إدارة الأزمة، وقضية الأسرى

أوضحت اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، في بيانها الختامي، أمس، بأن ما تضمنته الرسالة الإسرائيلية الجوابية، التي حملها المستشار مولخو، لم تتضمن أجوبة واضحة ومحددة، حول القضايا الجوهرية التي تضمنتها الرسالة الفلسطينية، لاستئناف المفاوضات.

لم تتضمن الرسالة الجوابية الإسرائيلية، أموراً محددة وواضحة، حول الاستيطان، وحول قضية الأسرى وإطلاق سراحهم، وكذلك القضايا الأخرى التي تضمنتها الرسالة الفلسطينية. ما احتوته الرسالة الإسرائيلية، كفيل ببقاء حالة الجمود في مسار المفاوضات، والإبقاء على حالة المراوحة في المكان، وبذلك ما يفيد بأن الحكومة الإسرائيلية بزعامة نتنياهو، لا تزال على حالها، والاستمرار في نهجها، غير المفاوض، ومحاولة الإبقاء على حالة الجمود، والنزوع حول إدارة الأزمة، دون التقدم في حلها!

لم تفاجئ الرسالة الجوابية الإسرائيلية، أحداً، خاصة من لدن المراقبين لشؤون المفاوضات، والعارفين بالتكوين السياسي للحكومة الإسرائيلية. حكومة نتنياهو، في حقيقتها، هي جوهر وخلاصة اليمين الإسرائيلي المتشدد، والمتركز في برامج الليكود، وشاس، وإسرائيل بيتنا، جاء انضمام حزب كاديما للتجمع الحكومي داخل الكنيست، ليزيد من تعنت نتنياهو، وتشديد قبضته على سدة الحكم.. ولعل في ذلك ما يفسر حالة التململ الشديد داخل أوساط حزب كاديما نفسه. يرى نتنياهو في ملف المفاوضات، مضيعة للوقت، كما يرى فيه فرصة لابتزاز الطرف الفلسطيني، ومحاولة ترويضه، عبر فرض المزيد من الوقائع الميدانية.

أبت حكومة نتنياهو، ومنذ اعتلائها سدة الحكم في إسرائيل، تحميل الطرف الفلسطيني، مسؤولية جمود المفاوضات، وبذات الوقت سارعت هذه الحكومة، في رفع وتيرة المفاوضات على نحو غير مسبوق في أراضي الضفة الغربية وتهويد القدس، عبر خطا واسعة.

ما قام به نتنياهو، ومنذ اعتلائه سدة الحكم، إدارة الأزمة، عبر مناورات وخطا مختلفة، بعضها فلسطيني ـ إسرائيلي، وبعضها الآخر إسرائيلي ـ دولي. لكن وفي حصيلة هذه السياسات النهائية، فقد بقيت مسارات المفاوضات معطلة ومستغلة إسرائيلياً في آن.

عمل الفلسطينيون، عبر مسارات وتحركات وتكتيكات مختلفة، للخروج من هذا المأزق، الذي تستغله إسرائيل وتستفيد منه، وكان أبرزها التوجه نحو مجلس الأمن، الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن الفيتو الأميركي، حال دون قطف الثمار الأولية لهذا التحرك. كما ولوحت السلطة بخيارات مفصلية، منها التلويح بإعادة النظر بخيار السلطة الوطنية الفلسطينية، لكن إدارة الأزمة، وقواعد هذه الإدارة، حالت دون الوصول للإعلان عن خيارات كهذه.

لعل أبرز العناوين السياسية والكفاحية الراهنة، هي قضية الأسرى، ومعركة الأمعاء الخاوية، وبروز المخاطر الجدية، لسقوط بعض الأسرى شهداء، بعد إضرابهم ما يزيد على 75 يوماً متواصلة... تستحوذ هذه المعركة، على احتضان شعبي فلسطيني واسع، وعلى تضامن عربي جدي، تقع مصر في المقدمة.

وهنالك تضامن دولي بارز، تطالب إسرائيل، الاستجابة للمطالب العادلة للأسرى.

وهناك ما يلوح في الأفق، إمكانات تراجع إسرائيل عن بعض قراراتها، والنزول عند رغبة ومطالب الأسرى، وذلك عبر رزمة كاملة تتعلق بمطالب الأسرى، أضفت قضية الأسرى، بعداً كفاحياً متجدداً في معركة الفلسطينيين، ضد محتليهم ومغتصبي أرضهم، ولعل في ذلك ما يحفز، لرسم سياسات جديدة، في آفاق المقاومة المدنية السلمية الفلسطينية، ضد الاحتلال الإسرائيلي المغتصب للأرض وللحقوق في آن.