المشهد الإسرائيلي الأسبوعي من 17-23 حزيران 2013

أولا : المشهد السياسي

- موجة كبري من التطرف تجتاح الساحة السياسية الإسرائيلية أبطالها وروادها ثلة من زعماء وقادة اليمين ،بدأت مع تصريحات نائب وزير جيش الاحتلال "داني دانون" الذي أعلن أن حل الدولتين غير قائم وان نتنياهو يمارس الخداع والتضليل بحديثه عن المسيرة السياسة وحل الدولتين، وفي تصريح جديد أخر "لدانون" قال انه يجب البناء في منطقة E1"" ودعا نتنياهو إلي الشروع بالبناء في هذه المنطقة دون الالتفات إلي الأصوات المعارضة من الداخل أو الخارج كما حصل في البناء الاستيطاني في جبل أبو غنيم، تلاه في التصريحات المتطرفة وزير الاقتصاد زعيم حزب البيت اليهودي"نفتالي بينت" الذي قال أن حل الدولتين انتهي والي الأبد، وان الفلسطينيين في الضفة الغربية باتوا هم المستوطنين ،وان إسرائيل ستسيطر علي كل الأراضي الفارغة في الضفة الغربية،وان حل مشكلة الفلسطينيين في غزه والضفة يجب أن تناقش مع مصر والأردن،وأضاف بينت بالأمس انه من الممكن أن يتعايش اليهود مع الفلسطينيين كالشظية في المؤخرة،وزاد في تغريده له علي صفحته علي "الفيس بوك" قائلا،أن قيام دولة فلسطينية غرب نهر الأردن سوف يجلب على "إسرائيل" 100 عام من الصراع غير المنتهي،وإغراق "إسرائيل" بملايين اللاجئين الفلسطينيين، فضلاً عن اتساع العزلة الدولية.

 

وكتب "بينت" مضيفا ،أنه يعتقد أن دولة فلسطينية كهذه سوف تكون فقيرة ومعادية مثل الدولة التي قامت في غزة عام 2005، وأعمالها مازالت لغاية الآن معادية وخطرة جداً، وستكون تلك الدولة على بعد 30 ثانية طيران فقط من مطار بن غوريون و10 دقائق سفر من "بيتح تكفاه"،وأضاف زاعما،إن الانسحاب من غزة جلب لنا آلاف الصواريخ ودولة "إرهابية" تحكمها حماس، وكتب إن حل الدولتين الذي التزم به نتنياهو في خطاب بار إيلان غير قابل للتطبيق، ولذلك يجب البحث عن بديل لزرع دولة فلسطينية في قلب دولة إسرائيل، وأننا لن نمنع المفاوضات مع الفلسطينيين رغم عدم إيماننا بها،كما تطرق "بينت" إلى الائتلاف الحكومي الذي هو عضو فيه، وقال،أنا أعرف أن الليكود وحزب "يش عتيد" يؤيدون إقامة دولة فلسطينية،وأن كتلة البيت اليهودي دخلت الائتلاف عن قناعة، وأنا أؤمن بصدق مواقف نتنياهو ولبيد وليفني، ولكني أعتقد أنهم خاطئون، وأنا أؤمن أن أقوالهم مثل إن لم نقيم دولة فلسطينية سوف يؤدي ذلك إلى نهاية "إسرائيل" هي أقوال خاطئة وبالطبع ضارة، ولحق به وزير جيش الاتلال "بوغي يعلون"الذي صرح من واشنطن بان جهود كيري ستفشل وانه لا يمكن أن تقدم إسرائيل علي دفع أي ثمن للفلسطينيين قبل المفاوضات،تبعهم نائب وزير الخارجية "زئيف الكين" الذي أكد انه يتفق مع موقف بينت بان حل الدولتين انتهي ولم يعد قائما،وكذلك تصريحات وزير الإسكان المتطرف من سكان مستوطنة ارئيل "أوري اريئل" الذي قال فيها إن الاستيطان معزوفة يجب أن تستمر ولا يجب أن تتوقف،وان حل الدولتين أصبح من خلفنا ،واكتملت هذه الموجه من التطرف بإقامة لوبي من أعضاء الكنيست باسم "لوبي من اجل بلاد إسرائيل" بزعامة المتطرف الليكودي "يريف لفين"ونائبة الوزير "تسيفي حوتبولي" ووقع علي وثيقة هذا اللوبي كل أعضاء الكنيست من اليمين التي تهدف إلي استكمال السيطرة الإسرائيلية علي ما تبقي من الضفة الغربية.

