طوبى لك أيّها الشهيد الفلسطيني العظيم زياد أبو عين !

بقلم: 

(2 - 2 )

للأحرار العظماء تنحني هامات المجد إجلالاً واحتراما وتعظيما ، و المجد يركع ساجداً للذين أفنوا أعمارهم بحثاً عن الحرية وتحرير أرض فلسطين الغالية من دنس الغاصب المحتل ، ولأن "زياد ابو عين" ابو طارق هو أحد أولئك العُظماء الذين كرّسوا جُل حياتهم من أجل حرية فلسطين الحبيبة ، وإعلاء رايتها الوطنية خفاقةً عالية وصولاً لنيل الحرية والاستقلال وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق الحلم و المشروع الوطني الفلسطيني بإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .

ولأنه كان دوماً عاشقا لفلسطين الحبيبة وثراها الطاهر ، فقد عاش و كرّس الشهيد الوطني العظيم "زياد ابو عين" جُل حياته للدفاع عن ذلك الحق الوطني الأصيل منذ نعومة أضفاره و ريعان شبابه و حتى لقاء وجه ربه الأعلى شهيدا .. شهيدا .. شهيدا.

لذلك فقد تلألأ نجم "ابو طارق" عالياً في سماء فلسطين الحبيبة ، و ازداد ذاك النجم تألقاً وسطوعا أمام مرأى و مسمع العالم أجمع عندما نال وسام الحرية الأعظم "شهيدا .. شهيدا .. شهيدا " ، حيث وقف زياد ابو عين فارسا مِقداما يتصدى للجحافل الهمجية من بني صهيون ، و ليحافظ على ثرى الأوطان عزيزا خاليا من دنس اليهود الأنجاس ، وليصنع من جسده الطاهر متراساً و سداً وطنيا ليمنعهم من مصادرة الأرض الغالية .
لقد تلألأ عاليا ًقمر فلسطين الساطع "ابو طارق" إلى عنّان السماء ليُنير الأرض الحبيبة لجميع عُشاق الأوطان من أحرار وثوار العالم الذين يبحثون عن الحرية وحب الأوطان ، لذلك طـوبى لك جِنّان الرحمن أيها الفلسطيني العظيم زياد ابو عين !.

أكتب عِشقا و حباً للسيرة الوطنية العطّرة للشهيد الفلسطيني العظيم "ابو طارق" ، تلك السيرة الوطنية التي أزهوا بها افتخارا و اعتزازا بالتاريخ النضالي الحافل للشهيد الوزير القائد الفلسطيني الفتحاوي الكبير ، كما أكتب عطفاً واستكمالا للجزء الأول لمقالي السابق الذي أهديه إلى الأجيال الوطنية اللاحقة لمواصلة المسيرة الوطنية و الفداء على درب العظماء الأحرار .

إن حياة زياد ابو عين "ابو طارق" ما هي إلا حياة الثوار عُشاق الأوطان ، و تتمحور تلك الحياة النضالية دائما حول النضال و الدفاع عن فلسطين أولا و أخيرا ، ولذلك فإن حياته أشبه ما تكون بالمعركة المُستمرة طويلة الأمد ، والتي تخلو من نعيم الحياة العادية لجنس البشر، ولذلك فهي حياة قاسية ليست بالسهلة نهائيا ، إلا أن الثائر الوطني الحُرّ يستمتع و يتلذذ بتلك الحياة الوطنية الكريمة ، لأن الحرية هي غداء الروح و الجسد لثائرنا العظيم ولهذا يستمر في تلك الحياة حتى النهاية لتحقيق الانتصار العظيم وصولا للحرية و الاستقلال .

لقد كانت حياة "ابو طارق" داخل السجون الاسرائيلية العنصرية بمثابة حياة البطل العظيم الذي لا يركع لغير خالقة الأعلى ، و رغم الألم و المعاناة و قسوة السجّان الهمجي إلا أن "زياد ابو عين" لا يُذل و لا يُهان ، حيث استطاع زياد ابو عين أن ينتصر بإرادته الفولاذية على سجّانه المقيت ، و تمكن من تحويل آلام السجن الضيق العنصري إلى أهازيج و سيرة ملحمة وطنية للحرية شعارها الصمود و التحدي ، كما استطاع أن  يحّول ظلام السجن الأسود الحالك برفقة زملائه إلى قلعة من قِلاع الحرية لتخريج المناضلين الأبطال ، كما أنه تحمّل الأذى و صبّر على ظلم السجّان الإسرائيلي الغاشم .

