أعضاء في الكونغرس الأميركي عن زيارة غزة: إسرائيل تنفذ تطهيراً عرقياً بدعم إدارة ترامب

أعضاء في الكونغرس الأميركي عن زيارة غزة: إسرائيل تنفذ تطهيراً عرقياً بدعم إدارة ترامب

زمن برس، فلسطين:  أصدر السيناتوران الأميركيان كريس فان هولين (ديمقراطي عن ولاية ماريلاند) وجيف ميركلي (ديمقراطي عن ولاية أوريغون)، يوم الخميس، تقريراً عن زيارة وفد الكونغرس إلى حدود إسرائيل وغزة نهاية أغسطس/آب المنصرم. وخلص التقرير إلى أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تنفذ خطة للتطهير العرقي في غزة بدعم من إدارة الرئيس دونالد ترامب. وأشار التقرير إلى أن المجتمع الدولي لديه التزام قانوني وأخلاقي لإيقاف هذا المخطط وعليه الانتقال إلى فرض عقوبات وضغوط ملموسة. 

وخلص التقرير إلى أن إسرائيل تنفذ خطتها لتهجير الفلسطينيين من غزة من خلال خطة مزدوجة، شملت عرقلة متعمدة لتسليم كميات كافية من الطعام والاحتياجات الأساسية الأخرى إلى غزة والتدمير للبنية التحتية. وقال عضوا الكونغرس، طبقا للتقرير: "وجدنا أن حكومة نتنياهو اتبعت نهجا مزدوجا في استراتيجيتها لتهجير الفلسطينيين من غزة أولها التدمير المنهجي للبنية التحتية المدنية، وثانيها استخدام الغذاء والمساعدات الإنسانية سلاح حرب. الهدف في الواقع هو تطهير غزة عرقيا من الفلسطينيين".

وأوضح التقرير المكون من 21 صفحة، أن التطهير العرقي والتهجير القسري لسكان غزة، يشمل نقلهم إلى مناطق مثل المواصي كما تستهدف عملية الجيش الإسرائيلي الحالية وأن الهدف النهائي تطهير القطاع بالكامل. وكشف التقرير أنه بالإضافة لتوثيق التدمير المنهجي للبنية التحتية، فإنهم وثقوا من خلال محادثاتهم مع مصادر موثوقة إسرائيلية ومن الضفة الغربية والأردن ومصر، وقد شمل تدمير 92% من الوحدات السكنية و94% من مستشفيات القطاع و92% من المدارس والمباني الجامعية، و86% من مرافق المياه والصرف الصحي.

عقاب جماعي  لتهجير الفلسطينيين

وأكد عضوا الكونغرس، أن تقديم كل من حكومة نتنياهو وإدارة ترامب لخطتهما وتصويرها على أنها دعوة إلى "النزوح الطوعي" للفلسطينيين من غزة، تعد واحدة من أكثر قصص الخداع والتلاعب والخبث والشر على الإطلاق، وأضافا في التقرير: "من السخرية أن نفترض أن من تعرضوا للتدمير والتهميش سيغادرون غزة "طواعية". ومن الواضح أن الخطة تهدف إلى الضغط على الفلسطينيين لإجبارهم على مغادرة غزة من خلال جعل حياتهم بها مستحيلة".

وأضافا في التقرير: "بالنسبة للبعض مثل سموتريتش وبن غفير هذه رؤية راسخة، فهم يسعون لذلك كما يسعون لطرد الفلسطينيين من الضفة الغربية، وبالنسبة لآخرين ربما أصبح هذا هدفا للحرب في مرحلة لاحقة، وحتى بالنسبة لهؤلاء الذين قد لا يقصدون هذه النتيجة فقط أصبحت حقيقة لا يمكن إنكارها بناء على ما يحدث على أرض الواقع". وتابعا: "لا يزال غير معروف ما إذا كان سيتم طرد الفلسطينيين من غزة بأكملها أو معظمها في نهاية الأمر. ولكن يقع على العالم واجب والتزام أخلاقي وقانوني بوقف التطهير العرقي المستمر هنا، ويجب عليهم فرض عقوبات على من ينفذون هذه الخطة".