 

- هذه الموجه من التطرف تعبر حقيقة عن المواقف السياسية والأيدلوجية لأحزاب الائتلاف الحكومي اليميني،ممثلا بحزبي الليكود والبيت اليهودي وجزء كبير أيضا من أعضاء حزب "يائير لبيد يوجد مستقبل" باستثناء أعضاء حزب "تسيفي ليفني حزب الحركة" الضعيف والغير مؤثر في الائتلاف،موجة التطرف قابلها تصريحات واهنة وسطحية تعبر عن وهن أصحابها وعدم مقدرتهم علي مواجهة هذه الموجه،فكانت تصريحات رئيس الحكومة نتنياهو المعارضة في ظاهرها لهذه التصريحات وهي ليس بالضرورة تعبر عن حقيقة مواقفه ،فهو يطلقها للتضليل والكذب علي المجتمع الدولي لتخفيف حدة الانتقادات التي توجه لإسرائيل في المحافل الدولية ، والتملص من تحمل المسؤولية عن فشل جهود "جون كيري" وجهود المجتمع الدولي الذي يدعم إحياء عملية التسوية والعودة للمفاوضات لإقامة دولة فلسطينية بجوار إسرائيل،وهي تصريحات تعبر أيضا عن ضعف ووهن سيطرته داخل أروقة حزب الليكود وسيطرة أعضاء اليمين المتطرف علي مؤسساته ولجانه، تصريحات نتنياهو التضليلية لا تتضمن خطط جديدة ولا تحمل أي بنود مشجعة،فهي تصريحات قديمة جديدة يجري إنتاجها كل مرة وفقا للمواقف والمناسبات والجهات التي ترغب بالاستماع لمواقف الحكومة الإسرائيلية،فهو لا زال مصرا بأنه معني بالشروع بالمفاوضات بدون شروط مسبقة لإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بيهودية دولة إسرائيل مع ترتيبات أمنية تضمن لإسرائيل السيطرة علي مناطق شاسعة من مساحة الضفة الغربية وتحديدا منطقة الأغوار التي تشكل نسبة كبيرة من مساحة الضفة الغربية إضافة إلي المساحة المقام عليها المستوطنات، وفي خطوة دعائية إعلامية هدفها التأثير في الرأي العام وتحديدا في التأثير علي إدارة اوباما قال انه مستعد أن يقيم خيمة بين رام الله والقدس تتسع لثلاث أشخاص تضم إلي جانبه الرئيس عباس ووزير الخارجية جون كيري،خيمة تبقي قائمة حتى يتم الانتهاء من المفاوضات التي اشترط ألا تكون مشروطة من الجانب الفلسطيني مع حقه في وضع الاشتراطات المتمثلة بعدم تحديد مرجعية للمفاوضات ،ولا يجب الحديث عن وقف الاستيطان، إضافة إلي أنها يجب أن تكون قائمة علي أساس إقامة دولة فلسطينية إلي جانب إسرائيل شرط أن تكون منزوعة السلاح وتعطي لإسرائيل الحق في ترتيبات أمنية، تصريحات تتسم بالغوغائية تهدف إلي التضليل وإحالة العبء عن كاهله وتحميل المسؤولية للرئيس عباس علي نمط "كشف الوجه الحقيقي" للرئيس ياسر عرفات حسب "أيهود باراك" في كامب ديفيد 2000م ،يصرح نتنياهو هذه التصريحات الواهنة والضعيفة في ظل الهجمة اليمينية من قبل زملائه وحلفائه في الحكومة والائتلاف،وتمثل الوهن والضعف أيضا في تصريحات الشريك الأكبر والأبرز في الحكومة زعيم حزب "يوجد مستقبل"  الذي قال انه يثق في نتنياهو وانه يناقش معه الملف السياسي وهو متأكد من صدق نوايا رئيس الحكومة ،وأضاف أن حل الدولتين هو الحل الوحيد والممكن ليس حبا في الفلسطينيين كما يقول بل لأنه مصلحة إسرائيلية ،لبيد الذي نطق بهذه التصريحات لم يتحدث عن خطة كاملة يقدمها حزبه من اجل النقاش حولها كونه الحزب الثاني بعد الليكود بيتنا في الحكومة من حيث عدد أعضاء الكنيست ،بل اكتفي لان يتحدث بخطوط عامة وغير ملزمة لنتنياهو ، فهو يثق في نتنياهو ويحمل الطرف الفلسطيني المسؤولية بتعثر المفاوضات،"يائير لبيد" الذي كان مصنفا زورا علي الوسط السياسي في إسرائيل لم يعارض هذه الموجه المتطرفة،فهو عديم الدافعية والاهتمام بالملف السياسي ،حتى أن جزء من أعضاء حزبه في الكنيست انضموا للوبي من اجل بلاد إسرائيل ووقعوا علي الوثيقة .

