلا استجاب الاردن وعاد عن قرار ضم الضفة باتفاقه مع الجامعة العربية (اتفاق الاردن والجامعة وقع من الطرفين ويمكن الرجوع له) وتم الاتفاق على:

1 ـ الضفة الغربية ارضا وشعبا جزء لا يتجزأ من فلسطين وستبقى كذلك (هذا يعني ان الضفة لم تكن يوما جزء من المملكة الاردنية الهاشمية بل هي وديعة لدى الاردن كما جزر الفولكلاند ليست جزء من بريطانيا ولكنها تدار منها).

2 ـ ان تكون الضفة ارضا وشعبة وديعة لدى حكومة المملكة الاردنية الهاشمية تعاد بطلب من الدول العربية بمن فيهم اهلها الفلسطينيون (وهذا ما تم فعلا عام 1974 عندما طلبت منظمة التحرير الفلسطينية اعادة الوديعة الفلسطينية ووافقها بطلبها كل الدول العربية وتجاوب الاردن ممثلا بالملك حسين لهذا الطلب واعيدت الضفة الى الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ارضا وشعبا وعليه انتهى اي ارتباط قانوني او اداري مع ارض الضفة او شعب الضفة من عام 1974).

هذه الحقائق التاريخية تظهر لنا زيف المسرحية الهزلية لضم الضفة وحسب اتفاق بيفن ابو الهدى بحيث رتبت اللعبة ليقوم مجموعة من الفلسطينيين المتواجدين بالاردن بالاجتماع في سينما الحمراء في عمان!! ليعبروا عن رغبة الفلسطينيين الانضمام للاردن!! وبعدها مسرحية اجتماع ثاني في نابلس جوبه بالرفض القاطع من الشعب الفلسطيني البطل للضم وفشل هذا الاجتماع ليعاد الاجتماع الثالث في اريحا بعدما جلب رئيس بلدية الخليل (200) بلطجي معه ليهددوا المجتمعين بالموافقة على طلب الضم للاردن!!

ان طلب اجتماع اريحا يمكن توضيحه الآن بان يقوم اهالي درعا السورية بالاجتماع في مخيم الزعتري في الاردن ويطالبوا بضم جنوب سورية للاردن!!! ومن ثم يوافق النسور رئيس وزراء الاردن على هذا الطلب ويعطي امرا اداريا منه وبدون موافقة ولا استشارة البرلمان الاردني او الشعب الاردني.. يقوم بتجنيس اهالي جنوب سورية، هذا بالضبط ما فعله توفيق ابو الهدى عام 1949 بقبول مهزلة اجتماع اريحا رغم وجود دولة فلسطين المستقلة التي تديرها حكومة عموم فلسطين برئاسة احمد حلمي، قبل ابو الهدى مهزلة اريحا والغى الجنسية الفلسطينية عن اهالي الضفة بقراره! وجنسهم اردنيين بقراره! وبعدها قرر اجراء انتخابات نيابية بالضفة مخالفا اتفاق الاردن مع الجامعة العربية ان الضفة جزء لا يتجزأ من فلسطين وهي فقط وديعة لدى الاردن لفترة مؤقتة وتعود شعبا وارضا للفلسطينيين ودولتهم.. وعلى هذه الانتخابات النيابية المخالفة للقانون الدولي وللدستور الاردني ولارادة الشعبين الفلسطيني والاردني، بنا قرار الوحدة المهزلة عام 1954.

لا داعي للافاضة ان اجراءات ضم الضفة شعبا وارضا هي مخالفة للقانون الدولي واتفاقيات جنيف الخاصة بالمناطق المدارة عسكريا: حيث لا يجوز للاردن الذي يدير الضفة عسكريا ان يغير اي امور سيادية بالمناطق المدارة كالجنسية والحدود والتبعية) مثلما لا يحق لاسرائيل اليوم وهي تدير الضفة عسكريا ان تعلن ضم القدس لها وتجنيس المقدسيين بالجنسية الاسرائيلية ومن ثم اجراء انتخابات لاعضاء من المقدسيين بالكنيست الاسرائيلي.

بناء على الاعتراف الدولي اعلاه فان القانون الدولي (كما صرح الرئيس محمود عباس) قد عرف شعب دولة فلسطين بأنهم كل من كان بالضفة والقطاع في 4 حزيران 1967.. هؤلاء هم مواطنو دولة فلسطين الآن وهم فلسطينيو الجنسية ولا بد لدولة فلسطين فورا بصرف جوازات سفر وارقام وطنية فلسطينية لهم اينما تواجدوا وعلى الدولة الاردنية ان تطبق هذا القرار الدولي فورا الذي اعتبر كل اهالي الضفة والقطاع من 4 حزيران 1967 فلسطينيو الجنسية ولهذا التطبيق الفوائد التالية:

1 ـ الدفع بابراز الهوية الوطنية الفلسطينية وتحديد مواطنوا دولة فلسطين طبقا للقرار الدولي وحق هؤلاء المواطنين بالعودة طبقا لكل قرارات الامم المتحدة وايضا طبقا لاتفاق اوسلو بين الفلسطينيين والاسرائيليين الذي يسمح بعودة كل النازحين من الضفة والقطاع عام 1967.

2 ـ انتهاء مؤامرة الوطن البديل واطمئنان الاردنيين للسيادة على وطنهم من التوطين ومشاركة الشعب الفلسطيني لهم بهذه السيادة كما يطالب جماعة الحقوق المنقوصة والمواطنة المتساوية.

3 ـ انتهاء حجج الحكومة الاردنية لعدم اصدار قوانين انتخابات متقدمة خوفا من الديمغرافيا الفلسطينية وسيطرتها على البلد.

اتمنى ان يقوم البرلمان الاردني والمجلس الوطني الفلسطيني بالضغط على دولتي البلدين لتطبيق هذا القرار الدولي وصرف جوازات سفر وارقام وطنية فلسطينية لكل المواطنين الفلسطينيين بالاردن من 4 حزيران 1967 مع الاحتفاظ بكل حقوقهم المدنية كمقيمين عرب بالاردن.

المصدر: 
القدس العربي