نظراً للكم الهائل من الحقد الأسود والغطرسة البربرية للاحتلال الإسرائيلي الغاصب للأرض الفلسطينية ضد شخص زياد ابو عين الذي أقام الدنيا و أسقطها بقوة الحق الفلسطيني الراسخ على رأس إسرائيل ، فإن إسرائيل و بعد أن ترجّل البطل الفلسطيني العظيم أسيراً مُكبلا بالأغلال و القيود بمساعدة أمريكا الظالمة ، ونتيجة لذلك فقد انتشى الصهاينة غِلاً و حقداً أسودا بأسرهم البطل الفلسطيني غدرا و خيانة بعدما عجزوا عن مواجهته في ساحات الوغى و القتال .

انتشى قادة إسرائيل النازية بعدما أصابهم الجنون و الهستيريا بالخبّل و التخرّيف لدرجة أنهم حكموا على أسير الحرية بالإعدام دونما أدنى ذنب ، حكموا عليه بالإعدام لأنه تمسّك و طالب بحقه في الوجود على أرض آبائه و أجداده منذ الأزل ، و بعد صولات و جولات مع فريق الدفاع العالمي بقيادة "كلارك" الذي تطّوع للدفاع عنه تم الحكم عليه "بالمؤبد" مدى الحياة ، لقد تم ذلك الحكم المُتعجرف وفقاً لقانون "تامير" الذي تم إيجاده خصيصا للحكم على زياد ابو عين و أمثاله ، وتم ذلك الحكم الظالم دونما أدنى اعتراف بأي تهمة من الفلسطيني البطل زياد ابو عين .

لذلك فقد أمضى زياد ابو عين ما يقارب من أكثر من خمسة عشر عاما من حياته داخل السجون و الزنازين العنصرية السوداء ، علماً بأن تلك الفترة الزمنية للشهيد داخل الأسر كان قد قضى أغلبها رزمة واحدة و الجزء اليسير قضاه بصورة مُتفرقة ، و رغم ذلك فقد كان الأسير البطل آنذاك بمثابة القدوة الوطنية لزملائه داخل السجون العنصرية ، حيث كان زياد يواسي السجناء الأخرين و يقوي عزيمتهم ويحثهم على الصبّر لتحقيق النصر " لأن النصر صبر ساعة " ، كما كان يشد من أزرهم مُطالبا إياهم بعدم إظهار الاستكانة أو اليأس أمام السجّان الغاشم ، كي لا يشعر ذلك السجّان المقيت بأنه كسر إرادة فرسان الحرية و نال من عزيمتهم .

"إن بعد العُسر يسرا" ، ولذلك فقد حدّث لاحقا أن تم الاتفاق مع العدو الاسرائيلي وفقا لعملية تبادل للأسرى مع حركة "فتح" على إطلاق سراح زياد ابو عين عام 1983م برفقة الأسرى الآخرين .

ومما جديرٌ ذكره هنا بأن تلك العملية لتبادل الأسرى تُعتبر الأكبر في التاريخ الفلسطيني قاطبةً ، حيث تم إطلاق سراح آلاف الأسرى آنذاك و كان زياد على رأس قائمة الأسرى المحررين ، ولكن !!

و بالرغم من ذلك لم يتحرّر الأسير البطل لأن إسرائيل قامت بإعادة اختطافه مُجدداً من مطار اللد أثناء اللحظة التي كان ينوي ترحيله إلى مطار القاهرة و الإفراج عنه ...

نعم ... تلك هي إسرائيل التي لا تحترم العهود أو المواثيق الدولية ، لقد اختطفته مُجددا بعدما تم تبديله بسجين أخر ، مما أوجد أزمة دولية كبرى آنذاك بين "م . ت . ف" و إسرائيل و الصليب الأحمر الدولي .
و على إثر ذلك توجه رئيس الصليب الأحمر الدولي إلى إسرائيل و اجتمع مع "اسحق شامير" رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك ، وطالبه بالإفراج الفوري عن الأسير الفلسطيني زياد ابو عين ، ولكن شامير رد بالتعنت و التعسف الاسرائيلي المعهود عن دولة الكيان العنصري المسخ بعدم الاعتراف بعودة الحق إلى أهله ، حيث أبلغه بأن إسرائيل قامت بتبديل السجين زياد بسجين أخر وأنها لا تحترم العهود مع الفدائيين الفلسطينيين .

