سيناريوهات نتيجة الصراع في سوريا

بقلم: د. يهودا بلنجا

'عنف جديد يهدد النظام في سوريا'، كتب في 'الجارديان'. فقد روى تقرير دافيد هيرست عن اضطرابات عنف، عن تضعضع حكم الاسد وعن أن 'ايام النظام معدودة'. فهل يبدو هذا معروفا؟ إذن، اعلموا بان هذا تقرير كتب في 12 اذار 1980. الايام: ذروة تمرد 'الاخوان المسلمين' في سوريا، عندما فقد النظام السيطرة على اجزاء من شمالي الدولة. في 26 حزيران 1980 نجح 'الاخوان' من الاقتراب من الاسد والقاء قنابل يدوية عليه، ولكنهم اخطأوا الهدف ونجا الاسد من محاولة الاغتيال. في حينه ايضا سوريا كانت في عزلة تامة. ولكن حافظ الاسد نجا بعد ست سنوات من الكفاح، وبعد أن ذبح عشرات الالاف في حماة، قمع التمرد وأصبح زعيما ذا قامة ليس فقط في سوريا، بل وفي العالم العربي باسره.

وها هو الان يقف 'الكافر من دمشق' في ذات الوضع الذي كان يعيشه أبوه قبل 31 سنة. ذات العزلة، ذات النزاع الطائفي المهدد بشق سوريا اليوم، ذات حملة القتل الوحشية، ولكن ليست ذات الازمنة. فالتدخل الذي تسمح لنفسها به الاسرة الدولية في الازمة السورية كفيلة بان تؤدي بالاسد وبلاده الى واقع مختلفا تماما عن ذاك الذي عاشه الاسد الاب، وربما لا. سأحاول ان اعرض عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل سوريا.

الاسد يبقى: الذي لا يصدق يحصل والاسد ينجح في النجاة من الثورة الهائلة ضده. وبمساعدة الايرانيين، حزب الله والروس يقمع الاسد الاضطرابات في المدن الكبرى والعنف يهدأ في ارجاء سوريا. والنتيجة المباشرة: خلق زعيم جديد ذي قامة في العالم العربي بشكل خاص وفي الشرق الاوسط بشكل عام، إذ ان ما لم ينجح في عمله مبارك، القذافي وبن علي، نجح في عمله بشار الشاب.

الاسد يفر: بعد ان تحتل دمشق جيوش الثوار، وهؤلاء أقرب من أي وقت مضى من قصر الرئاسة في حي المزة، يقرر الاسد طلب بطاقة سفر من سوريا. فيحصل على ملجأ سياسي في جنوب افريقيا أو في روسيا وينقل خيوط السيطرة الى نائبه فاروق الشرع. في هذه الحالة، تغرق سوريا في جهود طويلة من اعادة البناء، ولعلها تتوقف لفترة زمنية معينة من لعب دور مركزي في المنطقة.

تمترس علوي في الشمال: غير مرة علم عن تسلح علوي في الشمال وعن اعداد التربة لاقامة دولة منفصلة، في حالة سقوط النظام المركزي في دمشق. ومعروف عن مال علوي نقل الى حسابات في الخارج وعن هروب شباب ومسؤولين كبار من ابناء الطائفة. وتروي الشائعات ايضا عن أبناء عائلة الاسد ممن وجدوا ملجأ في دول الخليج الفارسي. وهكذا فان الحاجة الى ضمان سلامة الطائفة ستؤدي الى انقطاعها عن سوريا.

تفكك سوريا: كون سوريا تتشكل من اكثر من 30 في المائة من ابناء الاقليات، وفي المواجهة الحالية تنعكس المسألة الفئوية الطائفية في سوريا، فان الكثير من المراقبين يتوقعون تفككها في اليوم التالي للاسد. وبالمقابل، يجب أن نتذكر نحو مائة سنة من السعي الى الوحدة؛ المصالح عموم الطائفية المشتركة. والاهم: مبدأ القومية في سوريا والوحدة العربية.

سيطرة المتطرفين على سوريا: عدم التنسيق بين جهات المعارضة، وعلى رأسهم العسكرية، ادى الى وضع سيطرت فيه مجموعات مسلحة مختلفة على قرى بل ومناطق كاملة، وتقيم فيها نوعا من الحكم الذاتي. بعض من هذه المجموعات تحتفظ بايديولوجيا اسلامية متطرفة وتحصل على تمويل من محافل ودول في الخليج الفارسي. في السيناريو الحالي تنجح منظمات اسلامية مختلفة (بما في ذلك تلك المتفرعة عن القاعدة) في أن تفرض سيادتها في مناطق مختلفة من المحيط السوري، ومن هناك تخرج في أعمال ارهابية ضد المركز (ولا سيما دمشق) وجيران سوريا. ويؤدي هذا الوضع الى تصعيد داخلي في سوريا، وبالاساس الى تصعيد اقليمي وذلك لانه ستنشأ مصلحة اسرائيلية، اردنية وتركية مشتركة بدعم من الغرب وروسيا لقمع هذه الجهات.

غرق في حرب طويلة: من بين جملة السيناريوهات التي عرضت، معقول بالتأكيد ان تغرق سوريا في صراع عنيف لا تبدو نهايته بالعين. ولما كان هذا لزمن طويل فأي من الاطراف لا ينجح في تحقيق نقطة 'تحطيم التعادل' يحتمل أن تدور سوريا حول الوضع الراهن الحالي حرب عنيفة يحتفظ بها الحكم بمكانته حول دمشق ويتمتع بدعم من أبناء الاقليات.

حرره: 
ا.ش