 

- الضعف ليس محصورا في بعض اطراف الحكومة بل امتد ليشمل المعارضة التي تتزعمها رئيسة حزب العمل "شيلي يحموفيتش" عديمة الدافعية في الموضوع السياسي والتي تكرس جل وقتها وجهودها في مواضيع الميزانية والقوانين الاجتماعية والاقتصادية، تطلق تصريحات ضعيفة واهنة كنوع من إسقاط الواجب كونها زعيمة سياسية ،تصريحاتها لا تتعدي حد الانتقاد لما قد تجلبه هذه التصريحات اليمينية من انتقادات دولية تساهم في عزلة سياسية لإسرائيل في المحافل الدولية والإقليمية ،وهن وضعف رئيس الحكومة وكذلك زعيمة المعارضة تعطي دافعية لزعماء اليمين الذين يخافوا ويمقتوا مجرد فكرة البحث في أي موضوع سياسي مع الفلسطينيين تتناول حدود عام 1967م وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وإخلاء المستوطنات وتقسيم القدس وعودة اللاجئين .

- التطرف الذي تشهده الساحة السياسية في إسرائيل كفيل بإحباط وإفشال أي جهود ترمي إلي إحياء عملية التسوية في المنطقة،وكفيلة بإحباط جهود جون كيري التي أعطاها الوقت والجهد ومن اجلها قام بجولات مكوكية وعقد اجتماعات عديدة مع قادة المنطقة،استمع لهم وناقشهم وحاورهم،كيري أرجأ زيارته التي كانت مقررة الأسبوع الماضي،أرجأها علي وقع التصريحات الإسرائيلية المتطرفة والإعلانات المتكررة عن التوسع في البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس،وحرصا علي تهدئة الأجواء،والإبقاء علي الأمل في تخطي العقبات وخوفا من التوصل المتسرع لاستنتاج فشل جهوده،كيري المحبط والفاشل لغاية ألان في مساعيه،لن يذهب مع سيناريو غسل يديه من العملية والإعلان عن نهايتها، سيبقي كيري يبذل الجهود ويكرر المحاولة تلو المحاولة لإذابة الجليد الذي راكمته تصريحات اليمين في إسرائيل وإجراءات الحكومة في توسيع الاستيطان.

