من يريد السلام يا أخي؟

 

بقلم: اسحق ليئور

لا يتحدث الباباوات في زياراتهم النادرة لنا مع الحكام برغم ان وزير المالية الداخل كان سيفرحه ان تلتقط له صورة مع كاهن غير ذي لحية، هو ممثل رفيع الشأن لحضارة الغرب.
ومن جهة اخرى يترك رؤساء اميركيون وراءهم صور فيديو للاستعمال مرات كثيرة في معاركنا الانتخابية. ولهذه الزيارات صفة مفرحة اخرى لأننا نقف على الباب وننتظر في توق هدايا يأتي بها العم. قد تكون يونتان بولارد وقد تكون الموافقة على حرب ايران. ومن يعلم؟.

أما اليسار الاسرائيلي فهو يشبه المعلقة التي مرت عليها 46 سنة في توقع باطل لتسوية مفروضة – وما زالت تنتظر رئيسا كشرطي يضرب عنصريينا ومستوطنينا على رؤوسهم ويضع السلام في ارضنا باسم القيم الاميركية كما في العراق وليبيا وافغانستان وفي اماكن لا يذكرها اليسار الاسرائيلي الموجه.

أفشل الاميركيون دائما دونما أية صلة بمواقف القيادة الفلسطينية، الاستقلال الفلسطيني لأنه لم يكن للفلسطينيين قط قوة كان يمكنها ان تمنح الامبراطورية مزايا ما في المنطقة المهمة لها كثيرا. وحينما وجد للولايات المتحدة إثر الحرب في 1973 أزعر اقليمي جديد هو مصر يضاف الى الأزعر الاسرائيلي الضعيف، سحب الجيش الاسرائيلي سريعا من سيناء كلها. أما سوريا فلم تعد خلافا لمصر التي فتحت للاستثمارات الغربية، بأية سلعة مقابل اخلاء الجولان ولهذا لم تحصل على شيء. ولا توجد دولة اخلاق المافيا غريبة عليها.
إن اسرائيل في سائر الجبهات تستعمل سوطا اميركيا يزداد قوة، إما تطوعا وإما بالتنسيق. وهي تمنح الميزانيات الضخمة التي لا تأتي الى هنا بل تمر من الجيب الفيدرالي الى جيوب اتحادات السلاح التي تصبح من جهتها ذات مصلحة في "أمن اسرائيل"، تمنحها سمة محببة هي "المساعدة". وتقدم اسرائيل ايضا مختبرات تجريب لسلاح حديث في الوقت المناسب. وقد سمعنا مدة عقود من قادة معسكرنا المعتدل من أن الخلاص الاميركي سيأتي حتما. ولماذا؟ لأن الدولة الفلسطينية مفتاح لاستقرار المنطقة. وفي اثناء ذلك نمت قوة الولايات المتحدة المحتكرة في المنطقة بفضل عدم استقرارها. لأنه ما الذي سيفيدها بالضبط استقرار المنطقة؟.

الامور الى هنا مؤلمة وواضحة، وكل الدعوات الانفعالية لبارك اوباما باسم المساواة والأخوة تسقط في سلة الشعار المهتريء نفسه وهو انه يوجد للاميركيين رئيس ليبرالي وأسود وهو تحقيق حلم. لكن الرئيس اميركي وهو يأتي مثلا الى دولة تسجن اللاجئين الافارقة في معسكر تجميع في الصحراء ولا احتمال ألبتة لأن يقول حتى كلمة انتقاد واحدة في السجن، وفيما يتعلق بالمناطق سيردد مرة اخرى قوله إن "المستوطنات عائق أمام السلام"، وسيبتسم قادتنا ويقولون "من يريد السلام أصلا يا أخي؟".

لاسرائيل حكومة جديدة وضعيفة. والى اليوم خرجت كل حكوماتنا الضعيفة في "عمليات" من اجل تعزيز الثقة الاميركية بها ايضا. وللحكومات الضعيفة جيش قوي. فماذا عند معسكر السلام؟ يوجد عنده الى الآن من جهة عضوات كنيست يتشحن بأوشحة الصلاة عند حائط المبكى ويقلن في نفاق "الحائط لنا جميعا"، ومن جهة اخرى، ومع الفرق "يسار متطرف" يدون مدونات في الشبكة الاجتماعية هي احيانا بديل عما كانوا يفعلونه ذات مرة على حيطان المراحيض العامة. وقد هتفت واحدة هي نوعا شايدلنغر حينما قتل طياران في حادثة مروحية وفسرت بقولها: "سأهتم بسخافات مثل "صورة الانسان" عندي بعد ذلك حينما ينتهي النضال بنجاح". ليس النص البهيمي هو المهم بل "الثورية" التي تعبر عنها انبثاقات ذاتية على هذا النحو. ما هو "النجاح" في هذا النص؟ وأين "النضال" في الأساس؟.

بدل ان نحث اوباما على المجيء الى الميدان كي يرى مدينتنا المتقدمة، مع الليالي البيضاء، ومسيرات الفخر والماراثونات والحانات، ينبغي ان نفكر في الميدان باعتباره مكانا جيدا لاستمرار النضال الذي خفت في شوارعنا منذ زمن. يستطيع معسكر حمائمي واسع نشيط ان يضعضع سلطة المستوطنين وان يدخل في حسابات الأرباب في واشنطن. إن اوباما لن "ينقذ اسرائيل من نفسها"، وهو لسبب ما قد حصل على جائزة نوبل للسلام مسبقا.