نتيجة لذلك فقد توجه الصليب الاحمر الى "جنيف" ، و على ضوء ذلك فقد صدّر قراراً لمجلس حقوق الانسان لإلزام إسرائيل بالإفراج الفوري عن "زياد ابو عين" ، وللعلم فقد كان القرار بإجماع دولي ما عدا إسرائيل و أمريكا كالعادة ، ورغم ذلك فقد ضربت إسرائيل المدعومة بأمريكا كل تلك القرارات عرض الحائط !!

"ولكن ربك بالمرصاد ! حيث كان للفلسطينيين قرارهم الخاص لضمان الإفراج عن "زياد ابو عين" و إخوانه الأسرى في ظل ذلك التعسف البربري الاسرائيلي" .
لقد كان لايزال في يد الثورة الفلسطينية جنديين اسرائيليين أخريين ممن أسرتهم حركة فتح سابقا ،و كانوا بيد الجبهة الشعبية أحمد جبريل جراء مساعدتهم لأبطال حركة فتح في التمويه لنقلهم من الجنوب اللبناني إلى بيروت ، و لم تشملهم صفقة تبادل الأسرى السابقة .

قواعد اللعبة تغيرت بعدما فطن العقل الفلسطيني للمكر الاسرائيلي الذي لا يلتزم بالعهود أبدا ، ولذلك حدّث الفرّج و تم الإفراج عن البطل "ابو طارق" في صفقة جديدة لتبادل الأسرى تم عقدها مع "المبعوث النمساوي" ، و نصت على أن يتم اختيار أسماء ثمانية عشر "18"  أسيرا للإفراج عنهم من طرف القيادة العامة دون تدخل إسرائيل ، وبالفعل كان زياد ابو عين أول أسماء القائمة بالإضافة إلى إخوانه الأخرين الذين كانت إسرائيل ترفض الإفراج عنهم دائما .

و مما جذيرٌ ذكره هنا بأن صفقة تبادل الأسرى تأخرت عدة سنوات بسبب تمسك القيادة الفلسطينية بالإفراج عن زياد ابو عين و كانت اسرائيل دائما ترفض ، ويوم أن وافقت اسرائيل على الافراج عنه فقد أعادت اختطافه من المطار مرة أخرى ، ولكن إسرائيل أخيراً لم تستطع ممارسة الخِداع مُجدداً لأن الشرط كان واضحا بالأسماء المنصوص عليها ، وكان "زياد ابو عين" أول اسم مشروط  لتحقيق عميلة التبادل .

عموما حدث ذلك في عام 1985م ، و خلال عملية تبادل للأسرى كان "زياد ابو عين" أول من تم الإفراج عنه رغم أنف إسرائيل ، ولكن أين ذهب البطل بعد الإفراج عنه ؟

تمعنوا جيدا في هذه اللحظة الفارقة (الإفراج) لأنها أحد المحطات و المواقف الرجولية ذات الصبغة الوطنية الهامة التي ستُخبركم عن الكاريزما العظيمة للشهيد القائد الوطني الكبير ابو طارق ...

لقد صمم زياد ابو عين على البقاء داخل فلسطين المحتلة بعد الإفراج عنه ، و رفض الخروج خارج الوطن رغم الخطورة الشديدة على حياته ،ولكنه مع ذلك فقد فضّل البقاء داخل فلسطين رغم تحذير القيادة الفلسطينية له مسبقا ، ولكن لأن اليهود هم اليهود لا دين و لا ملة أو عهد لديهم لأنهم دائما ينقضون العهود و المواثيق الانسانية أو السماوية ، فقد اعتقلوا زياد ابو عين بعد شهرين فقط من إطلاق سراحه .

