هل يسقط الديمقراطيون تشاك هيغل؟

 

بقلم: ابراهام بن تسفي

كانت الواقعة الوحيدة في التاريخ الاميركي الحديث التي أفشل فيها مجلس الشيوخ في تعيين مرشح من قبل الرئيس، وزيراً للدفاع، في العام 1989. فآنذاك لم ينجح السناتور السابق من تكساس، جون تاور، في ان يحظى بالأغلبية المطلوبة لتعيينه، واضطر الى ترك الحياة السياسية. لكن مع كل الحرج الذي سببه الفشل الصارخ ذاك للرئيس جورج بوش الأب، لم يعتبر ذلك الامر تعبيراً عن عدم ثقة من تل الكابيتول بسياسته لأن سلوك المرشح الشخصي (الذي كان شديد الحب للخمر وخالف وصية "لا تزنِ" مرة بعد اخرى) هو الذي كان في أساس قرار مجلس النواب.

بيد انه في الواقعة الحالية التي رُفض فيها تعيين تشاك هيغل –رغم ان الحديث لا يدور في المرحلة الحالية عن إفشال نهائي لترشح السناتور السابق لمنصب وزير الدفاع – توجد صعوبات وحواجز غير عادية تراكمت في طريقه في سياق سياسي سافر. ويدور الحديث عن طريق صعب غير عادي لأن اعضاء مجلس الشيوخ يُظهرون على نحو عام توجها مشجعا متعاطفاً مع نظرائهم في مجلس النواب في الماضي غير البعيد، وقد اعتادوا في الوقت ذاته احترام تفضيلات الرئيس في قضايا الخارجية والامن. لكن اساليب العمل الراسخة هذه تحطمت تماما في، الخميس الماضي، حينما تحطمت محاولة حزب الأكثرية الديمقراطية في مجلس الشيوخ منع التعويق وان يستقر الرأي على الانهاء فورا للتباحث في مسألة ترشح هيغل (وهو اجراء يقتضي احراز أكثرية تبلغ 60 سناتورا). وفي الاسبوع القادم فقط بعد ان يعاود مجلس الشيوخ الاجتماع مع انقضاء عطلته القصيرة سيكون من الممكن التحول الى التصويت على التعيين نفسه حيث سيحتاج الديمقراطيون الى أكثرية بسيطة تبلغ 51 سناتورا فقط لإجلاس هيغل في وزارة الدفاع.

رغم ان احتمالات ان يحظى السناتور السابق من نبراسكا بالوظيفة المتمناة مع انقضاء المعارك لا تزال جيدة على الورق على الأقل فانه ينبغي ألا نلغي احتمال ان تقضي الديناميكية التي قد تنشأ في الايام القريبة على ترشحه. ينبغي ان نتذكر أولاً ان هيغل أصبح رهينة في المواجهة الشديدة التي تجري بين البيت الابيض والحزب الجمهوري. وبعد ان تلقى المعسكر الجمهوري في المدة الاخيرة سلسلة هزائم واخفاقات لاذعة (كان المركزي فيها خسارة مرشحه للرئاسة ميت رومني)، رأى فرصة ذهبية كي يعيد لنفسه ولو شيئا من مكانته المصابة على خلفية استقرار رأي الرئيس اوباما على اختيار زميلهم المكروه هيغل وزيرا للدفاع. تعدى هيغل الجمهوري الحدود وتبنى في مجال السياسة الخارجية والامنية مواقف حمائم سافرة جعلته في الهامش الليبرالي للخريطة السياسية، ما جعله فريسة سهلة لزملائه في الحزب في الماضي غير البعيد وأداة مثالية يمكن بوساطتها تحدي التصور العام للرئيس في المجال الدولي. وقد حشد هذا الانتقاد تسارعا عاما واسعا بازاء عدم قدرة هيغل المحرجة على ان يعرض في شهادته نظرية منظمة فخمة وتورطه فيما لا يحصى من التناقضات.

التصريحات المشاكسة الكثيرة لهذا المرشح طوال السنين في كل ما يتعلق باسرائيل وجماعة الضغط التي تؤيدها في العاصمة الاميركية (والتي حاول التبرؤ منها في اثناء المساءلة) منحت منتقديه الدعم وأسهمت في تعقيد الاجراء. وينبغي ألا ننسى ايضا ان هيغل ما زال مطلوبا منه أن يقدم وثائق عن تبرعات حصل عليها في الماضي من منظمات مختلفة (وقد تكون غريبة ايضا). وحتى لو أصر على رفضه، بدعم كامل من البيت الابيض، أن يقدم هذه المواد فما زال يوجد امكان ان يكشف البحث عن معلومات دامغة، خلال الاسبوع الحالي، عن "مسدس مدخن" (كدليل لا لبس فيه على أموال حصل عليها من منظمة مقربة من "حماس")، وهو شيء سيضطر هيغل إلى ترك المنافسة فورا.

برغم الصعوبات يمكن ان نُقدر ألا ينحرف مجلس الشيوخ – إلا اذا وقعت قنبلة سياسية في الايام القريبة – عن الخطوط الهيكلية التقليدية لسلوكه في هذا الصعيد، وان يُجيز تعيين هيغل ومواقفه الأصلية بعيدا عن كل ما تقتضيه المكانة المهيمنة للقوة العظمى الاميركية، كما أجاز في 1982 ترشيح المرشح لمنصب مستشار الامن القومي في ادارة الرئيس ريغان (وليام كلارك) –رغم ان شهادته كشفت عن جهله المدهش بقضايا دولية مركزية.