إضراب النقل بين المشروعية وعدمها

 تقرير: سجى نصرالله

خاص لزمن برس

رام الله: طفت في الاونة الاخيرة أزمة جديدة وهي ازمة النقل والمواصلات، وارتفاع اسعار المحروقات، والاضرابات المتتالية، والتهديد بالتصعيد، وبالفعل شلت حركة النقل يوم الاثنين، 10-9-2012، ارجاء الضفة الغربية، واعلنت النقابة اضرابها وتوقفت البلد عن اشغالها واعمالها.

بعد ذلك أعلن رئيس الحكومة" سلام فياض" عن تخفيض سعر السولار، وإرجاعه الى ما كان عليه في شهر أب، وهذا ما لم يهدأ موجة الاحتجاجات، فاعلنت نقابة النقل عن استمرار الاحتجاجات، وتصعيدها.

في المقابل أعلنت الحكومة أنها ستلجأ للقضاء في حال استمرت النقابة في خطواتها الاحتجاجية، بدعوى ان اضراب النقابة غير قانوني، وبعد ذلك بيومين وصل الطرفان، أي الحكومة والنقابة الى تسوية، واعلنت النقابة وقف التصعيد في خطواتها الاحتجاجية، مع ان المتابع للوضع يرى أن مطالب النقابة لم تستجاب! فلماذا أوقفت الاضراب ؟ هل تهديد الحكومة باللجوء للقضاء هو السبب في ذلك؟

في هذا الصدد يقول رئيس نقابة تكسيات العمومي" جواد عمران"، انه على ما يبدو أن الحكومة هذه المرة جادة في الحوار، وهذا ما دفع النقابة الى الغاء الاضرابات، والقيام بمحادثات مباشرة مع الحكومة.

وأضاف أنه تم الاتفاق على سقف زمني للحوار مدته ثلاثة أسابيع،تجري فيها محادثات ماراثونية متواصلة لـ اللجان التي شكلت من قبل الحكومة والنقابة للوصول الى تسوية .

اما عن ما تناقلته وسائل الاعلام من تهديدات للحكومة باللجوء للقضاء، فأوضح عمران أن الحكومة قالت ستذهب للقضاء للبحث في قانونية الإضراب التي كانت ستقوم به النقابة، وليس لمقاضاة النقابة في الإجراءات التي تقوم بها، وأضاف ان النقابة ردت على هذه التصريحات، "بأن المحاكم والقضاء ليست فقط للحكومة، فهي للنقابة أيضا، ومن حق النقابة اللجوء لها في حال تعدت الحكومة على حقوق النقابة المشروعة في القانون" على حد قوله.

وأكد عمران أن النقابة لا تخشى القانون أبدا، وانهم مستمرون في اضرابهم، وان النقابة تدرس القانون جيدا فهي تملك مستشارين قانونين، يتسطيعون ايجاد بدائل للاحتجاجات والاضراب.

وفي حال لم تتوصل اللجان لحلول بعد مضي الثلاث اسابيع، أكد عمران " سنستمر في الاضراب، ولن نقف عند هذا الحد، فنحن اصحاب حقوق ومطالب مشروعة، ولكن نأمل ان تسفر اللقاءات عن نتائج ايجابية.

من جهته قال مراقب المرور العام في وزارة النقل والمواصلات " محمد حمدان" ، ان الحكومة معنية بالحوار العميق والجاد مع النقابات، وان تكون لغة الحوار لا الاحتجاجات هي السائدة.

وأكد ان الحكومة تفاجئت بقرار النقابة في تصعيد اجرائاتها واعلانها عن اضراب شامل يوم الاربعاء الماضي، مع أنهم كانوا قد مضو قدما في الحوار لمدة اسبوع، وطالبوا بتمديده مدة اطول للوصول الى تفاهمات على جميع الاصعدة.

واوضح ان الحكومة هددت باللجوء للقضاء لبحث مدى قانونية الاضراب الذي دعت له النقابة، وليس لرفع دعوى قضائية عليها، وقال ان هذا الاضراب يضر كثيرا بالصالح العام، فضلا عن ان الحكومة لم تغلق باب الحوار اصلا.

واشار حمدان الى ان مشكلة الغلاء هي مشكلة عالمية، وفلسطين تأثرت بها، بالتالي الحكومة لا تملك لها حلول سحرية، وأكد ان الحكومة تعاملت معها بمسؤولية عالية، وهي فعلا جادة بإيجاد الحلول والمخارج لهذه المعضلة، وما يدلل على ذلك هو استجابة الحكومة للمطالب، واعادتها لسعر السولار الى ما كان عليه قبل شهر آب، وحينها ردت النقابات انه اجراء جيد وليس كافي.

وقال أنه تم تشكيل لجنة وزارية من اربع وزارات كرد تفاعلي مع احتجاجات النقابات، ولكن يجب ان تكون مطالب النقابة منطقية وتراعي الصالح العام.

وللخروج من دائرة القول ورد القول، والاتهام ورد الاتهام، تحدثنا مع المحلل الاقتصادي "عادل سمارة" كطرف ثالث ومتابع لهذه الأزمة، وقال ان "لجوء النقابة للتسوية بعد اعلان التصعيد، هو قناعتها بان القضاء محتوى من قبل السلطة ولن ينصفهم في حال تم اللجوء له، وهذا أمر مسلم به عند الحديث عن علاقة النقابات العمالية الكادحة مع الحكومة والقضاء فيما بينهم، ولكنه لا يجزم بأن هذا التفسير يذهب الى هذا العمق في تحليل القضية" على حد قوله.

وفي تأويل اخر، يقول سمارة ، "أنه من الممكن أن لا تكون النقابة متماسكة للحد الذي يمكنها من مجابهة الحكومة بالقانون، ومن الممكن انو تكون مليئة بالصراعات، وفي هذه الحالة من الافضل لها ان تلجأ المساومة ، لكسب المترددين في خوض الاضراب".

وأكد سمارة أن "اي اضراب تقوم به النقابات هو اضراب مشروع ولا يخالف القانون، فمن يعمل من حقه أن يضرب، ولكن ايديولوجيا السلطات الرأسمالية، هي من تناقش بمنطق هل الأضراب قانوني أم لا ؟! ".

وشكك سمارة في كون الحكومة تعيش أزمة مالية، وقال انها تعتمد بشكل اساسي على المساعدات الخارجية، وهذه المساعدات تأتي من أطراف معنية باستمرار مشروع التسوية اي مشروع "اوسلو"، ولكن تقليل المساعدات هي ورقة ضغط سياسي لجرّ الحكومة الى مفاوضات مباشرة.

زمن برس