هنا أؤكد بأن المجد يركع تحت أقدام الفلسطيني الوطني العظيم زياد ابو عين ، أتعلمـون لمـاذا ؟

لأنه بكل بساطة و بلغة العقل و المنطق فإن زياد ابو عين "ابو طارق" عاش حياة قاسية و مريرة داخل السجون الإسرائيلية و الأمريكية ، كما أن حياته خارج السجون تعتبر حياة المقاتل التي تتسم بالكرّ و الفرّ أثناء الكفاح مع العدو الإسرائيلي (حياة بعيدة عن الاستقرار و الأمان) ، أي أنها حياة صعبة جدا و قاسية وتختلف عن حياة الانسان العادي نهائيا .

لذلك عندما تم الإفراج عنه مؤخراً آنذاك فقد طلبت منه القيادة الفلسطينية الخروج خارج الوطن خوفاً على حياته الخاصة و ليقود النضال من مكان أخر ، ولكنه رفض النفي و حياة اللجوء خارج الوطن الأم فلسطين ، و أصر إصراراً عظيما على البقاء داخل أرض وطنه فلسطين الحبيبة .

نعم ! لقد صمم و فضّل البقاء داخل وطنه بالرغم من أنه كان يعلم علم اليقين بأن إسرائيل ستُعيده إلى السجن مرة أخرى تحت حجج واهية !!

بلغة العقل و المنطق فإن الانسان العادي أو الطبيعي في مثل ذاك الموقف و بعد كل تلك المعاناة و الأهوال فإنه بالتأكيد كان سيختار مكانا بعيدا عن يد الأعداء ليستريح قليلا من كوابيس الأهوال التي عاشها بأم عينيه ، ولينعم برغد الحياة و الشهرة و استلام النياشين أو الجوائز البطولية ، وأقل القليل أن يجلس في مكان آمن بعيدا عن الظلم الإسرائيلي للتسرية عن نفسه و ليتنسم عبير الحرية بعيدا و خارج السجون العنصرية .

ولكن ذلك الخيّار الواقعي لم يكن في ذهن زياد ابو عين بالمُطلق ، وفضّل البقاء و النضال فوق أرض فلسطين مهما كلف الأمر !‍!
لذلك هل عرفتم لمـاذا يركع المجد تحت أقدام الفلسطيني الوطني العظيم زياد ابو عين ؟!

الله ! الله ! ثم الله ! هنا تتجلى العظمة و الشموخ و الكبرياء الوطني و التحدي والارادة و العنفوان الثوري ، و قل ما شئت من الصفات الجميلة ذات المفردات الوطنية العظيمة لتصف المشهد الوطني و الكاريزما الخاصة لزياد ابو عين في تلك اللحظة .

إفتخر و قُل ما شئت و أغدق مديحك شعراً أو نثرا على الفلسطيني الوطني العظيم "زياد ابو عين" ، أنعم عليه ما تشاء من ألقاب .. لأنك مهما قلت فستبقى الحقيقة العظيمة أعظم من كل الألقاب ، لأنه هنا في مثل تلك اللحظة أو الحدّث الكبير تظهر المعادن النفيسة للرجال والقادة الأبطال على حقيقتها ، و في مثل ذلك الموقف العصيب تتجلى عـظمة الأبطال المغاوير و القادة الشجعان فقط دون غيرهم .

" لأجل ذلك فإن العظمة تتواضع أمام عظمة زياد ابو عين ، كما أن المجد تنحني هامته إجلالاً و تعظيما للفلسطيني العظيم ".

الله الله الله ! أي عظمة وشموخ و كبرياء تلك التي تتمتع بها أيها العظيم ذو النفس الشماء ؟ ، فعلا أنت البطل العظيم الذي عشقتك الأرض و ربحتك السماء ! و لذلك طـوبى لك أيها العظيم الخالد !

إن حياة وسيرة البطل زياد ابو عين النضالية تحتاج إلى كتب و مجلدات للخوض في تفاصيلها ، ولكنني اختصرت الصفحات المُضيئة للبطل لأكتبها سطوراً نورانية تشع بالفخر و العظمة الوطنية ليسجلها التاريخ بماء الذهب تخليدا لزياد ابو عين الخالد العظيم في ذكراه العظيمة .

