نصر الله يمكن أن يكون هادئاً

 

بقلم: تسفي بارئيل

 

خريطة قتال قوات المعارضة في سوريا تشبه اليراع المتفتت. فمن تقارير الميليشيات العديدة، أو تقارير جيش النظام لا يمكن بناء صورة للوضع توضح من يسيطر اين. فلكل طرف روايته الخاصة، والطرفان منشغلان بحساب الشظايا كي يثبتا بانهما حققا انجازات: المعارضة تدعي بانها تسيطر على ثلثي الدولة؛ اما النظام فيدعي بانه هو الذي يسيطر على كل الدولة، باستثناء 'ثلث بلدة هنا وربع بلدة هناك'.
وهكذا مثلا، بلغت المعارضة في الاسبوع الماضي بان بلدة الشدادة التي في محافظة الحسكة في شمال شرق الدولة تسيطر عليها 'جبهة النصرة' الاسلامية، التي يبدو أنها متفرعة عن القاعدة. وعلم بعد ثلاثة ايام من ذلك بان عشرات الاف المدنيين السوريين فروا من البلدة بسبب المعارك الضروس التي تدور فيها. احياء في مدينة حمص كانت تحت سيطرة الجيش السوري الحر 'حررها' جيش النظام، أم في درعا، التي تسيطر عليها ظاهرا كتائب الجيش الحر، فيواصل الجيش السوري اعتقال الاشخاص وادارة معارك شوارع.
الحسم العسكري لا يزال لا يبدو في الافق. ايران وروسيا وان كانتا انقذتا ارشيفيهما من دمشق ومن طرطوس، حيث توجد القاعدة البحرية الروسية وهي العملية التي تدل على تخوف حقيقي من سقوط بشار الاسد الا ان الدولتين، مع قيادة المعارضة، توصلتا منذ الان على ما يبدو الى الاعتراف بان لا مفر من حل سياسي.
في نهاية الشهر سيعقد في موسكو لقاء بين قيادة المعارضة برئاسة معاذ الخطيب وبين ممثلي النظام بهدف تحريك حوار سياسي يرسم الخطوة التالية: ويبدو مثل هذا الحوار في هذه الاثناء بعيدا عن الواقع. فتصريح النظام في أنه مستعد لان يتحدث مع المعارضة دون شروط مسبقة، لم يلغِ بعد الشرط المسبق للمعارضة، التي تطالب برحيل الاسد قبل كل حوار.
علنا، لا يزال اي من الطرفين لا يتراجع. وعدد القتلى الهائل، الذي يتراوح بين 65 الف و 90 الف نسمة، لا يخلق احساسا بالالحاح. يبدو أن كل الاطراف تقدر بان الزمن يعمل في صالحها، أو، على الاقل، انها تحتاج الى زمن آخر كي تثبت مواقفها وتحقق انتصارات اخرى على الارض.
ومقابل المعارضة السياسية والميليشيات المقاتلة في الميدان، والتي تتردد في مسألة مستقبل سوريا، فان ايران وحزب الله يرسمان منذ الان خريطة سيطرة جديدة. فحسب تقرير الصحفية هدى الحسيني في 'الشرق الاوسط' الصادرة في لندن، فان حزب الله يقترح على الضباط العلويين السوريين صفقة رزمة، تتضمن حماية ورعاية في لبنان بعد سقوط الاسد، سكن وراتب، مقابل المساعدة والمشورة في مجال القتال، انتشار الاستخبارات وتفعيل الاسلحة المتطورة في لبنان.
هذه الصفقات ستمولها ايران، التي حسب التقارير المختلفة تستخدم اكثر من 50 الف مقاتل ومستشار في سوريا وبدأت منذ الان باقامة كتائب متطوعين حسب نمط البسيج الايراني. ويعزو بعض من هذه التقارير للجنرال حسن شاطري الذي قتل في سوريا، على ما يبدو في قصف اسرائيلي في جماريا، المسؤولية عن اقامة هذه القوات.
'
هدف ايران وحزب الله هو احباط الامكانية في أن يقلص الحل السياسي في سوريا او سقوط الاسد من السيطرة الايرانية في لبنان وفي سوريا'، قال لـ 'هآرتس' رجل معارض لبناني يسكن في فرنسا: اذا كان لا مفر من سقوط الاسد، فان البديل المناسب من ناحية ايران وحزب الله هو بناء قوة عسكرية في سوريا تهدد أي نظام جديد يقوم في الدولة. ومثلما يسيطر حزب الله في لبنان بفضل قوته العسكرية، فسيكون بوسع ميليشيا مسلحة ومدربة جيدا في سوريا ان تفقد ارادتها على كل نظام سوري'.
هذه ليست فكرة جديدة، فايران التي تجد صعوبة في نيل التعاون من العديد من الدول العربية، تعتمد على منظمات خارج حكومية كي تحقق مصالحها فيها. وهكذا مثلا، فان ايران تدعم 'جيش المهدي'، منظمة مقتدى الصدر في العراق، تقيم علاقات تمويل وتسليح مع منظمات شيعية في اليمن، تعطي رعايتها للاقلية الشيعية في البحرين، وكانت تدعم حماس في الماضي.
ان النظام الايراني لا يتردد ايضا في استخدام المنظمات غير الشيعية طالما هي مستعدة للتعاون معه. فميليشيات ومنظمات سنية تعمل في سوريا تحتاج الى مساعدة مالية والى مسار آمن لتهريب السلاح، وايران يمكنها أن تكون ذخرا هاما لها ولكل منظمة اخرى من كل نوع وطائفة. فما بالك اذا كان نظام الاسد سيسقط، وستنشأ للمعارضة الحالية معارضة جديدة وخطيرة تضطر الى تمويل ومساعدة من الخارج.
الافتراض، في الغرب وفي اسرائيل هو أن سقوط الاسد سيخدم المصلحة الاسرائيلية، لانه سيقطع سوريا عن ايران وحزب الله، هو افتراض غير ذي صلة ومن شأنه أن يكون مضللا. والافتراض غير ذي صلة لان سقوط أو عدم سقوط الاسد ليس منوطا بالدول الغربية، التي بعدم اكتراثها نقلت معالجة الازمة السورية الى روسيا وايران؛ والافتراض مضلل لانه حتى تغيير الحكم في سوريا لا يضمن قطعها عن ايران.