كبرى شركات الأدوية الاسرائيلية تواجه الفضيحة والخسارة

تل أبيب: في الوقت الذي تتفاخر فيه إسرائيل بقرب إنجاز «صفقة العمر» بين شركة «غوغل» العالمية وشركة «وايز» الإسرائيلية المتخصصة في خرائط المرور الاجتماعية، وقعت كالصاعقة أنباء خسائر تلحق وستلحق برأس حربة الصناعات الإسرائيلية عالمياً، شركة «تيفع» الدوائية. فقد سرت أنباء أن أربعة فرنسيين على الأقل ممن يتعاطون أدوية قلب ينتجها مصنع الشركة في فرنسا لقوا مصرعهم، ما قاد إلى تحقيقات وإيقاف توزيع أدوية «تيفع» هذه. وإذا لم يكن ذلك كافياً، فإن «تيفع» ستدفع أكبر تعويض في تاريخها بقيمة 1,6 مليارات دولار على دفعتين لشركة «بفايزر» بعدما قضت محكمة بانتهاك «تيفع» لحقوق ملكية دواء «Protonix».

وفي أعقاب سلسلة إخفاقات خطيرة قد تكون أفضت إلى وفاة عدد من المرضى، قررت شركة «تيفع» أمس الأول وقف تسويق كل الأدوية التي تنتجها في مصنعها في فرنسا. وبحسب الصحف الإسرائيلية، فإن سلسلة الأحداث التي قادت إلى وقف تسويق الأدوية بدأت بعدما وصلت تقارير عن وفاة مرضى مسنين، وعن إدخال آخرين إلى المستشفيات بعد تعاطيهم دواء «بوروسميد». وتنتج «تيفع» هذا الدواء المستخدم لعلاج عدم كفاية القلب وضغط الدم المرتفع. وأظهرت الفحوصات التي أجريت للمرضى أنهم بدل أن يتلقوا الدواء المطلوب تناولوا حبوبا منومة مغلفة بغلاف «بوروسميد». وقد اكتشف صيدلاني الأمر عندما اشتكت له مريضة من نعاس وتعب غير مبرر.

وبعد ظهور الخلل شرعت وزارة الصحة الفرنسية بتحقيق واسع أثبت حتى الآن وقوع أربع ضحايا، ولكن يعتقد أن هناك حالات وفاة أخرى مشبوه بأنها مرتبطة بخلل الدواء هذا. وأعلنت وزارة الصحة الفرنسية رسمياً أنها أنهت تفتيشاتها في مصنع «تيفع» من دون العثور على أي خلل تنظيمي بين انتاج الدواء وتغليفه، وأن أسباب الاستبدال لا تزال غامضة. ولكن سرعان ما أعلن عن وفاة عجوزين، ما أعاد التحقيقات إلى الواجهة.

وقد انشغلت وسائل الإعلام الفرنسية بالأمر، موضحة أن هناك ما يشبه حالة الذعر في صفوف الجمهور تجاه الأدوية عموماً، وأدوية «تيفع» على وجه الخصوص. ويُشار إلى أن التطور الأهم هو أن المدعين العامين في المدن التي وقعت فيها الوفيات جراء تناول الأدوية بدأوا تحقيقاتهم، وهناك من لا يستبعدون أن تجد «تيفع» نفسها في نهاية المطاف على كرسي الاتهام «بالتسبب بالموت عن غير قصد». ويرى خبراء أن هذه المسألة قد تشكل «الأزمة الأخطر في تاريخ عملاق الأدوية الإسرائيلية».

وكانت شركة «تيفع» في فرنسا قد حاولت في البداية الإيهام بأن الخلل وقع في بضع عشرات من علب الدواء، ولكن سلطات الصحة الفرنسية أمرت بسحب 90 ألف علبة دواء. وحاول مدير المصنع في فرنسا الإيحاء بأنه قد تكون هناك دوافع شريرة وراء الاستبدال بقصد الإساءة للشركة. عموماً ليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها شركة «تيفع» للمشاكل القضائية في أوروبا، إذ سبق للاتحاد الأوروبي أن مارس إجراءات قانونية ضدها بتهم انتهاك قوانين الكارتل، والاتفاق مع شركة أميركية على تخفيض أسعار الأدوية. كما سبق لـ«تيفع» أن تعرضت في الولايات المتحدة ذاتها لتحقيقات واسعة بسبب حالات وفاة جراء تعاطي عدد من أدويتها.

ومن جهة أخرى، وبناء على قرار محكمة، ستدفع «تيفع» وشركة «سان» الهندية لشركتي «بفايزر» و«تاكيدا» اليابانية مبلغ 2,1 مليار دولار تعويضاً عن انتهاك حقوق ملكيتهما لدواء «Protonix». ومن المقرر أن تدفع «تيفع» 1,6 مليارات دولار من هذا التعويض على دفعتين قيمة كل منهما 800 مليون دولار، في حين ستدفع «سان» الهندية مبلغ 550 مليون دولار دفعة واحدة. وكانت «تيفع» و«سان» قد أطلقا في العام 2007 دواء مشتركاً هو نسخة عن «Protonix» برغم أن حقوق هذا الدواء كانت لا تزال سارية حتى العام 2011.

وتجدر الإشارة إلى أن شركة «تيفع» هي أكبر الشركات الصناعية الإسرائيلية في العالم، وقدرت قيمتها السوقية في العام 2012 بحوالي 50 مليار دولار، وبلغت مداخيلها 18,3 مليار دولار في العام 2011. وبرغم تمدد «تيفع» عالمياً وشرائها للعديد من شركات الدواء المتعثرة، ويعمل فيها ما لا يقل عن 47 ألف عامل، فإن مركزها الرئيس لا يزال في «بيتح تكفا».

وقد تخصصت «تيفع» أساساً في إنتاج الأدوية، التي لا تسري عليها حقوق ملكية، وكانت تدرس فترات انتهاء حقوق ملكية الأدوية وتسارع إلى الدخول في إنتاجها، ولكن ذلك لم يمنعها مؤخراً من دخول باب الأبحاث الدوائية. وتعتبر «تيفع» بين الشركات التي رفعت اسم إسرائيل عالياً في مجال صناعة الدواء، ووضعتها في مصاف منافسة كبرى الاحتكارات الدولية في هذا المجال. و«تيفع» واحدة من أكبر 20 شركة دواء في العالم، وتشكل مبيعاتها في أميركا الشمالية وأوروبا حوالي 80 في المئة من مداخيل الشركة. وبعدما اشترت «تيفع» في العام 2006 عملاق الأدوية «إيفاكس»، أصبح لها فروع في أكثر من 50 دولة. وفي العام 2010 صنفت مجلة «فوربس» شركة «تيفع» في المرتبة 381 بين كبريات الشركات في العالم حسب ما نقلته صحيفة السفير.

حرره: 
م.م