لذلك لم و لن أبالغ أبدا عندما كتبت ما كتبت أعلاه لأنني لم أسجل بقلمي سوى الحقيقة بنورها الساطع ، ومهما كتبت الأقلام مِدادا فلن تُعطي البطل "ابو طارق" حقه ومجده الوطني الذي يستحق ، ولذلك أؤكد مرارا بأن " المجد يركع تحت أقدام "زياد ابو عين " ، لأن تلك حقيقة ساطعة و ليست مجازا بلاغيا لمجرد الكتابة ، لأن زياد ابو عين و أمثاله هم من يصنعون المجد و السؤدد و يكتبون التاريخ بمواقفهم و أفعالهم و قراراتهم الوطنية التاريخية ، و حيث أن المجد يصنعه العظماء فقط  فلذلك يخرّ لهم ساجدا متواضعا عرفانا بما قدموه في حيواتهم الخاصة لأوطانهم و شعوبهم .

لذلك " طـوبى و ألف طوبى لك جنة الرضوان و الفردوس الأعلى أيها الشهيد الخالد " ، و ستبقى يا زياد محفورا راسخا في أخاديد العقول الوطنية و مُتربعا على قلوب جميع الأحرار و الثوار العاشقين لفلسطين الحبيبة .

"العاشر من ديسمبر" هو يوم الجائزة الكبرى التي حصدها ابو طارق تتويجاً لمسيرة حياته الخاصة و تضحياته الوطنية ، لأن شهيدنا البطل عاش جُل حياته من أجل الأرض الفلسطينية و الدفاع عنها لعدم مصادرتها و تدنيسها من طرف الغاصب المحتل و تحقيقا للحرية و الاستقلال ، ولذلك نال الوسام الأعظم الذي لا يناله أحداً على هذه الأرض سوى الشهداء " شهيدا .. شهيدا .. شهيدا " .

ذلك اليوم أمام مرأى ومسمع العالم أجمع ، وقف فارسنا العظيم جبلاً راسخا في وجه أعداء فلسطين حِفاضاً و دفاعا عن الأرض المُقدسة و حاربهم مُقبلاً غير مُدبر ، و اشتبك معهم بالأيادي مباشرة ليترجّل فارسنا أخيراً عن صهوة النضال الوطني ، حيث صعدت روحه الطاهرة راضيةً مرضية إلى بارئها في السموات العُلا بعدما احتضن الثرى الخالد جسده الوطني العظيم .

ذاك اليوم غاب الجسد و ما غابت الروح العظيمة لزياد ابو عين الثائر الفلسطيني الحُر ، لأن روح الشهيد الخالد لازالت ترفرف من حولنا و تحمي أرضنا و نستمد منها العزم و الإصرار لمواصلة الكفاح لتحقيق النصر الوطني المؤزر ، كما أننا نهتدي بأمجاد و سيرة الشهيد العظيم لمواصلة المُضي قُدما نحو تحرير الأرض وتحقيق  الحرية و الاستقلال .

العهد هو العهد و القسم هو القسم أيها الشهيد العظيم زياد ابو عين ، أنتم السابقون و نحن لكم اللاحقون أيها الشهداء الأبرار الميامين !

عهداً و وفاءً للشهيد القائد الثائر الحُر ،و عهداً لروحه الطاهرة التي نستمد منها القوة و العزيمة أن نستمر في الكفاح و مواصلة مسيرة الحرية و الاستقلال حتى تنتصر روح الشهيد و تستكين فرحا في العلياء برؤية علم فلسطين يرفرف خفاقاً عاليا فوق مآذن و كنائس القدس الشريف ...

لذلك تمر علينا كل عام في مثل ذاك التاريخ الذكرى السنوية لإستشهاد القائد الوطني العظيم "زياد ابو عين" ، و في ذكراه العطرة نحتفي بأمجاده الخالدة وفاءً و تخليداً لبطولاته الوطنية ، نحتفي بذكراه المُعبقة بنسيم الحرية على درب ملحمة الاستقلال الوطني لتسير الأجيال الوطنية على نفس درب الحرية و التحرير استكمالا لإنهاء الاحتلال و إقامة دولة فلسطين المستقلة .

