مفاوضات غزة: "تفاؤل حذر" في شرم الشيخ عشية وصول ويتكوف وكوشنر

زمن برس، فلسطين: تتواصل لليوم الثاني على التوالي المفاوضات في شرم الشيخ في محاولة للتوصل إلى تفاهمات حول تطبيق خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لوقف الحرب على قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، بمشاركة وفود من إسرائيل وحركة حماس، إلى جانب وسطاء من مصر وقطر وتركيا.
وأفادت مصادر "التلفزيون العربي"، مساء اليوم، الثلاثاء، بأن حماس طلبت ضمانات واضحة بشأن استكمال تنفيذ بنود الاتفاق بعد انتهاء المرحلة الأولى، وتمسكت بأن تقدم إسرائيل جدولًا زمنيًا محددًا للانسحاب الكامل من قطاع غزة، مشيرة إلى أن وفدين قطريًا وتركيًا وصلا إلى شرم الشيخ للمشاركة في المفاوضات خلال الساعات المقبلة.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع في إحاطة لوسائل الإعلام الإسرائيلية، إن "الاتصالات لم تُختتم بعد اليوم، وستستمر المفاوضات في الساعات القريبة"، عشية وصول وفد أميركي رفيع للمشاركة في المحادثات، وذكرت التقارير أن مفاوضات اليوم الثاني "ركزت على دراسة خرائط الانسحاب الإسرائيلي من غزة خلال المرحلة الأولى".
وفي المقابل، نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مصدر إسرائيلي مطّلع على سير المفاوضات في مصر، وهو من الطاقم المهني وليس السياسي، بأن جلسات اليوم الثاني من المحادثات قد اختُتمت، فيما تستمر مشاورات جانبية بين الوفود المشاركة.
وقال المصدر إن "هناك أجواء تفاؤل بنهاية اليوم الثاني من المحادثات، مع إمكانية حقيقية للتوصل إلى تفاهمات"، مشيرًا إلى أن "بعض القضايا لا تزال بحاجة إلى تسوية، لكن الاتجاه العام حتى الآن إيجابي".
رئيس وزراء قطر ورئيس فريق التفاوض الإسرائيلي ينضمان للمفاوضات
وينضم، الأربعاء، مسؤولون رفيعون إلى مفاوضات شرم الشيخ حول وقف الحرب في غزة وتبادل الأسرى، بينهم رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي أكدت الخارجية القطرية مشاركته، ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ورئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن، في خطوة تهدف إلى تسريع المباحثات.
وفي واشنطن، عقد ترامب اجتماعًا مع فريقه للأمن القومي لبحث تقدم المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى وإنهاء الحرب في غزة، وفق ما نقل موقع "أكسيوس". وحضر الاجتماع كل من نائبه جي. دي. فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ورئيسة طاقم البيت الأبيض سوزي ويلز.
وذكرت المصادر أن الاجتماع جاء قبيل مغادرة المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وصهر ترامب، جاريد كوشنر، متوجهين إلى مصر للمشاركة في المفاوضات، في خطوة تهدف إلى "تسريع التوصل إلى اتفاق خلال الأيام القليلة المقبلة"، بحسب "أكسيوس".
وعقب الاجتماع، قال ترامب خلال لقائه رئيس الوزراء الكندي إن إدارته "منخرطة في مفاوضات جادة للغاية بشأن غزة"، مشددا على أن "هناك فرصة حقيقية لتحقيق إنجاز في المحادثات الجارية، وجميع دول العالم تدعمنا من أجل ذلك".
وأضاف ترامب أن "فريقنا موجود حاليًا في المنطقة من أجل صفقة غزة، وهناك فريق آخر غادر للتو متجهًا إلى الشرق الأوسط لدعم المحادثات"، مشيرًا إلى أنه يرى في التطورات الراهنة "فرصة سلام تتجاوز غزة لتشمل الشرق الأوسط بأسره"، على حد تعبيره.
وذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية ("كان 11") أنه من المنتظر أن تشهد مفاوضات شرم الشيخ تسارعًا في وتيرتها مع وصول ويتكوف وكوشنر، اللذين أوفدهما ترامب لدفع المفاوضات نحو "اختراق حقيقي".
مشيرة إلى أن "جلسات غير مباشرة جديدة ستُعقد الليلة بين إسرائيل وحماس، يتركز جدول أعمالها على خرائط الانسحاب والفيتو (الإسرائيلي) على بعض أسماء الأسرى (الفلسطينيين) المطروحين للإفراج".
ونقلت القناة عن مصدر إسرائيلي مطّلع على سير المفاوضات قوله: "ما زلنا لا نعرف إلى أين تتجه الأمور، لكن الولايات المتحدة تتحرك بسرعة كبيرة لإغلاق الملفات العالقة... ومع ذلك، ما لم يحدث اتفاق فعلي، فلا شيء محسوم بعد".
ويعمل المفاوضون على استكمال التفاهمات حول "المرحلة الأولى" من خطة ترامب التي تتضمن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، بينما قال المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، إن "هناك العديد من التفاصيل التي ما زالت بحاجة إلى معالجة".