 

-فكيري ربط بين التقدم في عملية التسوية وحل مشاكل المنطقة وترتيب أوضاعها وملفاتها بما يتقاطع مع مصالح أمريكا وحلفائها في المنطقة،والإعلان عن عودته للمنطقة في نهاية الشهر الجاري يدلل علي أن كيري لازال مستمرا ببذل جهوده وأن كل المعيقات من تصريحات وإجراءات علي الأرض لن تثنيه عن بذل الجهود واستمرار المساعي،فالعملية برمتها باتت قضيته الشخصية،إضافة لكون فشلها يعني فشل خبير السياسة الخارجية الأمريكي علي مدار عقود من الزمن، سيمارس كيري الضغوط علي طرفي المعادلة الفلسطينيين والإسرائيليين،سيذكر نتنياهو بضرورة العودة لأجواء التسوية لارتباطها بالملفات الاخري،الملف السوري وتداعياته الأمنية الخطيرة علي إسرائيل،وملف حزب الله والصواريخ التي يمتلكها ومدي أيضا خطورتها علي الأمن الإسرائيلي،وكذلك الملف النووي الإيراني بعد انتخاب الرئيس الإيراني الجديد "روحاني"،سيذكره بان امن إسرائيل مرتبط بالعودة للمفاوضات والتخلي عن الإجراءات أحادية الجانب والتوقف عن بناء الاستيطان ،سيذكره بأهمية انعكاس أجواء المفاوضات في إقناع دول إقليمية بالدخول مع إسرائيل في شراكة أمنية وسياسية حقيقية تساعد إسرائيل في حل مشاكلها الأمنية والسياسية، أما علي الجانب الفلسطيني سوف يستحضر كيري عصا العقوبات الاقتصادية ،وعزل السلطة دوليا وتجفيف منابع المساعدات المالية ،وإضعافها في تقديم التزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني،أو جزرة الرشاوى الاقتصادية،كالاستثمارات وافتتاح مشاريع اقتصادية وخدماتية،وإطلاق عدد من الأسري وتخفيف بعض الإجراءات العسكرية الإسرائيلية وتوسيع نفوذ سيطرة السلطة في مناطق "c"،وسوف يستعين بأصدقائه الأوربيين لممارسة نفوذهم وضغوطهم علي طرفي الصراع،من هنا جاءت زيارة ممثلة الاتحاد الأوربي "كرين اشتون" للمنطقة ولقائها بالرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء نتنياهو،زيارتها جاءت لدعم جهود كيري والتأكيد علي موقف الاتحاد بان الحل يقوم علي أساس حل الدولتين،وان المفاوضات السياسية هي الخيار الوحيد للتوصل لإنهاء الصراع .

 

- وفي الملف السياسي أيضا ،أخذت نتائج الانتخابات الإيرانية التي أطاحت بتيار المتشددين ونجاح ما يطلق عليهم تيار الإصلاحيين،أخذت هامشا كبيرا من التحليل والتصريحات والمواقف،فرئيس الحكومة نتنياهو يعتقد أن نجاح الرئيس الجديد"روحاني" لا يعني أن هناك تغييرا واضحا سيطرأ علي السياسة الإيرانية فيما يخص البرنامج النووي الإيراني أو مواقفها من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو في الملفات الأمنية الخطيرة،فهو يعتقد أن أي رئيس إيراني لا يعدو عن كونه بمثابة الناطق الإعلامي باسم المرشد "علي خمينائي"،وان موقعه ليس ذو تأثير علي رسم السياسات الإستراتيجية الهامة،تصريحات نتنياهو بعدم التمييز المتعمد بين الرئيس من تيار المتشددين أو تيار الإصلاحيين تأتي في إطار التخوف من انعكاس هذا التمميز علي موقف المجتمع الدولي من البرنامج النووي الإيراني والتوقف عن تشديد العقوبات الاقتصادية،وفتح قنوات للحوار مع القيادة الإيرانية الجديدة ،نتنياهو يريد شيطنة مؤسسة الرئاسة الإيرانية وتصويرها علي أنها مرتبطة وخاضعة لموقع المرشد للحفاظ علي موقف دولي موحد تجاه مطالب إسرائيل بالتصدي الدولي علي المستوي السياسي والاقتصادي والأمني للبرنامج النووي الإيراني ،وانضم لنتنياهو وزير جيش الاحتلال "بوغي يعلون" الذي قال أن الرئيس الجديد يتم اختباره من خلال تعاطيه مع البرنامج النووي الإيراني ، كذلك صرح رئيس لجنة الخارجية في الكنيست ووزير الخارجية السابق "افيغدور ليبرمان" بان روحاني لا يختلف عن احمدي نجاد ،فقط الاختلاف أن روحاني اذكي من نجاد ،لكن في الجوهر وفي المواقف السياسة والموقف من إسرائيل لا يوجد خلاف بينهما، إسرائيل قلقة من الترحيب الدولي والإقليمي بنجاح الإصلاحي "روحاني" ،قلق إسرائيل نابع من قدرة وفلسفة "روحاني" من إعادة إيران للمجتمع الدولي مع بقاء إصرارها في تطوير برنامجها النووي ،فبرجماتية روحاني تحرج إسرائيل التي فقدت تصريحات وتطرف نجاد الذي كان الشماعة التي تعلق عليها إسرائيل مواقفها .