وفاءً و تخليداً للشهيد الخالد فقد احتفت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فـتـح" بقيادة قائد المسيرة الوطنية نحو الدولة المستقلة السيد الرئيس محمود عباس "ابو مازن" بالذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد الوطني العظيم "ابو طارق" زياد ابو عين ، و تم الاحتفاء بالشهيد البطل من خلال مهرجان وطني في مدينة رام الله بحضور شعبي و رسمي من أبناء الشعب الفلسطيني و مُحبي و أصدقاء ابو طارق الذين عاصروه في الكفاح و النضال الوطني .

هذا و قد ألقى كلمة السيد الرئيس بالإنابة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول "ابو جهاد" حيث عدّد مناقب الشهيد الراحل وسيرته الوطنية ، مُعاهدا إياه على مواصلة النضال و الكفاح حتى إنهاء الاحتلال و إقامة دولة فلسطين المستقلة .

خلافاً لذلك و من خلال كلمة وطنية مُعبقة بالشجون الوطنية استذكارا لمآثر و مناقب الشهيد الوطنية و سيرته العطرة ،  فقد أعلن الناطق الرسمي لحركة فتح و رفيق درب الشهيد العظيم و رئيس مؤسسة الشهيد زياد ابو عين السيد "أحمد عساف" عن إطلاق تلك المؤسسة تكريماً و وفاءً و تخليداً و عرفانا وطنيا للشهيد الوطني الفلسطيني  الكبير "ابو طارق" .

وكان الإعلان عن إطلاق المؤسسة خلال الإحتفاء الوطني بالذكرى السنوية الأولى للشهيد الخالد الذي أفنى جُل حياته مدافعا عن القضية الفلسطينية في مختلف ساحات النضال ، ولذلك فقد تم إنشاء تلك المؤسسة بعدما تمت إجراءاتها القانونية و بمباركة السيد الرئيس "ابو مازن" ، و لهذا فقد تم الإعلان عنها في ذكرى استشهاد العظيم ابو طارق كتخليد لذكراه الطاهرة  و مواصلة درب الحرية استكمالا لمسيرته الوطنية .

و مما جديرٌ ذكره بأن أهداف مؤسسة "الشهيد زياد ابو عين" تعتبر أهدافا وطنية خالصة كما أوضح الأخ القائد " أحمد عساف " رئيس المؤسسة ، و تتمثل تلك الأهداف بالإضافة إلى تخليد ذكرى الشهيد الوطني العظيم بما يلي :

1 – المؤسسة ستعمل استكمالا لمسيرة الشهيد العظيم ، أي أنها ستعمل على حماية الأرض التي استشهد دفاعا عنها شهيدنا البطل الكبير ، و ستعمل على تحقيق ذلك بالتعاون مع جميع الجهات ذات العلاقة بحماية الأرض .
2 – المؤسسة ستقوم بتقديم الدعم للأرض المُهمشة و المستهدفة من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم عن طريق رعايتها و استصلاحها و زراعتها و الحفاظ عليها من دنس الغاصب المحتل .
3- المؤسسة ستعمل على تقديم يد العون و المساعدة لأبناء شعبنا الفلسطيني المُدافعين عن أرضهم و بيوتهم و ممتلكاتهم و مقدساتهم الشريفة .

كما تم أيضاً الإعلان عن إنشاء مدرسة تحمل إسم الشهيد زياد ابو عين كتخليد لذكرى الشهيد الوطني العظيم .

هذا و تم إلقاء عدة كلمات وطنية ألقاها عدد من القادة الوطنيين الذين استذكروا مزايا الشهيد الخالد و خصاله الوطنية النبيلة ، كما عاهدوه بالاستمرار حتى إنهاء الاحتلال و تحقيق الحرية و الدولة المستقلة و عاصمتها القدس الشريف .

أذكر من أولئك القادة على سبيل المثال لا الحصر السيد الوزير "وليد عساف" رئيس هيئة مكافحة الجدار و الاستيطان و خليفة زياد ابو عين في ذلك المنصب الوطني الهام ، و قد أكد الوزير عساف أن هيئته تعمل بالتعاون مع عائلة الشهيد "ابو طارق" على وجوب تقديم قتلة الشهيد زياد ابو عين للعدالة الدولية لمحاكمتهم على جرائمهم البشعة ، كذلك ألقى السيد موفق مطر كلمة عن مفوضية الاعلام و الثقافة لحركة فتح ، بالإضافة إلى بعض النواب الفلسطينيين من داخل الأرض المحتلة .

