"فلتحدد لنا حماس موعداً نهائيا! "

أكرم عطا الله-خاص لـزمن برس

هذا الصباح كتب أحد الزملاء الصحافيين على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي أن هناك عدد من الاستدعاءات من قبل الأمن لبعض مؤيدي فتح والجبهة الشعبية في مخيم البريج، ويبدو أنها على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت في المخيم الأسبوع الماضي بعد احتراق طفل في المخيم اشتعلت النار من شمعة أحرقت منزله وأتت على جسده الصغير أثناء فترة انقطاع الكهرباء.

على إثر الخبر وهول الصدمة وبراءة الضحية خرجت جماهير من مخيم البريج إلى الشوارع معلنة غضبها واستنكارها للواقع الذي تعيشه واستمرار هذه الأزمات التي يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني من لحمه الحي ودون مقابل، في تلك الليلة امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بنقل الأحداث إلى حين الاشتباكات مع الشرطة حتى تمكنت الأخيرة من السيطرة على الموقف بعد استدعاء أعداد كبيرة من قوات الشرطة و الأمن.

لم تنقل التقارير الصحفية حقيقة ماذا حدث ولا أحد من الكتاب تناول الموضوع للحد الذي دعا أحد المواطنين لشتم الصحافة والكتاب الذين ( تواطئوا ) حسب تعبيره مع الحكومة في طمس الأحداث متهما إياهم بالجبن والخوف، ومع أن الاحتجاجات انتهت وعادت الأمور إلى طبيعتها إلا أن الاستدعاءات تعيد فتح الموضوع من جديد ليس فقط على مستوى احتجاجات عادية تحدث في كل دول العالم الديمقراطية منها وغير الديمقراطية فالاحتجاجات ملأت دول الإقليم حتى ضد أكثر الأنظمة شمولية.

لكن الأمر الذي يدعو للتساؤل إلى متى ستستمر أزمة الكهرباء ويستمر هذا العدد من الضحايا ، فمقتل الأطفال بهذا الشكل المؤلم هي مأساة كبيرة والطفل البغدادي ليس أول الذين احترقوا ولن يكون آخرهم إن استمر الوضع.

فكم عدد الأطفال الذين اختنقوا وتفحمت جثثهم ؟ وكم عدد الذين قتلوا بسبب المولدات ومن الذي ينتظر في طابور الموت العبثي هذا ؟ ولماذا هذه المأساة التي هي صناعة فلسطينية بامتياز ؟ صحيح أن المتحدث باسم الحكومة حاول أن يحمل العالم والحصار المسئولية وبانتظار تدخل دول خارجية لحل الأزمة ولكن أليس المصالحة تضع جدا للضحايا من قتلى انقطاع الكهرباء ؟ وهل يجب انتظار التدخل الخارجي والتعاطف الخارجي طالما أن الحل بأيدي الفلسطينيين.

أزمة الكهرباء مستمرة منذ سنوات فقد ضربت إسرائيل محطة التوليد في نفس اليوم الذي أسرت المقاومة فيه الجندي الإسرائيلي، وتفهم الغزيين أن هذا ثمن صيدهم الثمين جلعاد شاليت وبعدها بدأت رحلة الصيانة لكن سيطرة حماس على قطاع غزة أوقف هذه الرحلة ثم بدأت أزمة الوقود وإدخاله ومن أزمة إلى أخرى ومن مبرر إلى آخر ولم يتوقف الموت الذي حصد ما يكفي من الأرواح والمشكلة أن لا حل حتى اللحظة بعد مرور كل تلك السنوات والمأساة أن لا أحد يعرف متى ستنتهي هذه التراجيديا المكلفة والأسوأ من ذلك كله أن يمنع الاحتجاج أو الطلب من حكومة غزة وحتى إن بشكل سلمي إيجاد حل نهائي لأزمة الكهرباء أليست هي المسئولة؟ وحين يحتج الناس فالحل الأمني هو أسهل الحلول وأسرعها دون التفكير بحل مشاكل الناس المتعددة على نمط معالجة أعراض المرض ليس المرض.

حركة حماس هي من تحكم قطاع غزة ـ والمسألة هنا ليس حول أحقيتها أم لا، ولايتها الدستورية وشرعية الحكم ، انتخابات كان يجب أن تجرى منذ سنوات أم لا، نحن أمام واقع حكومة وضعت نفسها في موقع المسئولية عن الناس ولم تقدم حلولا حقيقية ، الشكوى الدائمة هي ما قدمته على مدار سنوات الحكم والأسوأ منذ ذلك أن الأمل الذي علق على تغيير النظام بمصر ومجيء رئيس من حركة الأخوان المسلمين لم تقدم حلا للأزمة وبذلك انكسرت آخر أحلام الغزيين فما العمل إذا ؟.

الاحتجاج حق مكفول للناس ولا دخل للأمن فيه، وفقط تتواجد الشرطة لحماية حق الناس وحريتهم لإسماع صوتهم ويبدو أن هناك فهم خاطئ لدى الأمن في العلاقة بين المواطن والسلطة وإلا لما كانت الاستدعاءات توزع ليلة أمس على سكان مخيم البريج ومن حق الناس أن تطلب من الحكومات حماية حقهم في إبداء رأيهم كما أن من حق الحكومات الطلب أن تكون الاحتجاجات سلمية، فالعلاقة بين الجانبين محكومة بعقد اجتماعي قائم على التعاون وليس على الترويع والترهيب والاستقواء.

هذا الصيف كان حارقا، ونحن على أبواب شتاء قاس ومن حقنا أن نطلب من الحكومة أن تحل لنا أزمة الكهرباء طالما أنها وضعت نفسها في هذا الموقع ولأننا نعرف أن قرار المصالحة قادر على حلها ولأن الحكومة بغزة لديها رأي بالمصالحة ولأننا في موسم الخطوط الحمراء والخطوط النهائية لن نتدخل بكيفية حل الأزمة لأن للحكومة مطلق الحرية والحق بتحديد شكل الحل، ولكن من حقنا أن نطلب موعد زمنيا تلزم فيه الحكومة نفسها بإنهاء هذه المأساة المكلفة فهل تحدد لنا الحكومة موعدا نهائيا لحلها وحين تفعل نتعهد نحن الكتاب حينها بعدم تأييد أية احتجاجات من شانها عرقلة جهود الحكومة المنهمكة بالحل ...!

Atallah.akram@hotmail.com