ثانيا : الملف الداخلي الإسرائيلي

- رغم الاستقرار الواضح للحكومة الإسرائيلية إلا أن الخلافات حول البرنامج السياسي من المرجح أن يعصف بها أو يشكل تهديدا لاستقرارها بعد أن انتهت الحكومة من إقرار الميزانية العامة في الكنيست في القراءة الوالي لمشروع القانون الذي كان العنوان الأهم والأبرز في التجاذبات السياسية ، الخلافات السياسية تصاعدت بعد التصريحات التي أطلقها أعضاء كنيست من اليمين ،تصريحات استجلبت ردود أفعال من أعضاء كنيست ووزراء شركاء في الائتلاف الحكومي،حيث شعر هؤلاء أن اليمين بات يهيمن علي الحكومة ويقرر في شانها بموازاة تهميش الشركاء الآخرين من حزبي يوجد مستقبل وحزب الحركة،ردود أفعال وزراء وأعضاء الكنيست من حزبي يوجد مستقبل وحزب الحركة تجلي في تصريحات وزير المعلومات والتكنولوجيا "يعقوف بيري" الذي قال أن رفض المبادرة العربية للسلام مع إدخال تحسينات في الجانب الأمني يعتبر رفض لعملية التسوية ،فلا يمكن تجاهل هذه المبادرة التي اعتبرها من أهم المبادرات للتوصل لحل للصراع،انضم له عضو الكنيست عن نفس الحزب الصحفي المخضرم"عوفر شيلح" الذي قال أن الاحتلال يهدد المجتمع والقانون والقضاء والأخلاق، تسيفي ليفني طالبت من جانبها رئيس الحكومة وضع حد لتصريحات اليمين التي تسيء لإسرائيل أمام المجتمع الدولي وتعرقل أي فرصة لإحياء عملية التسوية، ليفني طالبت من جانبها التنسيق بين حزبها وحزب يوجد مستقبل لتشكيل كلته مانعة للتصدي للشركاء من اليمين في التفرد بالملف السياسي والأمني ،وممارسة الضغوط علي نتنياهو من اجل إتاحة الفرصة لإنجاح جهود كيري .

 

- بعد التصويت في الكنيست لصالح الميزانية العامة التي أعدها وزير المالية"يائير لبيد" بما تضمنته من تقليصات في الخدمات المقدمة لشرائح واسعة من المجتمع ، والزيادة في الضرائب ،نشرت بعض المواقع صورا لوزير المالية لبيد وهو يرتدي الزى العسكري النازي ومكتوب تحتها عدو اقتصاد إسرائيل،الصورة أثارت جدلا واسعا في الإعلام الإسرائيلي وطالب الكثيرين من الشرطة ضرورة ملاحقة المسئولين عن نشرها ،المجتمع الإسرائيلي يتخوف من التحريض الذي كان سببا في اغتيال رئيس وزراء إسرائيل "اسحق رابين" ،نشر الصورة كما اعتقد الكثيرين من إنتاج اليهود المتدينين الذين يحملوا لبيد مسؤولية خروجهم من الحكومة والتقليصات في أموال الموجهة للمؤسسات التي تخضع لسيطرتهم ،وكذلك لمسؤولية لبيد عن مشروع قانون المساواة في العبء الذي يعني تجنيد الطلاب المتدينين في جيش الاحتلال .

