محمد القيق... وحدك تقف على باب الموت المؤجل

بقلم: 

منذ 74 يوما، يرقد محمد القيق على سريره في مستشفى العفولة، مسطرا ملحمة جديدة في تحدي أخر للاعتقال الإداري الجائر، ضارباً بعرض الحائط مجريات التدهور الصحي الذي بلغ ذروته الى حد الموت. ومازال وسيبقى مصراً على التمسك بإرادته ليبرهن بجلده وإيمانه للعالم أجمع مقدار فحولته على حساب خنثهم وأنوثتهم.
محمد، كما عرفناك، ليس بالغريب أن تطل علينا ببسمتك المعتادة، وليس غريبٌ أن يعلو صوتك الخافت ليزلزل مسامعنا، وليس بالأمر المستهجن أن يطال نعلك الذي تركته قبل 74 يوما وجوه أعدائك وسجانيك. كنت اعرف أنك لن تنقض عهدك ولن ترضخ، وستمضي قدما نحو وعدك وما عزمت عليه وحدك. وأخذت في سريرتك حبلك السري المتمثل بالإيمان ميثاق بينك وبين رب العرش وأودعته سريرتك وحدك.
اعتدنا على سماع قولك نحن صحبك (يا راجل ما بيقطع الرأس الا الذي ركبه)، هذا هو إيمانك انتصارك الأول وبعون الله ومشيئته سيكون انتصارك على جلاديك وكسر القيود والأصفاد التي تشد معصميك وتلف جسدك النحيل، وستخلع عنك ردائك الأزرق لتخرج الينا بزيك المرصع بياقوت العز ومرجان الفخار وعلى جبينك نياشين النصر.
محمد عذراً، نحن لا نكتب عنك ولا عنا ولا نحمل لك الرسائل، فأنت أعظم، أنت الصحفي فينا الذي يكتب ويحرر النصوص ليصطاد الحقيقة، أنت من تبعث لنا ولهم وللعالم أجمع كل لحظة، حقيقة بحجم صمودك الاسطوري، وكلمة بإرادة الفعل العظيم تبرق الرسائل وتخطها بصبرك على جدران معدتك المتعطشة للحرية.
محمد ورغم لظى الجوع، ما زلت تبعث لنا الأمل من هناك المكان الأغلى، من الجزء التاريخي لأرض فلسطين.. فنسمع همهمات روحك وهي تقول: ما أهون الموت في سبيل الحرية على ارضي الطهور. وما أجمل النسائم رغم البطش والظلم والجوع والجور. ويا لهواء أتنفسه يفوح بالحرية، قادم من شطئان الحلم يداعب وجنات روحي فلا عليكم.
أيها الفارس نريد أن تترجل حراً شامخاً عن صهوة جوادك لنلتم حولك، فتحدثنا عن هامتك عن اسطورة التحدي التي انبعثت في داخلك وحاولت أن تبعثها في نفوس أبناء شعبك، تحدثنا عن إرادتك وإصرارك. عن وهن هذا السجان وضعفه أمام جبروتك وأنت المكبل. الكل سينصت لك حتما. فالكل ينتظر عودتك بفارغ الصبر ويتضرع الى الله أن يهون عليك محنتك.
محمد، انهض فوحدك تجابه الظلم وتتحدى الهوان وتقارع الألم، الكل يترقب، نعم. البعض منا يقف في اعتصام تضامني نعم. البعض يتابع أخبارك وعلى عجلة يقف أمام خبر حول وضعك الصحي، نعم. ولكن يا صاحبي سبق عدلك سيفهم فوحدك تقف على ناصية الجرح.
نعم لا بد أن تنهض. ترجل يا طود الحقيقة. فوحدك من ينتظر احدى الحسنيين. وأنت وحدك من يستحق الحياة، ووحدك الذي يستطيع ان يقرأ علينا الفاتحة. أنت وفيٌ، فمن المؤكد أنك ستحمل توابيتنا وتقرأ على ارواحنا السلام... انهض أخي. انهض من أجل روايتك ..من أجل الحقيقة انهض.. لعظمة تاريخنا انهض، فأنت المنتصر حتما.