بلدة نفطية تخلوا من إنارة الشوارع

بقلم: 

استيقظ أهالي رنتيس بين عشية وضحاها وكأنهم ولدوا وفي فمهم ملاعق من ذهب، فلقد اكتشف الأهالي سرقة الاحتلال لبئر نفطي كبير احتمى في أحشاء أراضي القرية لمئات السنين، منذ ذلك الوقت عاش "الرنتيسيون" أحلام ما بين الخيال والواقع؛ فكيف لا والحديث عن مليار ونصف المليار براميل من النفط.

في العالم الافتراضي  شقّ الخيال طريقه عبر شبكات التواصل الاجتماعي، للحديث عن الثروة النفطية واستطرد البعض في تخيّل أهالي رنتيس وقد ركبوا الجيبات الفارهة وتركوا اللباس التقليدي واتجهوا لارتداء الدشاديش في إشارة للباس التقليدي لأهل الخليج النفطي، أحلام قادت بعضهم لتقديم طلبات توظيف أو حتى طلب استصدار تأشير دخول للدولة النفطية الوليدة حتى وإن كان كل ذلك من قبيل النكات، أمّا الرنتيسيون المغتربون في الخارج ومن قبيل التفكير الاقتصادي أخذ القضية على محمل الجد، ذهب البعض منهم لتأجيل بيع أرضه في رنتيس، توقعًا منه أن ثمن الأراضي هناك سيتضاعف.

في لغة الجد سارعت عشرات وسائل الإعلام لصناعة تقارير متلفزة ومكتوبة عن كميات النفط، وأصبحت رنتيس نموذج يقدم لسرقة الاحتلال لثروات الفلسطينيين، وبقي تعاطي أهالي رنتيس وعموم الفلسطينيين مع القضية في إطار المزاح، حتى تكرر ذكر نفط رنتيس على لسان الرئيس ورئيس الوزراء الذي ربط تحسين المستوى المعيشي للمعلمين بالنفط الرنتيسي، بل تجاوز الأمر حد التصريحات إلى نشر الحكومة لعطاءات تنقيب واستخراج للنفط الرنتيسي!

يعي الفلسطينيون جيدًا والرنتيسيون منه،م أن القضية تتعلق بالاحتلال الذي ينهب كل الأراضي، ولا تقتصر على سيطرة بئر نفطي أو حتى مائي، لكن قرية رنتيس النفطية من البلدات الفلسطينية القليلة التي لم يصلها في القرن الواحد والعشرين حتى اللحظة مشروع إنارة للشوارع، فهل يعقل أن قرية نفطية ستزود افتراضيًا محطات توليد الكهرباء بالوقود، غير قادرة على إنارة شوارعها، سمع الفلسطينيون كثيرًا عن تعزيز صمود المناطق الحدودية والمهمشة، فهل تعلمون يا سادة أن رنتيس واحدة من تلك البلدات، وتقع على حدود عام 67، أي أنها على حدود الدولة التي ينشدها أصحاب اتفاق حل الدولتين، وربما قد تكون في أي لحظة معبرًا بريًا!

في مقايس الزمن المتسارع، يبدو أن حلم الرنتيسين وأمثالهم من القرى والبلدات المهمشة بشوارع نظيفة وإنارة شوارع ومشاريع تنموية تعيدها إلى خارطة الحياة، بدل التركيز على مراكز المدن التي يعبَّد فيها الطرق في العام الواحد أكثر من مرة، فيما أكبر أحلام القاطنين هناك على حدود النفط، تأهيل شارع.