باكستان: نصطفُّ مع إيران في مواجهة التصعيد الإسرائيلي

باكستان: نصطفُّ مع إيران في مواجهة التصعيد الإسرائيلي

زمن برس، فلسطين: في موقف لافت ضمن التصعيد المتسارع بين طهران وتل أبيب، أعلنت باكستان رسميًا دعمها الكامل لإيران في مواجهة الضربات الإسرائيلية الأخيرة. وجاء ذلك على لسان كبار مسؤولي الدولة، من رئيس الوزراء والرئيس إلى وزيري الخارجية والدفاع، الذين عبّروا في بيانات وتصريحات متتالية عن تضامن بلادهم مع طهران، ورفضهم القاطع لما وصفوه بـ"العدوان الإسرائيلي غير المشروع".

أعلنت باكستان رسميًا انحيازها إلى جانب إيران في مواجهتها العسكرية الأخيرة مع "إسرائيل"، في موقف لافت من دولة نووية كبرى في جنوب آسيا

ولم تقتصر التصريحات الباكستانية على التنديد، بل حملت دعوات صريحة إلى تحرك دولي جماعي، وانعقاد طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، وحتى قطع العلاقات مع "إسرائيل"، ما يضع إسلام آباد في موقع متقدم داخل معسكر المواجهة السياسية والدبلوماسية ضد تل أبيب.

هذا التحوّل الباكستاني العلني تجاه دعم إيران يأتي في لحظة إقليمية مشحونة، ويعيد ترتيب الاصطفافات التقليدية في جنوب آسيا، خصوصًا في ظل التحالف الوثيق بين "إسرائيل" والهند، وما ينطوي عليه من تهديد مباشر لمعادلة الردع في المنطقة.

وبدأت وزارة الخارجية الباكستانية بإدانة الضربات الإسرائيلية ووصفتها بـ"العدوان غير المشروع"، مؤكدةً تضامن إسلام آباد الكامل مع إيران وحقها في الدفاع عن نفسها.

في السياق نفسه، عبّر كل من الرئيس عاصف علي زرداري ورئيس الوزراء شهباز شريف عن مواقف متطابقة، شجبوا فيها الهجوم الإسرائيلي، ودعوا المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف التصعيد ومنع انهيار الاستقرار الإقليمي. كما شددا على أن انتهاك سيادة دولة مثل إيران لا يمكن أن يُمر مرور الكرام.

من جهته، لعب وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار دورًا محوريًا في التعبير عن الموقف الباكستاني، عبر تصريحات إعلامية واتصالات مباشرة مع المسؤولين الإيرانيين، أكد فيها أن باكستان تقف إلى جانب إيران في هذه "المرحلة الخطيرة"، وستدافع عن مصالحها في المحافل الدولية.

 

ولم تقتصر المواقف على السلطة التنفيذية، إذ عبّر وزير الدفاع وعدد من أعضاء البرلمان عن دعمهم لإيران، مطالبين بعقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، وداعين الدول الإسلامية إلى الرد الجماعي، بل وقطع العلاقات مع إسرائيل ردًا على ما وصفوه بـ"العدوان المتكرر".

وعكست التصريحات الباكستانية انسجامًا نادرًا بين المؤسسات السياسية والدبلوماسية في دعم إيران، في خطوة تحمل دلالات إقليمية تتجاوز مجرد التضامن الثنائي، وتندرج ضمن إعادة تموضع إستراتيجي في ظل المواجهة المفتوحة بين إيران و"إسرائيل".

خلفيات ودوافع الموقف الباكستاني

وينطلق الموقف الباكستاني من ثوابت تاريخية، أبرزها رفض الاعتراف بـ "إسرائيل" ودعم القضايا الإسلامية، وعلى رأسها فلسطين. ويُنظر إلى الضربات الإسرائيلية ضد إيران بوصفها عدوانًا على دولة مسلمة ذات سيادة، ما يستدعي – وفق الخطاب الباكستاني – تضامنًا مبدئيًا ودينيًا. كما يحظى هذا الخطاب بتأييد شعبي واسع في الداخل الباكستاني، ما يمنح الحكومة غطاءً سياسيًا للمجاهرة بهذا الانحياز.

في المقابل، هناك بُعد استراتيجي عميق يحكم هذا الموقف؛ إذ ترى إسلام آباد أن استهداف إسرائيل لمنشآت إيرانية حساسة قد يُشكّل سابقة خطيرة تُضعف معادلة الردع في المنطقة، خصوصًا في ظل التفاهمات العسكرية المتنامية بين إسرائيل والهند. وبالنظر إلى أن الهند تمثّل التهديد الإقليمي الأبرز لباكستان، فإن دعم تل أبيب لنيودلهي يُقرَأ في إسلام آباد كمؤشر تحالفي مقلق يستوجب ردًا سياسيًا صريحًا.

ويرى محللون أنّ دعم باكستان لإيران رسالة مزدوجة؛ أولًا لإسرائيل بأنها لن تنعم بهيمنة منفردة في المنطقة، وثانيًا للهند بأنها لن تواجه إيران وباكستان منفصلتين، بل محورًا إسلاميًا قد يتقاطع في المواقف والتكتيك. كما تحاول باكستان استثمار اللحظة لتعزيز مكانتها ضمن العالم الإسلامي، والظهور كصوت مستقل ووازن يرفض التطبيع ويجاهر بمناهضة الهيمنة الإسرائيلية.