الحقيقة وراء انخفاض الذهب والأزمة الإقتصادية الثانية للولايات المتحدة

تحليل خاص- بقلم: عماد الرجبي

وسط التهديد المستمر بضربة أميركية محتملة على سوريا ارتفعت أسعار الذهب، غير أن الأسعار عادت مرة أخرى للهبوط فور إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن هناك ضرية محدودة غير مرهونة بوقت معين، أراح من خلالها نفسية المضاربين، ومع تراجع التخوف من ضرب سوريا وسط الحلول السياسية المحتملة، تراجعت أسعار الذهب لتكسر حاجز 1330 دولاراً للأونصة بعد أن وصلت في غمرة التهديدات بضرب سوريا إلى 1440 دولار للأونصة.

وكانت أسعار الذهب وصلت قبل نحو عدة أشهر إلى مستويات قياسية حيث وصل سعر الأونصة إلى 1990 دولاراً. لكن السؤال هنا لماذا الذهب في التراجع؟

الأمر لا يتعلق فقط بالضربة السورية، لأن الذهب كان ينخفض ما قبل التهديد بالضربة، إلا أن السبب الرئيسي لتراجعه هو تعافي الاقتصاد الأميركي من الأزمة الاقتصادية التي ضربته قبل أعوام.

وللتوضيح أكثر فقد عزم البنك الفيدرالي الأميركي منذ أن أصيبت بلاده بالأزمة الاقتصادية على تنفيذ سياسية التيسير الكمي التي تقضي بضخ سيولة مالية كبيرة شهرياً، لتحفير ودعم اقتصاد بلاده على النمو، غير أن التحسن الذي أصاب اقتصاده جعله يشير إلى أنه سيوقف هذه السياسة، ما جعل المستثمرون بالذهب يتوجهون لشراء سلع وعملات أخرى بدلاً منه، لذلك انخفض سعر الذهب.

ومع اقتراب موعد اجتماع البنك الفيدرالي الأميركي في المنتصف الثاني من شهر سبتمبر الجاري، تراجع الذهب إلى أقل مستوى له منذ شهرين ليصل يوم الجمعة 14 سبتمبر\أيلول إلى 1318 دولاراً للأونصة، بسبب اعتقاد المضاربين أن البنك سيوقف سياسته ما يعني أن الاقتصاد بخير، لكن هذا الاعتقاد السائد يخالفه الكثير من المحللين الماليين، فهم يعتقدون بأن البنك المركزي لن ينفذ سياسته هذا الشهر على أقل تقدير، وذلك لأن البيانات الاقتصادية الأميركية التي تصدر غير مبشرة، ولكن كيف غير مبشرة؟.

نعم هي بالحقيقة غير مبشرة رغم أنها تبدو عكس ذلك تماماً!. إنه تناقض غريب فسره أحد المحللين الإقتصاديين بالأسواق العالمية نور الحموري في مقالٍ نشره تحت عنوان "فقاعة السندات.. القاتل الإقتصادي للعام القادم" حيث يقول فيها إن الازمة الاقتصادية القادمة لأميركا هي أزمة السندات وستصاب بها على أبعد تقدير في نهاية عام 2014.

لكن كيف توصل الحموري إلى هذه الأزمة المحدقة بالولايات المتحدة، وهو ذاته الذي توقع أزمة اقتصادية عالمية قبل حدوثها  بعام، وقال إن البنك الفيدرالي يدعي بأن اقتصاد بلاده بخير، وقال إنه بعد دراسة المعطيات الأميركية الاقتصادية مثل "التضخم، أسعار السلع، السندات.." تبين أنها لا تتوافق نهائياً مع البيانات الرسمية التي تصدر.

وحول السيناريوهات المستقبلية، فسيكون الأول: أن يستمر البنك الفيدرالي في سياسة التيسير الكمي مع رفع أسعار الفائدة العامة حتى يكبح جماح التضخم، أما الثاني، سيكون مجبراً عليه، وهو وقف سياسية التيسير الكمي في حال اعترف بارتفاع معدلات التضخم والبدء بأسعار فائدة جديدة.

وفي النهاية هناك من يسأل انقذني هل أشتري الذهب أم أن قيمته ستنخفض؟

الجواب أن الذهب يعد ملاذاً آمناً وهو السلعة التي تحظى بالقيمة الأعلى بين السلع الأخرى، لذلك لا يوجد خوف في حال قمتم بشراء الذهب فستبقون في أمان حتى لو انخفض سعره في فترة معينة، وهذا الجواب لمن يريد أن يحتاط، أما لمن يريد أن يربح المال بسرعة من خلال البيع والشراء فعليه متابعة الأسواق العالمية والأخبار السياسية وأن يفهم السوق بشكل ممتاز، ويقوم بالمضاربة.

حرره: 
م.م