مدخل لحلّ أزمة إضراب المعلمين...!!

بقلم: 

مكابر كل من ينكر أن تحدياً كبيراً يواجهه طرفا الصراع النقابي الذي يخوضه المعلمون الفلسطينيون حالياً، فمن ناحية الحكومة الفلسطينية فإنها تعاني ضغطاً شعبياً لا سابق له يتمثل في إضراب قطاع عريض وحسّاس وربّما ثاني أكبر قطاع حكومي بعد الجهاز الأمني بتفرعاته، ومما يزيد التحديات أمام الحكومة الفلسطينية أن حراك المعلمين مازال متماسكاً ومتمسّكاً بمطالبه بعد أسبوعين متواصلين من الفعاليات الاحتجاجية، إلى جانب التنظيم العملاني والانضباط الأخلاقي الذي يواكب فعالياته والذي يزيد من شعبيته ومن التعاطف معه شعبياً ومؤسساتياً، حيث أنه وفي مثل هكذا حراكات جماهيرية في بعض الدول يلجأ المتظاهرون إلى الاعتداء على رجال الأمن وتخريب ممتلكات الحكومة وهذا ما لم يحصل ولن يحصل لسببين وهما: أن المعلم الفلسطيني يمثل الواجهة الأمامية للنضال الوطني من خلال منظومة الأخلاق الدينية والوطنية والاجتماعية التي لا ينتمي إليها فحسب بل والتي أخذ على عاتقه غرسها لدى الأجيال، هذا من جانب وفي الجانب الآخر فإن مواجهة المعلم لرجل الأمن الفلسطيني يعتبر من المحرمات ومن المحظور جداً المساس بها، وذلك لأن أغلب المعلمين يرى في رجل الأمن الفلسطيني أحد أهم مقدّرات الشعب الفلسطيني وطاقاته البشرية المحظور قطعياً المساس بها إلى جانب المؤسسات الحكومية التي تمثل نواةً للدولة التي ننشد.
وقد أضاف تعاطف القطاعات الشعبية المختلفة مع المعلمين سواءً من قبل المؤسسات والاتحادات وأولياء أمور الطلاب أضاف زخماً لاحتجاجات المعلمين وضغطاً إضافياً على الحكومة الفلسطينية التي تواجه تحديات جمّة كانسداد أيّ أفق للحل الدائم مع العدو الصهيوني، إلى جانب فاتورة الانقسام الباهظة، والعديد من القضايا الداخلية ليس أقلها تأمين فاتورة الرواتب الشهرية لموظفيها والتي باتت تتجاوز الـ200 مليون دولار شهرياً.
أمّا التحديات التي يواجهها المعلمون فتتمثل في غياب هيئة منتخبة ومتفق عليها من جانب المعلمين وفي ذات الوقت معترف بها من جانب الحكومة، في ظل استقالة أمين عام اتحاد المعلمين، فيما تبدو سلة المطالب التي يقتنع بها المعلمون من أجل العودة إلى مدارسهم تبدو غير واضحة في شكلها النهائي، هذا إلى جانب اتساع مدى المطالب والتي يعرف المعلمون أن الحكومة تعجز عن تلبية بعضها من الناحية العملانية وصعوبة صياغتها بشكلها النهائي في زمن قياسي يفضي بالأومة إلى الحل.
وفي ظل غياب أيّ أفق للحل، وفي ضوء بعض المحاولات الخبيثة لركوب موجة احتجاجات المعلمين لتضييق الخناق على الحكومة لأغراض متعددة يعلمها الجميع، وفي ظل غياب أي محاولات للتدخل من أطراف ثالثة بهدف الوساطة فإنني أقترح ما يلي كمدخل للحل كاقتراح قابل للنقاش بين الأطراف ليس إلا :
أولاً: انتخاب ممثلين عن المدارس ينتخبون ممثلين عن المحافظات لتشكيل هيئة مؤقتة وبصورة ديمقراطية تشرف عليها هيئات مستقلة تكون مقبولة من المعلمين والحكومة في غضون أيام.
ثانياً: يصوغ أعضاء هذه الهيئة سلة مطالب المعلمين النهائية بالتشاور مع المعلمين كل في موقعه
ثالثاً: تنتهي صلاحية الهيئة الممثلة للمعلمين في موعد أقصاه أربعة أشهر، ولا يحق لأعضائها الترشح لانتخابات اتحاد/ نقابة المعلمين القادمة والتي يفترض أن تتم قبل نهاية أيلول من العام الحالي 2016 على أبعد تقدير
رابعاً: يعود المعلمون للدوام حتى نهاية الحصة الرابعة حتى تصرف الحكومة راتب شهر شباط متضمنا الـ2.5 % والتي كانت مستحقة من اتفاق 2013 بين الحكومة واتحاد المعلمين إلى جانب صرف 50% من المستحقات المتأخرة عن العامين السابقين مع راتب شهر شباط الحالي أيضاً مهما بلغت فاتورتها خصوصاً وأن البنوك الفلسطينية استعدت لإقراض الحكومة المبالغ التي تحتاجها لفض أزمة إضراب المعلمين في ضوء قرب استلام الحكومة للمنحة الجزائرية
خامساً: يعود المعلمون للدوام المعتاد حتى نهاية آذار كمهلة حيث يتلقى المعلمون الـ50 % من مستحقاتهم المتبقية على الحكومة من اتفاق 2013 مع راتب شهر آذار (بداية نيسان)
سادساً: يتم فتح الدرجات وإقرار أدنى مربوط الدرجة وما يترتب عليهما ماليا في موعد أقصاه راتب شهر نيسان (بداية حزيران)
سابعاً: تجرى انتخابات حرة ونزيهة وبالاقتراع المباشر لانتخاب أمانة عامة لاتحاد/نقابة معلمين في موعد أقصاه مطلع العام الدراسي القادم (بدايات أيلول 2016)
ثامناً: تعترف الحكومة الفلسطينية بالأمانة العامة المنتخبة وتتفقان على بنود قانون خدمة مدنية يتم إقراره والاعتراف به من الطرفين يتضمن اعترافاً صريحا بالتعليم كمهنة وكذلك جدولاً لغلاء المعيشة، وعلاوة سنوية تحفظ للمعلم عيشاً كريماً، وحل جميع القضايا العالقة من مواصلات ومفصولين في موعد أقصاه نهاية الفصل الدراسي من العام الدراسي2016/2017.
تاسعاً: لا يتم تعويض أيام الإضراب ولا تمديد العام الدراسي على أن ينهي المعلمون المقررات الدراسية في المنهاج ضمن خطط يقررونها هم تكفل بإتمام النهاج منتصف أيار على أبعد تقدير.
عقبة فالح طه / مدير مدرسة ذ. قراوة وكفرعين الثانوية