و في كلمة مُعبرة لعائلة الشهيد ألقتها ابنة الشهيد "محار زياد ابو عين" استذكرت السيرة الوطنية الخالدة للشهيد البطل ، كما شكرت السيد الرئيس "ابو مازن" و القائمين على إحياء الذكرى الخالدة للشهيد العظيم.

هذا و قد أشاد أولئك القادة و الحضور الكريم بالدور النضالي الوطني الكبير للشهيد البطل القائد الوزير "زياد ابو عين" كما عددوا مآثره الوطنية النبيلة و سيرته العطرة ، و معاهدين إياه بمواصلة الدرب الوطني دفاعا عن الأرض الخالدة و زراعة "زيتونة زياد ابو عين" في كل أرض فلسطين لتثمر و تنتج الحرية و الدولة المستقلة .

وفي اليوم التالي لذكرى الشهيد الخالد و دفاعاً و حِفاضاً على الأرض و ترسيخاً لزيتونة "زياد ابو عين" فقد تمت زراعة أشجار الزيتون في منطقة "ترمسعيا" التي استشهد دفاعا عن ثراها الغالي الشهيد زياد ابو عين ، و قد شارك في تلك الفعالية عدد كبير من القادة الوطنيين و أبناء الشعب الفلسطيني البطل حباً و كرامة لمواصلة درب الحرية و الاستقلال على خُطى حبيب فلسطين و شهيدها الوطني الكبير زياد ابو عين "ابو طارق" .

حبيبي و نور عيني ابو طارق أيها الشهيد الوطني العظيم زياد ابو عين ! يا عاشق الأرض الغالية ؟! أخبرك اليوم كما أخبرتك يوم استشهادك لأؤكد لك بأن الأرض تعشقك و تفخر بك السماء لأنك الفلسطيني العظيم .

ما أعظمك حبيب فلسطين الخالد !  نم قرير العين أيها الحبيب العظيم لأن زيتونتك الفلسطينية العظيمة التي زرعتها و رويتها بدمائك و روحك الطاهرة قد أثمرت قناديلا في السماء تهتدي بنورها أجيال الحرية و يسير على دربها الأحرار العظماء وصولا للحرية و الاستقلال .
كما أثمرت زيتونتك الوطنية أبطالاً و عُشاقا للحرية و الأوطان ، لقد عاهدوك بأنهم لن يكلّوا أو يملوا و لن يهدأ لهم بال إلا و رايات الحرية و علم فلسطين خفاقا عاليا فوق القدس الشريف .

زياد ابو عين "ابو طارق" لا و لم و لن ننساك أيها القائد الوطني الحُر العظيم ، لن ننساك يوما "زياد" لأن العهد هو العهد والقسم هو القسم ، عهدنا لك أيها الشهيد العظيم بأن نسير على خُطاك و نستكمل مسيرتك للدفاع عن أرض فلسطين المقدسة و نيل الحرية و الاستقلال .

لم و لن ننساك أبدا ! لأننا للعهد و القسم محافظينا ولتحقيقه سائرينا حتى النصر أو النصر ، وسنستمر قُدماً لمواصلة المسيرة الوطنية خلف ابن فلسطين البار السيد الرئيس محمود عباس "ابو مازن" لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين الحبيبة وعاصمتها القدس الشريف مهما بلغت التحدّيات و عظمت التضحيات.

أيها الشهيد الفلسطيني العظيم ! طـوبى و هنيئاً لك المجد والخلود في جنات النعيم و الفردوس الأعلى ، هنيئاً لك الشهادة المُقدسة الخالدة أيها الشهيد الوزير الفلسطيني الفتحـاوي القائد العظيم و الثائر الوطني الحُر .

سـلامٌ لك وسلامٌ عليك وسلام إلى روحك الوطنية الطاهرة ، وسلامٌ لك يوم تُبعث حيا ، رحمك الله وإخوانك عُـظماء فلسطين العظيمة وحركة فـتـح الحبيبة ، ودائما طـوبى لك أيها القائد الفلسطيني العظيم زياد ابو عين !