المجلس الوزاري المصغر: أكثر صقرية.. وأقل خبرة

بقلم: عاموس هرئيل

حتى أول من أمس ظهرت هوية ثمانية أعضاء من المجلس الوزاري السياسي الأمني في الحكومة القادمة. وبقدر ما هو معروف، فان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، معني، هذه المرة، بمجلس وزاري صغير نسبيا. ومع ذلك، يحتمل أن تكون الحاجة الى تعويض وزيرين من "الليكود"، تضررت مكانتهما في الحكومة الجديدة، يوفال شتاينتس وسلفان شالوم، ستؤدي الى ضمهما الى المجلس الوزاري. التجربة المتراكمة لأعضاء المجلس الجديد في المجال الأمني أصغر مقارنة بالمجلس في الحكومة المنصرفة. في هذه المرحلة من الصعب أن نعرف كيف سيعالج المجلس المسألة الحاسمة التي قد تكون على جدول الأعمال في الولاية التالية: هجوم إسرائيلي على مواقع النووي في ايران، وإن كان يبدو في نظرة اولى ان التشكيلة الجديدة أكثر صقرية من سابقتها. 

في الحكومة المنصرفة كان هناك محفلان استراتيجيان مركزيان: السباعية (وبعد ذلك الثمانية والتساعية) والمجلس الوزاري. في السباعية جرت المداولات المعمقة الاستراتيجية وبحثت بجدية دون تسريب مسائل أساسية، مثل النووي الإيراني والعلاقات مع الولايات المتحدة، لوسائل الإعلام. ولكن السباعية كانت هيئة عديمة المكانة القانونية. وكان نتنياهو يعرف بانه اذا أراد إقرار هجوم ضد إيران فسيكون مطالباً بعقد المجلس الوزاري بل وربما الحكومة للحسم. هذه المرة المبنى المخطط له مختلف: فعلى أي حال، يقيد القانون عدد أعضاء المجلس الوزاري بنصف أعضاء الحكومة، والتقليص في عدد الوزراء إلى 22 يقلص المجلس الوزاري الى 11 وزيراً في أقصى الأحوال. 
في مثل هذه الظروف، يبدو أن رئيس الوزراء يفضل توحيد المحفلين، وفي هذه النقطة على الأقل (إذا لم يكن هناك تعويض للمظلومين)، فان لجنة الثمانية والمجلس الوزاري سيكونان المحفل ذاته. في حالة اتخاذ قرار مستقبلي ضد ايران، المعنى هو أنه خلافاً للماضي، فسيكون هذا المحفل ذاته، المجلس الوزاري، الذي سيبلور الاستراتيجية، وفي الوقت ذاته يصوت على الخطة العملية.

سيشارك فيه ستة من أعضاء المجلس الوزاري بحكم مناصبهم، كما ينص القانون: رئيس الوزراء نتنياهو، وزير الدفاع بوغي يعلون، وزير المالية يائير لبيد، وزيرة العدل، تسيبي لفني، وزير الأمن الداخلي اسحق اهرونوفيتش ووزير الخارجية المرشح، افيغدور ليبرمان (مثل الوزارة، فان العضوية في المجلس الوزاري ستحفظ له حتى نهاية محاكمته).
لهؤلاء الستة سينضم وزير الاقتصاد والتجارية، نفتالي بينيت، بصفته رئيس كتلة "البيت اليهودي" ووزير أمن الجبهة الداخلية، جلعاد أردان. 
الجانب الأكثر بروزاً في المجلس الوزاري الجديد، مقارنة بالسباعية في الحكومة السابقة، هو انعدام التجربة الأمنية لدى قسم من أعضائه. ويخرج من الصورة وزير الدفاع المنصرف، ايهود باراك، والوزيران، دان مريدور وبيني بيغن، وهم معاً أصحاب تجربة متراكمة لعشرات السنين في مجالات أمنية حساسة. 