في السياق نفسه، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال مؤتمر صحافي في القاهرة، أن المباحثات "مستمرة في شرم الشيخ بين الوفد الإسرائيلي ووفد حركة حماس بمشاركة إقليمية"، موضحًا أن الوفد الأميركي "سينضم رسميًا إلى الاجتماعات غدًا". وأضاف أن المحادثات تشمل أيضًا "مقترحًا لاعتماد الخطة الأميركية في مجلس الأمن، ونشر قوات دولية لضمان حماية الفلسطينيين وتوفير الأمن للجانب الإسرائيلي".
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن غرفة العمليات المركزية التي تدير المفاوضات برئاسة مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، تعمل "على مدار الساعة بالتنسيق مع قطر لتذليل العقبات أمام التوصل إلى اتفاق"، مشيرة إلى أن المفاوضات تشهد "زخمًا متزايدًا مع انضمام الوفود الفنية والسياسية تباعًا".
وبحسب "العربي الجديد"، أبدت حماس مرونة في التعامل مع المقترح الأميركي، لكنها ما زالت متمسكة بـ"وقف شامل لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من داخل القطاع"، مؤكدة أن أي اتفاق يجب أن يتضمن هذه البنود كشرط أساسي لتبادل الأسرى. كما شددت الحركة على ضرورة أن يشمل الاتفاق فتح جميع المعابر وإدخال المساعدات تحت إشراف أممي، ورفضها إبقاء أي وجود عسكري إسرائيلي في مناطق مثل محور فيلادلفيا وتلة الشجاعية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية أن حماس شددت خلال المداولات على أن "عملية إطلاق الأسرى والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة يجب أن تكون في مسار واحد لا يتجزأ"، وأنها طالبت بإضافة كلمة "الكامل" إلى نصوص الاتفاق المتعلقة بالانسحاب لضمان الالتزام الزمني والتنفيذي.
"ديناميكية إيجابية في المفاوضات لكن لا اتفاق وشيك"
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية، مساء الثلاثاء، بأن جولة المفاوضات الثانية في شرم الشيخ ستستمر حتى ساعات الليل، مشيرة إلى أن الجانب الإسرائيلي "يتعامل بحذر" مع مؤشرات التفاؤل، في ظل "استمرار خلافات جوهرية حول مطالب حركة حماس".
وذكرت القناة أن "المطلب المركزي لحماس يتمثل في الحصول على ضمانات واضحة لإنهاء الحرب بعد إطلاق سراح جميع الأسرى، من دون ربط ذلك بما سيُتفق عليه لاحقًا في المرحلة الثانية المتعلقة بمستقبل قطاع غزة ومستقبل الحركة نفسها".
وأضافت أن المفاوضات ما زالت "تتركز في هذه المرحلة على عرض مواقف الطرفين"، وأنه رغم وجود "ديناميكية إيجابية في المحادثات"، فإن "الفجوات لا تزال كبيرة، ولا يمكن الحديث بعد عن اتفاق وشيك".
وبحسب القناة، هناك "مخاوف في إسرائيل من أن تستغل حماس موافقة مبدئية إسرائيلية لتشديد مواقفها ورفع سقف مطالبها"، ولذلك فإن "التفويض الممنوح للفريق الإسرائيلي يقتصر على مناقشة الملفات المحددة فقط، جدول ووتيرة تبادل الأسرى، وخرائط الانسحاب التي ما تزال موضع خلاف".
وأضاف التقرير أن فشل الطرفين في التوصل إلى اتفاق خلال الساعات المقبلة قد يدفع الإدارة الأميركية إلى "طرح مقترح تسوية نهائي، بصيغة خذها أو اتركها"، مشيرًا إلى أن واشنطن "لا تعتزم السماح بإطالة أمد المفاوضات، وتصرّ على إنهائها خلال الأيام القليلة المقبلة".
"تمسّك الجانبين بمواقفهما"
وصرّح مسؤول أمني مصري كبير مطّلع على المناقشات، لوكالة الأنباء الألمانية، مساء الثلاثاء، بأن "الوضع لا يزال على حاله مقارنة باليوم الأول"، موضحًا أن كلا الوفدين الإسرائيلي ووفد حركة حماس يتمسّكان بمواقفهما في المفاوضات الجارية بشأن وقف الحرب على غزة وتبادل الأسرى.
وأضاف المصدر أن وفد حماس لا يزال يطالب بضمانات قاطعة بأن إسرائيل لن تستأنف العمليات العسكرية بعد إطلاق سراح الرهائن، مؤكّدًا أن الحركة تصرّ على وقف الحرب بشكل كامل قبل أي عملية تبادل.
ووفقًا لما نقلته "القاهرة الإخبارية"، فإن قوائم الأسرى التي تطالب حماس بالإفراج عنهم تشمل شخصيات فلسطينية بارزة، من بينهم مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وحسن سلامة، وعباس السيد، وآخرون.
كما طالبت حماس، بحسب المصدر ذاته، بتوضيح الآليات والإجراءات اللازمة لتنفيذ خطة ترامب، بما في ذلك الحصول على ضمانات واضحة بعدم عودة إسرائيل إلى العدوان على غزة.
وأشار المسؤول المصري إلى أن الوفد الإسرائيلي رفض حتى الآن تقديم أي التزامات تتعلق بهذه الضمانات، كما امتنع عن مناقشة مسألة وقف الحرب قبل التبادل، ما أبقى المفاوضات في حالة جمود نسبي رغم الجهود المستمرة.