كمال الأجسام.. كيف تُهدد الرياضة القاتلة حياة الإنسان؟

كمال الأجسام.. كيف تُهدد الرياضة القاتلة حياة الإنسان؟

زمن برس، فلسطين:  صور لافتة لرجال مفتولي العضلات، تعلو وجوههم نظرات قاسية، تضج بها مواقع التواصل الاجتماعي ضمن حملات دعائية ضخمة تُصاحب بطولات كمال الأجسام، لكن هذه الصور المبهرة تخفي خلفها حقائق علمية مثيرة للاهتمام عن اللعبة القاتلة.

وأضحى بناء جسم مكتنز بالعضلات طموح الكثيرين، ووصل الأمر إلى حد الهوس، دون إدراك للمخاطر التي تتسبب فيه ممارسة "كمال الأجسام"، دون أخذ الحيطة الكافية، وفي هذا التقرير نرصد المخاطر التي تهدد صحة الإنسان من واقع الدراسات العلمية الموثوقة.

الموت المبكر

في دراسة نشرت في دورية "جورنال أوف يورولوجي" عام 2016، أجرى الباحثون مسحًا لـ 597 من لاعبي كمال الأجسام، تنافسوا في الفترة من 1948 حتى 2014، وخَلُصَت الدراسة إلى أن متوسط عمر الوفاة في هذه المجموعة هو 47.5 عامًا.

وبيّن الباحثون أن في الوقت الذي كان يفترض فيه أن يكون عدد الوفيات الطبيعية بين هؤلاء اللاعبين هو 40 حالة وفاة، ارتفع العدد إلى 58 حالة وفاة، ويمثل هذا العدد نسبة أعلى بـ34 بالمئة عن متوسط وفيات الفئة السكانية التي ينتمي إليها اللاعبون.

وذكرت الدراسة أن سبب الوفيات المتزايدة يكتنفه الغموض، لكنهم لم يستبعدوا احتمالية تورط استخدام عقاقير تحسين الأداء والتدريب التنافسي الفريد (مثل التغيرات الشديدة في الوزن)، وعلى وجه الخصوص بين اللاعبين صغار السن.

وتحيلنا الدراسة إلى استرجاع وفاة عدد من اللاعبين في سن صغيرة، وعلى رأسهم أسطورة كمال الأجسام جورج بيترسون، الذي رحل عن عالمنا في عمر يناهز 37 عامًا، قبل ساعات من النسخة الأخيرة لمنافسات مستر أوليمبيا.

كما تتضمن القائمة عدد من اللاعبين، منهم: الأميركيين مايك ماتارازو (توفى 48 عاما)، ودالاس مكارفر (توفى عن عمر  26 عاما)، والنمساوي أندرياس مونزر (توفي 31 عاما)، وأنتوني داريزو (توفى 44 عامًا) ، والمصري ناصر السنباطى (توفى 47 عاما) ، والكندي غريغ كوفاكس (توفى 44 عامًا).

اضطرابات نفسية

دراسة علمية أخرى نُشرت عام 2018 في "المجلة الأميركية لصحة الرجال" سلطت الضوء على أن الرغبة المتزايدة في  بناء جسم مكتنز بالعضلات، تُظهر مشاكل سلوكيات الأكل وقضايا عدم الرضا عن الجسم لدى لاعبي كمال الأجسام.

وأُجريت الدراسة على 120 لاعب كمال أجسام من الذكور، ووجدت أن هناك علاقة إيجابية بين اضطراب الأكل النفسي، واضطراب التشوه العضلي.

وتكمن خطورة اضطراب الأكل النفسي، في التركيز بشكل كبير على الوزن وشكل الجسم والطعام، مما يؤدِّي إلى سلوكيات خطيرة في تناول الطعام، يكون لها تأثيرات كبيرة على حصول جسم الإنسان على التغذية المناسبة، وقد تؤذي اضطرابات الأكل القلب والجهاز الهضمي والعظام والأسنان والفم.

أمَّا اضطراب التشوه العضلي، فهو اضطراب صحة عقلية لا يمكن معه للإنسان أن يتوقف عن التفكير في عيوب أو نقائص التي يتصورها عن مظهره، وهي عيوب تبدو بسيطةً وقد لا يراها الآخرون.

ولكن هذا الاضطراب يتسبب في الشعور بالحرج الشديد والخجل والقلق، مما يدفع إلى السعي نحو تحسين صورة الجسم بالطرق الصحية وغير الصحية.

القلب في خطر

في الوقت الذي تكون فيه "كمال الأجسام" مفيدة لصحة العضلات والعظام، إلا أن هذه الممارسة قد تكون ضارة بصحة القلب بشكل عام، وبحسب موقع "هاو ستف ووركس" فإن الرفع المكثف للأثقال، مثل رفع أكثر من نصف وزن الجسم الإجمالي، يمكن أن يعرض الإنسان لخطر تمزق الشريان الأورطي.

ويتسبب تمزق الشريان الأورطي في فصل الطبقات الداخلية والوسطى لجدار الأورطي (تسلخ)، وغالبًا ما تسبب هذه الإصابة الوفاة، إذا اندفع الدم خارج جدار الشريان الأورطي.

وإلى جانب رفع الأثقال، غالبًا ما ترتبط ممارسة كمال الأجسام باتباع نظام غذائي صارم للمساعدة في الحصول على أكبر حجم ممكن من الدهون، وهنا يميل العديد من لاعبي كمال الأجسام إلى تقييد تناول السعرات الحرارية وتحميل البروتين مع استبعاد الفيتامينات والعناصر الغذائية المهمة الأخرى.

وهنا ينصح الخبراء في موقع "هيلث لاين" بضرورة ألّا يكون هذا النظام الغذائي غير الصحي جزءًا من روتين كمال الأجسام.