أما لبيد، بينيت، وأردان فيأتون بلا أي تجربة موازية، وحتى اختصاص شتاينتس، الذي أدى ذات الدور في الحكومة المنصرفة أيضا، فمحصور أساسا في مجالات وزارته.
في السباعية السابقة، دار صراع جبابرة حول المسألة الإيرانية. وحسب تقارير مختلفة، فقد شكل يعلون، مريدور، وبيغن، جبهة موحدة ضد هجوم إسرائيلي غير منسق مع الولايات المتحدة وصدوا الميل المعاكس، الذي قاده نتنياهو وباراك، وبالغالب بدعم من ليبرمان. أما الوزير ايلي يشاي من "شاس" فكان يعتبر بشكل عام كمن لم يبلور بعد موقفه النهائي من المسألة. 
ولاحقا أضيف الى السباعية والى المعسكر الصقري الوزيران شتاينتس وآفي ديختر.
ولكن الرياضيات لم تكن كل شيء: حلق يعلون، مريدور، بيغن، حتى إن كانوا في موقف الأقلية، الا انهم صدوا قرارا مبكرا بالهجوم، مستعينين بالفتوى السلبية لقادة اذرع الأمن، الجيش الاسرائيلي، "الموساد"، وبقدر ما "الشاباك" أيضا.

في كل ما يتعلق بايران في المجلس الجديد يفترض ببينيت ولبيد ان يرثا بيغن ومريدور. ولكن لبيد بالذات يأتي معفيا من كل تجربة في هذا المجال. في القطب الآخر سيبقى نتنياهو ولاحقا ليبرمان. يمكن التقدير بانه عند الحاجة سيتمكنان من أن يجندا الى جانبهما أيضا أعضاء حزبهما، أردان واهرنوفيتش. وتحدث بينيت مؤخرا بانه لم يبلور بعد موقفه في المسألة لأنه لم يطلع بعد على ما يكفي من المعلومات في المسألة الإيرانية. 

اما بالنسبة للمسيرة السياسية مع الفلسطينيين فان خطوط الفصل اكثر وضوحا: هنا يحصى مبدئيا أيضا يعلون وبينيت كلاهما مع المعسكر الصقري (وان كانا كلاهما قد يؤيدان خطوات بناء ثقة مع الفلسطينيين طالما لم تكن هذه خطوات بعيدة الأثر)؛ لفني ولبيد سيبقيان وحدهما في المعسكر الحمائمي نسبيا. وينبغي أن تضاف الى هذا حقيقة أن السياسيين المؤيدين للمستوطنات يتولون مواقف أساسية في الحكومة وفي الكنيست الجديدتين – وزير الإسكان، رئيس لجنة المالية، نائب وزير الدفاع – بشكل يزيد جدا تأثير مجلس "يشع" للمستوطنين على القرارات بتحويل الميزانيات، على حساب الكتل الاصولية التي رفض دخولها إلى الائتلاف الجديد. 

وبالتالي فإن المجلس الوزاري الجديد سيكون اقل تجربة في المجال الأمني وظاهرا أيضا أكثر صقرية من الماضي. ولكنه متعلق أكثر بالوزن القيمي والسياسي الذي سيبنيه أعضاؤه لأنفسهم. مريدور وبيغن كانا تقريبا عديمي التأثير السياسي في الحكومة السابقة (والدليل أنهما لم يدخلا قائمة "الليكود" في الكنيست الحالية) ولكن كان لهما ما يكفي من الوزن القيمي لتثبيت موقف مؤثر. 

أما لبيد، فرغم عدم تجربته السياسية، فسيتعين عليه أن يثبت لنفسه مكانة موازية – بفضل كونه زعيم الكتلة الثانية من حيث الحجم في الائتلاف – إذا كان يريد أن يترك أثره على المسائل الاستراتيجية أيضا. 

إذا لم يقف عند رأيه، فسرعان ما سيتبين له ان رئيس الوزراء سيبعده عن طبخ القرارات التي لا تتعلق بمجالات الاقتصاد والمجتمع.