ثالثا : الملف الأمني

- البداية في جبهة الصفة الغربية التي تشهد منذ فترة ليست قصيرة موجه من الإرهاب اليهودي المنظم تجاه السكان الفلسطينيين العزل وممتلكاتهم ومزارعهم ومقدساتهم الدينية،موجة الإرهاب اليهودي تنفذها مجموعات يطلق عليها اسم "تدفيع الثمن" ،وهي مجموعات يهودية عنصرية متطرفة من سكان المستوطنات في الضفة الغربية والقدس،العمليات الإرهابية التي يقوم بها هؤلاء لم تجابه من الحكومة الإسرائيلية أو المؤسسة الأمنية بأي إجراءات قضائية أو ميدانية وبقيت الأمور تختزل في إعلان الأسف عن هذه الأعمال التي تسئ إلي صورة إسرائيل،الزيادة والتوسع في العمليات الإرهابية فرضت نفسها علي أجندة العمل السياسي والأمني في إسرائيل وبدأت تعلو بعض الأصوات الرسمية المطالبة بضرورة ان تقوم الحكومة باتخاذ إجراءات قانونية للحد من هذه الأعمال .

 

- الحكومة وتحت الضغط المطالبات السياسية والقضائية ناقشت هذا الموضوع وتوصلت إلي قرار اعتبار أن مجموعات تدفيع الثمن عبارة عن جمعية غير قانونية ،القرار لم يصنفها أنها مجموعات إرهابية لان معني ذلك إعطاء القضاء والمؤسسة الأمنية القدرة لملاحقة هؤلاء واعتقالهم وتقديمهم للمحاكم ،قرار الحكومة قرار يعبر عن عنصرية الحكومة وضعفها أمام المستوطنين .

- الأعمال الإرهابية لم تتوقف عند الاعتداء علي سكان الضفة الغربية بل اتسعت لتشمل الاعتداء علي الفلسطينيين في القدس القاطنين في حي أبو غوش الفلسطيني،الاعتداء علي السيارات وكتابة الشعارات العنصرية قرع جرس الإنذار أمام المستوي الرسمي والأمني ، فلقد استجلب هذا الاعتداء العنصري ردود أفعال من المسؤولين في الحكومة والأمن والقضاء وقادة الرأي العام ،فلقد أعلن مكتب رئيس الحكومة أن رئيس الحكومة يعلن استنكاره عن هذه الأعمال ،وانضم كذلك الرئيس شمعون بيرس لإدانة هذه الاعتداءات التي اعتبرها تصرف عنصري وتخطي للخطوط الحمراء،وقال وزير الأمن الداخلي أن أجهزة الشرطة والأمن لديها معلومات واضحة عن ممارسي هذه الأعمال ،وقال أن الأمن سيقوم بحملة للقضاء علي هذه الظاهرة العنصرية ،المفتش العام للشرطة الإسرائيلي قال أن هذه الأعمال تتعدي كونها كتابة شعارات ورش علي الجدران ،أعمال من شانها أن تحرق إسرائيل وحتى ابعد من ذلك، مراقب الدولة السابق  القاضي المتقاعد قال علينا أن نوقف هذه الأعمال تماما،وان نعمل أن تكون إسرائيل دولة ديمقراطية .