تدمير غزة بشكل ممنهج

واستمع أعضاء الكونغرس، كما شرح السيناتور فان هولن اليوم، في مؤتمر صحافي بمجلس الشيوخ الأميركي، إلى روايات مباشرة عن كيفية تدمير غزة بشكل ممنهج واستخدام المتفجرات والقنابل من "خلال استخدام نمط متعمد" لتفجير أحياء سكنية كاملة ومدارس ومنازل ومواقع أخرى. وقال: "شهدنا بأعيننا مدينة رفح الفلسطينية التي كانت موطنا لأكثر من 270 ألف نسمة وقد تحولت إلى أنقاض، كما أننا خرجنا بنتيجة أن حكومة نتنياهو تعرقل عمدا تدفق المساعدات الإنسانية والغذاء بغرض فرض عقاب جماعي على سكان غزة".

وأكد التقرير أن إسرائيل تستخدم مواقع مؤسسة غزة الإنسانية الأربعة التي أقيمت في مايو/ أيار أداة لتقييد تدفق الطعام والغذاء والتحكم في حركة السكان الفلسطينيين، من أجل جعل ظروف معيشتهم لا تطاق لكي "يتطوعوا للمغادرة، مضيفا أن حكومة نتنياهو عرقلت عمدا إيصال ما يكفي من الغذاء والضروريات الأخرى إلى غزة، حيث تعمدت وضع عراقيل من بينها الحصار الذي استمر 78 يوما بدون دخول أي مساعدات إنسانية ثم إنشاء مؤسسة غزة الإنسانية ووضع عقبات على وصول المساعدات من ميناء أشدود وممر الأردن ومن رفح في مصر، في الفترة من 2 مارس/آذار إلى 19 مايو/أيار.

واستعان عضوا الكونغرس، بجانب الشهادات ورؤيتهم المباشرة للأوضاع على الأرض بتقارير المنظمات الإنسانية، وأشارا إلى أن 17 مسؤولا إنسانيا في إحدى الدول التي زاروها (مصر والأردن وإسرائيل والضفة) صرحوا بأن حكومة نتنياهو تسمح عمدا فقط بمرور ما تعتبره الحد الأدني الضروري من المساعدات ولا تزيد تدفق هذه المساعدات إلا عند صدور تقارير وأشاروا إلى أن إسرائيل تستخدم تكتيكات متغيرة باستمرار لتحقيق هدفها المتمثل في الحد من دخول المساعدات، وأكدا أن الأدلة دامغة على ما تقوم به حكومة نتنياهو رغم نفيها المتكرر. وأشارا إلى أن معبر رفح مغلق تماما، رغم مناشدات المنظمات الدولية، بإعاد فتحه هو وبوابة 96 وكيسوفيم.

وقال عضوا الكونغرس إنهما لم يتخيلا أبدا أن تكون مؤسسة غزة الإنسانية (لديها أربعة مواقع تعمل ثلاثة منها فقط) بديلا عن نظام توصيل الطعام الذي ترعاه الأمم المتحدة والذي يضم أكثر من 400 موقع توصيل عندما كان يعمل بكامل طاقته. وقالا: "هذا يختلف تماما عن إدعاءات حكومة نتنياهو بأن إنشاء مؤسسة غزة كان ضرورة لمنع حصول حماس على الغذاء من المنظمات الإنسانية الدولية". 

استخدام الغداء وسيلة للسيطرة

وأشارا إلى أن الجمع بين "السماح لعدد قليل من مواقع صندوق الغذاء العالمي بالعمل وقصرها على جنوب غزة يعد مؤشرا واضحا على أن الآلية التي صممتها حكومة نتنياهو استخدام الغذاء كوسيلة للسيطرة على السكان وتوضح أن الحكومة الإسرائيلية تريد إفراغ شمال غزة من سكانه وأنها تستغل تجويع الفلسطينيين والغذاء والهجمات التي تشنها لتحقيق هذا الهدف. 

