"عمليات" رشق الحجارة.. شروع بالقتل

بقلم: اوري اليتسور
نقلت الصحف، يوم الجمعة الماضي، أنباء عن الحالة الخطيرة والقاسية التي تعرضت لها بنات عائلة بيتون على طريق "ارئيل". بعض الصحف (بما فيها "هآرتس") أعطت لهذا الحدث، وعن حق، عنوان "العملية". فأحد ما بنية مبيتة رشق حجارة على سيارة اسرائيلية كي يمس بركابها، وكانت النتيجة حادث طرق شديدا أصيبت فيه أم وابنتاها بجراح خطيرة. واحدة منهما، طفلة، مصابة بجراح ميؤوس منها والخطر يهدد حياتها. 

من الواضح أنه عندما يعمل أحد ما بعنف بنية المس بالمواطنين بلا تمييز، فإن هذه هي عملية. ولكن لا يمكن تعريف العملية بأثر رجعي حسب النتيجة. الحدث على طريق "ارئيل" لم يكن حالة رشق حجارة وحيدة ومنقطعة عن السياق. فمنذ عدة أسابيع تجري موجة رشق حجارة ضد سيارات اسرائيلية في طريق "يهودا" و"السامرة" بما فيها طريق رئيسة كثيفة الحركة كعابر لـ"السامرة" وطريق 443 من "موديعين" الى القدس. وقد وقع منذ الآن ضرر كبير للاشخاص وللاملاك على حد سواء. وسائل الاعلام لا تتجاهل تماما، وهنا وهناك تظهر أنباء صغيرة عن سيارة اخرى اصيبت، ومسافر آخر اصيب ونقل لتلقي العلاج. ولكن المصطلح الصحيح هو "عملية"، والمعالجة الحكومية الشرطية (والاعلامية ايضا) المناسبة للعملية لا تظهر إلا بعد أن تقع مصيبة. 

عندما تقع "موجة" كهذه فجأة، بعد سنوات من الهدوء النسبي، تحصل بالتوازي في "السامرة" وفي جبال القدس، في الخليل وفي بنيامين، فإن هذا لا يكون انفجارا عفويا للغضب ولا شغبا للرعاع. أحد ما ينظم هذا من فوق. توجد قيادة تطلق التعليمات ويوجد جنود في الميدان ينفذون. في عهد الانتفاضة الاولى، في نهاية الثمانينيات، كان السكان اليهود والعرب متداخلين بعضهم ببعض. وكانت قوات الجيش الاسرائيلي ترابط داخل المدن العربية، ولم تكن السلطة الفلسطينية قد نشأت بعد، والطرق التي سافر فيها السكان اليهود كانت تمر داخل القرى العربية وفي أزقة المدن العربية. وحتى الانتفاضة ذاتها كانت منظمة بلجان محلية ومراتبية قيادية معينة، ومع ذلك كان ثمة أساس عفوي واسع جدا. كان الاحتكاك يوميا، وكل مجموعة من الفتيان مصابة بالملل بعد المدرسة كانت خلية محتملة للاشتباكات ورشق الحجارة، والحجارة متوفرة بما يكفي في كل شارع. 

اما اليوم فالوضع مختلف تماما. فالطرق لا تمر داخل البلدات العربية، وجنود الجيش الاسرائيلي لم يعودوا يرابطون داخل المدن والقصبات. اما اليوم، فمن أجل ضرب سيارات الجيش أو المدنيين الاسرائيليين فينبغي المبادرة الى الخروج وفي ظلمة الليل الى مكان بعيد بما يكفي عن القرية أو البلدة، ونصب كمين على الطريق، تنفيذ عملية، والفرار. هذا ليس عملا عسكريا مرتبا ولكنه بالتأكيد عمل عسكري، عمل تخريبي منظم، مخطط ومبادر اليه. 

يدور الحديث عن عملية بكل معنى الكلمة. الحجارة يمكنها أن تقتل، وراشقوها يقصدون القتل. لم تكن ثمة حاجة للانتظار الى أن حصل ما حصل على طريق "ارئيل" من اجل اعطاء التعريف السليم، ولكن على الاقل الآن، بعد أن حصل هذا، يتعين على قوات الأمن واجهزة القضاء (والاعلام ايضا) ان تعالج العملية مثلما تعالج العمليات. يوجد مخربون يخرجون للقيام بالعمليات، وعندما تريد قوات الامن فإنها تعرف كيف تعتقلهم. عالجوا العملية مثلما تعالج العمليات. لا تنتظروا المصيبة التالية.