 

- في جبهة الضفة الغربية أيضا، أثارت تصريحات قائد المنطقة الوسطي في جيش الاحتلال "نيتسان الون" التي ألقاها في ندوة أمام دبلوماسيين ومراسلين أجانب،حيث تناول مساعي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للمضي قدما في المفاوضات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين ،وقال انه في حالة عدم نجاح هذه الجهود،فتقديره هو تعاظم التصعيد في المناطق،وقد أثار هذا التصريح غضب نواب ومحافل في اليمين ادعت بان لابسي البزة "كألون"محظور عليهم الحديث بهذا الشكل وأن عليه أن يستقيل،وعلمت "يديعوت احرونوت" أن جيش الاحتلال يساند اللواء "نيتسان الون" وانه لا يعتزم اتخاذ إجراءات أو توجيه ملاحظة له على أقواله، وفي الجيش يأخذون بادعاء اللواء بان هذا تصريح ليس سياسيا وأن كل نيته كانت للإيضاح بأنه إذا فشلت المساعي السياسية فان القيادة العسكرية ستستعد للتصعيد،
وأشار "الون" في حديثه إلى أنه طرأ مؤخرا ارتفاع في النشاطات المناهضة لإسرائيل كرشق الحجارة وإلقاء الزجاجات الحارقة،وأشار إلى دور محافل أمنية في السلطة الفلسطينية في تلك المواجهات،وأوضح اللواء "الون" بان لمبادرة وزير الخارجية كيري باستئناف المفاوضات تأثير ايجابي على الأرض، ولاسيما على السلطة الفلسطينية، فقد توقفت السلطة مثلا تماما عن تمويل منظمة كانت مشاركة في مواجهات عنيفة ومظاهرات احتجاج ضد إسرائيل،
وأثار قول الون من جديد موجة انتقاد ضده من جانب المستوطنين والسياسيين من اليمين الذين على أي حال يديرون ضده صراعا عنيدا منذ تولى منصبه قائد لفرقة الضفة الغربية،وقال ضباط تحدثوا مع اللواء الون أمس أن العاصفة ليست مفهومة وأن أقواله كانت منطقية وليست سياسية .

- وفي نفس السمار انضم زعيم حزب كاديما عضو الكنيست "شاؤول موفاز" إلي تقديرات قائد المنطقة الوسطي "نتسان الون" وللتذكير فان موفاز كان رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي ووزير جيش الاحتلال في حكومات سابقة، حيث قال ،إن اتفاقًا مع الفلسطينيين هو ضرورة حيوية ملحة بالنسبة إلى "إسرائيل"، مشيراً إلى أن الهدوء النسبي الذي يسود الأوضاع في الضفة الغربية حاليًّا زائف،وأفاد راديو إسرائيل أمس السبت، بأن موفاز توقع أن يكون هناك في نهاية الأمر،انفجاراً للعنف،وعليه فمن المحبذ أن تكون "إسرائيل" هي المبادرة إلى اتخاذ خطوات بدلًا من أن تفرض عليها أمور،وأضاف أن احتمالات اندلاع انتفاضة جديدة تزداد مع مرور الوقت، محذراً من أن الأجواء أصبحت مشحونة وملتهبة، موضحاً أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ليس معنيًّا بالتوصل إلى تسوية لأن الوضع الحالي يخدم مصالحه السياسية الحالية ورغبته في البقاء في منصبه هي الأهم.