وفي ما يخص ميناء أشدود، أشار عضوا الكونغرس  إلى أن الحكومة الإسرائيلية غيرت ممارسات الفحص وسياساتها الجمركية، ما أدى لإبطاء متعمد غير ضروري لتدفق الغذاء إلى غزة. ويضم هذا الميناء مستودعات يستخدمها برنامج الغذاء العالمي ومنظمات دولية أخرى لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة. وأوضحا أن البرنامج حاليا بسبب هذه الإجراءات لا يستطيع سوى فحص 30 حاوية بحد أقصى بعدما كان بإمكانه فحص أكثر من 100 يوميا قبل ذلك، وشددا على أن برنامج الغذاء العالمي لديه 2200 حاوية شحن تحمل 40 ألف طن من المواد الغذائية وهي كمية تكفي لإطعام جميع سكان غزة لمدة 3 أسابيع لكن إجراءات إسرائيل منعت دخولها.

وأثبت تقرير الوفد الأميركي العراقيل التي وضعتها إسرائيل وحكومة نتنياهو لدخول الطعام إلى غزة، وأشار إلى خضوع ميناء أشدود لسيطرة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الذي أكد سابقا لوسائل الإعلام أنه كان يمنع تفريغ المساعدات الغذائية من السفن في ميناء أشدود لأكثر من شهر.

كما أثبت التقرير منع إسرائيل المتعمد لدخول المساعدات عن طريق ممر الأردن ووضع العقبات رغم عمل الأردن مع حكومة إسرائيل لإنشاء خط إمداد إنساني موثوق بتبرعات ممولة من الولايات المتحدة ورغم ذلك كشف أعضاء الكونغرس أن قيود إسرائيل المتعمدة لا تسمح إلا بتشغيل نحو 10% من القدرة التشغيلية للممر، وأكد مسؤولون أردنيون لهما أنه كلما يتم التغلب على بعض القيود تفرض حكومة نتنياهو عقبات جديدة.

وكشف عُضوَا الكونغرس في التقرير لأول مرة، أن حكومة إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة إنشاء منطقة تفتيش في مركز التدريب المشترك (قاعدة مشتركة بين الجيش الأميركي والقوات المسلحة الأردنية خارج عمان) وأن "الولايات المتحدة استجابت للطلب وأنفقت 1.5 مليون دولار لشراء أجهزة تفتيش. ونقلا عن مسؤولين أميركيين منذ مارس/آذار الماضي قولهم إن إسرائيل لم تعد تقبل الشاحنات التي تخضع للفحص في المنشأة الأميركية وقررت التعاقد مع مقاول خاص لإنشاء عملية فحص جديدة.

وقال عضوا الكونغرس: "عندما وفرت الولايات المتحدة -كما طلبت إسرائيل- أجهزة الفحص الدقيقة التي لا تسمح بمرور أي مواد خطيرة دون اكتشافها، أمكن فحص 100 شاحنة في غضون ساعتين إلى ثلاث ساعات، وبعد تكليف شركة خاصة إسرائيلية غالبا ما يتم رفض الشاحنات وتصل النسبة إلى 42%، ويتم حاليا إرسال ما بين 180 شاحنة إلى 255 شاحنة أسبوعيا فقط بدلا من 600 إلى 900 شاحنة يمكن إرسالها أسبوعيا"، لافتين إلى أنه يتم رفض الشاحنات دون أسباب، والاكتفاء بالقول بأنها "مصدر قلق أمني"، كما يتم إخضاع شاحنات المساعدات الإنسانية لرسوم جمركية جديدة قدرها 400 دولار أميركي، ويطلب فواتير مكتوبة باللغة العربية من السلع المشتراة من الأردن بغرض زيادة الوقت والتكلفة.