الحرب الاستخبارية تتطلب الإبقاء على السرية

 

بقلم: ايتان هابر

في حرب لبنان الثانية سقط المقدم عمانوئيل مورانو. ومنذ أن قُتل لم تُنشر صورته على الملأ. وقد يكون هو الضحية الوحيدة من الجيش الاسرائيلي الذي مُنع منعاً باتاً نشر صورته في وسائل الاعلام. لماذا؟ وماذا عن حق الجمهور في المعرفة، وعلام ولماذا يُظلم عمانوئيل مورانو من بين 23 ألفاً من قتلى معارك إسرائيل؟ وكيف لا يُمكّنوننا من أن نبذل من أجله ولو قليلا من التكريم الأخير ونرى وجهه المشرق؟ ولماذا لا يوجد غضب ولا صراخ في إسرائيل؟.

لا يوجد غضب ولا صراخ ولم يكن ولن يكون اضطراب اعلامي لأن اولئك الناس الذين يعرفون جواب هذا السؤال يعرفون ايضا ان يأخذوا في حسابهم صعوبة الحرب الاستخبارية الاسرائيلية ويدركون جيدا الضرر الذي قد يسببه نشر الصورة. فان نشراً واحداً صغيراً يمكن ان يشوش على جهد ضخم في المجال الاستخباري.

لنفترض للحظة، للحظة فقط، أن جهاز استخبارات اجنبياً، لكنه صديق جداً، نقل الى اسرائيل معلومة عن رجل ما واشترط ألا يُعلم أبدا من الذي نقل المعلومة التي أفضت الى اعتقال ذلك الرجل. فماذا علينا ان نفعل؟ أيكون جزاؤنا على احسان هذا الجهاز الاستخباري الاجنبي الصديق جداً إساءة للاحسان؟ وهل يظل ذلك الجهاز الاستخباري يُقدم الينا المادة المطلوبة فيما يأتي من الزمان بعد ان نكشف عن عنوان المرسل؟.

ولنفترض شيئا آخر. لنفترض للحظة، للحظة فقط، ان إسرائيل نجحت في ان تضع يدها على جاسوس اجنبي أضر بالدولة ضررا شديدا. إنهم يعتقلونه ولا ينشرون شيئاً ولا نصف شيء ويتركون مرسليه من رجال الاستخبارات المعادية في ظلمة مطلقة. ماذا يفعلون؟ يحذرون احيانا ويسكتون، وفي حالات كثيرة يرسلون مُرسلين للبحث عن المختفي، وهنا ينتظرهم معتقِلو الجواسيس لدينا لاعتقال المرسلين الجدد ايضا الذين هم ذوو فائدة عظيمة جدا في تقديم المعلومات. يعلم القدماء في جهاز الامن العام ان هذا حدث مرارا كثيرة في الماضي وأسهم اسهاما كبيرا في أمن دولة اسرائيل.

يحاول أعداؤنا في الحرب الاستخبارية ان يجدوا ثغرات في سور الدولة الامني ويحاول أناسنا ردمها. هذه حرب عقول لا تقف ولو لحظة. وتُشاع في احيان متقاربة اشاعات ايضا، ويعتقلون في احيان متقاربة أيضا ويُحذرون. ويحدث ايضا ان يعتقلوا ويختفي أناس في الزنازين.

ويسأل السائلون: ماذا عن الديمقراطية، اذاً، وماذا عن حق المواطن في ان يكون محميا من يد القانون الطويلة؟ ولتسكن خواطرهم: فالمشتبه فيهم جميعا يمثلون أمام قضاة، وكلهم يصلون المحاكم مع محامين ذوي اجازات ومدافعين عنهم يكونون مطلعين على القضية التي تُعرض في الغرف المغلقة. ولا يتم شيء دون اطار القانون، ويعلم من يهتم بأمن دولة اسرائيل، مثلنا مبلغ أهمية الحرب الاستخبارية كي نبقى جميعا أحياء.