- أما في الجبهة الشمالية،جبهة سوريا ولبنان "حزب الله" فان الحذر والترقب سيدا الموقف عند المستويين السياسي والأمني،فالجهاز الأمني يراقب ويتابع كل مجريات الأمور الميدانية من معارك وقتال وتدخلات إقليمية في الحرب الدائرة في سوريا من جهة انعكاسها علي الأمن الإسرائيلي،ففي هذا الصدد اجري جيش الاحتلال تدريبات للجبهة الداخلية لفحص مدي قدرتها علي امتصاص سقوط مئات الصواريخ ومنها ما يحمل أسلحة كيماوية، التمرين حاكي حربا واسعة تتساقط فيها الصواريخ علي كل شبر في إسرائيل،وكذلك قدرة الجبهة الداخلية علي تحمل حربا علي أكثر من جبهة وقدرة المؤسسات الحكومية من التعاطي مع هكذا سيناريو،أما علي المستوي السياسي فهو يعمل علي أساس تجنيد المجتمع الدولي والإقليمي لتوجيه ضربات عسكرية لمخازن الصواريخ والأسلحة الكيماوية الموجودة في سوريا،وينسق كل خطواته مع البنتاجون الأمريكي من خلال الزيارات التي يقوم بها وزير جيش الاحتلال وكذلك زيارة نظيره الأمريكي "تشيك هيجل" لإسرائيل،والتأكيد المستمر علي التواصل والتنسيق وتبادل المعلومات،فلقد زار من أيام نائب وزير الدفاع الأمريكي إسرائيل سرا وتجول علي الحدود بين سوريا وإسرائيل،الزيارة السرية كشفتها المصادر الإعلامية الإسرائيلية التي اعتبرتها ربما تمثل بداية عمل عسكري منتظر في الأسابيع القادمة إذا ما حدثت تطورات تستوجب ذلك .

- في تقييمه للوضع الأمني علي كافة الجبهات، دعا وزير جيش الاحتلال موشي يعلون المجتمع الدولي لزيادة الضغط على إيران، مضيفاً أن إسرائيل تدرس التطورات التي تحصل في طهران بعد الانتخابات الرئاسية،وقال يعلون خلال احتفال عسكري ،أن النظام الإيراني لن يتوقف عن جهوده لامتلاك السلاح النووي إلا إذا عرفوا أن المجتمع الدولي مصمم على إيقافهم،
وأوضح يعلون في حفل انتهاء تدريب جنود الاحتلال في قاعدة "متزبي رامون" العسكرية" في الأيام الأخيرة ذهب نظر الناس مجدداً إلى طهران، نحن ندرس التطورات في إيران في ضوء نتائج الانتخابات، ولكننا نعي كذلك طموحات النظام الإيراني في الحصول على الأسلحة النووي،إيران تتحدث بصراحة عن تدمير إسرائيل، ولم تشعر بعد أن المجتمع الدولي مصمم على إيقافها، قال يعلون, داعياً إلى" زيادة بارزة في الضغط على إيران من قبل الدول الغربية لإنهاء المعضلة الإيرانية بين امتلاك القنبلة النووية أو البقاء على قيد الحياة.
وأردف يعلون أن إسرائيل هي دولة تسعى للسلام، ولكنه اتجه في الحديث للضباط قائلاً، سيكون الأمر في يدكم لتحضروا مرؤوسيكم للمعركة التي قد تحصل في أي وقت، وفي ظروف غير واضحة، يقولون أن الحرب هي مملكة عدم اليقين، وفي الوقت الحالي جيش الاحتلال يتعامل مع عدد كبير من الجبهات التي ينعدم فيها اليقين على المستوى الداخلي والخارجي، قريباً وبعيداً.
وتحدث يعلون عن الجبهة اللبنانية حيث يستمر حزب الله في تسليح نفسه ويخطط لإيذاء الإسرائيليين في أي صراع مقبل مع إسرائيل، وأضاف انه في سوريا،حيث تستمر الحرب الأهلية في إزهاق الأرواح وتقترب هذه الحرب الأهلية من حدودنا وتضعنا في اختبار معقد ومهم أن الحرب السورية تقترب من حدودنا.

وأضاف يعلون" أمامنا جبهة من انعدام اليقين مع قطاع غزة حيث يستمر حكم حركة حماس والتي بنيت على هدف تدمير إسرائيل.

وانتقد يعلون اقتطاع 3 بليون شيكل من ميزانية الدفاع معتبرها مصدر قلق سيجعل الجنود الأساسيين يقومون بعمليات اكبر بدل جنود الاحتياط، وبالتالي سيتقلص أعداد البرامج التدريبية.

 

حرره: 
م.م