زيارة أوباما: اعتراف إسرائيلي بفلسطين مع إبقاء الاحتلال !

 

بقلم: ألوف بن

تشهد كل الدلائل بأن الفلسطينيين يوشكون أن يعودوا الى مقدمة برنامج العمل الإسرائيلي، رغم ملل الجمهور والساسة الظاهر من "الشأن السياسي". فهنا يوجد كلام خافت من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عن سلام، وهناك طلب ائتلافي لاستئناف التفاوض، وهنا تقترب زيارة الرئيس باراك اوباما، وبين أيدي ذلك يتضعضع الوضع الراهن الهادئ في "المناطق"، وتصبح الانتفاضة الثالثة أكثر تهديدا مما كانت من قبل. في كل تركيبة ائتلافية ستبحث حكومة نتنياهو القادمة عن طريقها لاستئناف المحادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. فالضغط الدولي والغليان على الارض يقودان الى هناك.

لكن لنفترض ان التفاوض سيستأنف؛ فيم سيتحدثون هناك؟ أصبحت الصيغة القديمة "الأرض مقابل السلام" أبعد مما كانت من قبل. فنتنياهو يعارض أي تخل عن ارض بحجة ان كل ارض ستخليها اسرائيل ستتحول فورا الى "قاعدة ارهاب ايرانية". ويُصر ايضا على ان يظل الجيش الاسرائيلي موجودا على طول نهر الاردن مسيطرا على حدود الفلسطينيين الخارجية. وإن تقلبات الربيع العربي وخطر انهيار النظام في الاردن يعززان في الظاهر موقفه، وهو انه لا ينبغي المخاطرة الآن.

لا يبدو اخلاء المستوطنات أيضا مخرجاً سهلاً لنتنياهو. فائتلافه سيصعب عليه أداء عمله، وسيتمرد أعضاء حزبه، ويرد الفلسطينيون بعدم حماسة. وسيتجه نتنياهو هذا الاتجاه فقط إذا تم تلقيه باملاء أميركي لا مناص منه (كما حدث مع ارئيل شارون في العام 2003 فأدى به الى الانفصال عن غزة كما شهد مستشاره دوف فايسغلاس).

اذا لم توجد انسحابات ولا اخلاءات فماذا يبقى؟ يبقى شيء واحد وهو تفاوض حول اعتراف اسرائيلي واميركي بالدولة الفلسطينية التي أُعلنت في نهاية السنة الماضية في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وفي وجود الصيغة التي تُمكّن نتنياهو واوباما من الرجوع عن التصويت المضاد وقبول فلسطين دولة مستقلة في محادثات في المستقبل حول التسوية الدائمة. أي ان الحديث يدور عن كلمات لا عن أرض.

إن التفاوض حول الاعتراف بفلسطين سيمنح نتنياهو زمنا وهدوءاً ويُخلص اسرائيل من عزلتها الدولية. وسيحظى عباس بإنجاز وتركة باعتباره أول رئيس لفلسطين المستقلة. وسيملأ اوباما جائزة نوبل العقيمة التي حصل عليها، بمضمون. ويستطيع الاوروبيون أن يُبينوا ان اميركا سارت مرة اخرى في الطريق الذي مهدوه لها. وسيغضب شركاء نتنياهو اليمينيون لكنهم لن يُنحوه عن الحكم.

يدل النظر في تصريحات نتنياهو على انه لا يرفض هذا المسار، فقد كانت معارضته لإعلان فلسطين في الأمم المتحدة إجرائية لا جوهرية. وقد عارض ان يكون الاجراء الفلسطيني من طرف واحد ولم يعارض مجرد رفع العلم. وكرر نتنياهو، الاسبوع الماضي، التزامه بخطبة بار ايلان، "دولتان للشعبين – دولة فلسطينية منزوعة السلاح، تعترف بالدولة اليهودية". وهو لا يرى غضاضة من إحراز هذه النتيجة بمحادثات لا بارغام دولي. وهكذا يستطيع ان يقول إنه يفي بوعود بار ايلان.

يحتاج نتنياهو الى تعويض من أوباما ومن عباس ايضا كخطوة اميركية ما ضد ايران، وموافقة فلسطينية على عدم اللجوء ضد اسرائيل في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وسيلقاه طلب تجميد المستوطنات، وسيحاول أن يدفعه عنه على أحسن صورة باقتراح تعليق طلبه اعترافا فلسطينيا بإسرائيل على أنها "دولة الشعب اليهودي"، أي عائق في مقابل عائق.

سيصعب على عباس ان يرفض التباحث في الاعتراف بفلسطين مع تأجيل الاشتغال بالحدود والارض والقدس واللاجئين. فقد اتجه للحصول على اعتراف الأمم المتحدة بدولة بلا حدود، وسيصعب عليه أن يُفسر لماذا يطلب أكثر من ذلك الآن. وسيقول له نتنياهو واوباما انهما في المحصلة ينفذان مطلوبه.

لهذا الاقتراح نقاط ضعف كثيرة فهو لا يغير الوضع على الارض. وستنشأ "عباسستان" في عدد من الجيوب المعزولة المحاطة بحواجز الجيش الاسرائيلي ومستوطنات إسرائيلية، وسيستمر الصراع على الارض بكامل قوته بعد ان تعترف اسرائيل بفلسطين ايضا. لكن الاعتراف في الظروف القائمة يمنح جميع المشاركين مخرجا مريحا ويمنح نتنياهو وعباس تركة مشتركة.