لبيد وبينيت يخونان جمهوريهما

 

بقلم: تسفي برئيل

يلعب أربعة أزواج – سارة وبنيامين نتنياهو، ويائير لبيد ونفتالي بينيت – البريدج (إحدى ألعاب الورق، وهي لعبة شهيرة تصنف ضمن ألعاب الذكاء- المحرر) على مستقبل الدولة. إن الحلف بين الزوجين نتنياهو طبيعي و"حلال"، وموثق بعهود. أما الزوجية بين بينيت ولبيد في المقابل فتثير العجب؛ كالتأليف بين السوشي والكنايدلخ (طعام للمتدينين اليهود). وهو متصل بخيط دقيق هو تجنيد الحريديين. افتراضهما هو ان الجمهور العريض الذي انتخبهما لا يهتم بأية قضية اخرى في برنامجي عملهما سوى شهوة إلباس آلاف من الحريديين الملابس العسكرية.

وكأن مؤيدي بينيت لا يهمهم بتاتاً أن منتخبهم يعارض بشدة تفكيك المستوطنات وحل الدولتين. وكأن المواد في برنامجه الحزبي – معارضة "كل نوع من أنواع الدولة الفلسطينية غرب الاردن"، وزعم أن "القيادة الفلسطينية غير راغبة في "يهودا" و"السامرة"، بل في دولة إسرائيل كلها"، ودعوته إلى الدفع قدما بالقانون العبري، ومعارضته تحويل اموال الى جمعيات "معادية لإسرائيل"، و"التصميم على مواجهة الطابور الخامس" (عرب إسرائيل)، وهي كأنها عدم أو صفر اذا قيست بـ "العبء". فقد تحول "التساوي في العبء" فجأة الى نقاب يخفي هويته اليمينية المتطرفة، وهو نقاب وجد بفضله حليفا مما اعتيد أن يُسمى "الوسط".

يجب على ناخبي بينيت الآن ان يسألوا أنفسهم هل يوافقون على ان تُدفن كل تلك المبادئ السامية التي انتخبوه من اجلها مقابل التساوي في العبء؟ وهل هم راضون أصلا عن "الشريك الأيديولوجي"، الذي انضم اليهم ويهددهم بمفاوضة الفلسطينيين؟ وليسوا هم فقط من يجب ان يشعروا بأنه تمت خيانتهم من خلال الحلف العجيب بين اليمين الجديد والوسط الخاوي. فما الذي استدعاه ناخبو لبيد لأنفسهم حينما أدخلوا ورقة التصويت في صندوق الاقتراع؟ إن منتخبهم عرض عليهم نظرية اقتصادية وسياسية واجتماعية جديدة على بُعد متساوٍ بين اليسار واليمين. ويصعب ان نجد في البلقع (الأرض الجرداء) الفكري الذي يعرضه عليهم موقفا جازما ما عدا "التساوي في العبء". هكذا الحال في الوسط حيث يبنون على نحو عام الجدار الذي يقعد عليه من يهربون من موقف واضح ومن اتخاذ قرارات.

يجد عشرات الآلاف من الوسطيين أنفسهم فجأة يعانقون على غير رغبة وعلى غير علم زعيم يمين متطرف ويهبون له رداء "وسطية" بفضل الحلف الذي عقده زعيمهم معه. ويجوز لموالي لبيد ولموالي بينيت ايضا ان يتساءلوا بل أن يستشيطوا غضبا: فاذا لم يكن يوجد أي معنى للمواقف الايديولوجية واذا كانت الشهوة شبه الفاشية لرؤية حريديين يعلون على التلال في هتاف حماسي هي التي توحد شعب إسرائيل، فلماذا لم يتحد "البيت اليهودي" و"يوجد مستقبل" في حركة واحدة؟ ولماذا وافقوا على هذه الخدعة التي جعلت لبيد يجعل ناخبيه يؤمنون بأنهم "وسط" وبينيت يقنع مواليه بأنهم "يمين"، في حين أنهما في المحصلة العامة مؤيدان لشعار واحد؟.

بينيت ولبيد يشبهان خيميائيين يعرضان اختراعا سياسيا جديدا هما: "وسط سليم العقل" و"وسط متطرف"، ولا يوجد شيء كهذا. بل يمكن ان يوجد فقط "يمين بمذاق وسط" أو "وسط بمذاق لا شيء"، لكن يجوز الخداع. لقد أصبح "التساوي في العبء" مخدرا منوما. وكل الفروق في المواقف، وتحديد الميزانية والتهديد الايراني وزيارة اوباما وانشاء حكومة قد تستطيع ادارة امور الدولة، تنحني أمام هذا "العبء".

لكن ما الذي سيحدث بعد يوم واحد من اعلان نتنياهو انه يقبل شرط هذين الزوجين؟ هل سيودع أحدهما الآخر ويحاول كل واحد ان يدفع قدما ببرنامج عمله؟ أم يستمر الاثنان منتشيين بنصرهما في رقصة التانغو في الشأن السياسي والاقتصادي ايضا حينما يعانق "وسط" لبيد تطرف بينيت في الشأن السياسي ويحمل بينيت على كتفيه نظرية لبيد الاقتصادية؟ وماذا سيكون اذا عاند نتنياهو وفضل الحريديين؟ هل يستحق مئات آلاف ناخبي هذين الزوجين ان يفقدوا السيطرة على الحكم بسبب مادة مهمة لكنها ليست مصيرية أحدثت شراكة عجيبة؟ سيوجد لايديولوجية بينيت المتطرفة عدد كاف من المؤيدين في حكومة نتنياهو وإن لم يجلس فيها، لكن ماذا ستكون حال ذلك "الوسط" الذي رأى لبيد نبيا كي يتبين له بعد ذلك انه حزب للايجار؟.

  هآرتس