المرحلة التالية: مطالب إسرائيل

حرب إسرائيل

نحمان شاي

لا مفاجآت الى الآن، فكل ما حدث في الاسابيع الاربعة الاخيرة منذ كان اختطاف الفتيان الثلاثة كان متوقعا: اعمال البحث والاعتقالات في منطقة يهودا والسامرة، وايجاد الجثث، وقتل الفتى محمد أبو خضير، والاضطرابات في شرقي القدس والقرى العربية، وكل ذلك على أنغام اطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة على اسرائيل وضربات سلاح الجو الاسرائيلي الجوية. وقد مهد كل ذلك لعملية «الجرف القوي».
وهذا هو ما يقلق في الحقيقة لأن السلوك كله الى الآن هو بحسب أنماط قد ثبتت من قبل، ويتحرك الطرفان فيها الواحد نحو الآخر في اتجاه صدام كبير. فالجيش الاسرائيلي يوسع مجموع الاهداف ويُحدث اصابات في الجانب الفلسطيني، وتزيد حماس من جهتها مدى الصواريخ فتضرب المناطق التي كانت تعتبر خارج المدى. فأمامنا حالة كلاسيكية لقتال ضعيف القوة مع ارتفاعات وانخفاضات ودون حسم حقيقي، وليس لنا أن نشكو أنفسنا فقد لاقت دول مشابهة تحديات مشابهة وفشلت. وفي المواجهات غير المتكافئة يتمتع الطرف الضعيف بمزايا كبيرة. فهو لا يخضع لأي قيد ويعمل دون عوائق. وهو يستعمل فيما يستعمل وسائل الاعلام والشبكات الاجتماعية استعمالا واسعا ليؤثر في المعركة في الوعي. وحسبُنا أن ننظر في حال الولايات المتحدة في افغانستان التي تُدخل في هذه الايام ذيلها بين رجليها وتخرج من هناك.
يُصدع أفضل الخبراء بالاستراتيجية في اسرائيل رؤوسهم في كيفية التفكير خارج الصندوق. وليسوا هم الأولين ولا الآخِرين. فما الذي بقي ليُقترح ولم يقترح بعد؟ إنه في الاساس «الضربة الكبيرة»، وهي استعمال قوة كبيرة من الجو وعملية برية واسعة داخل غزة. وهي نظرية «الرجل المجنون»، التي تريد أن نسلك سلوك حيّنا المجنون. فلندع الانفعالات تفعل فعلها ولنتحرر من هذه القيود وغيرها. ونقول كي لا يكون شك إن الجيش الاسرائيلي وهو من افضل الجيوش في العالم يستطيع أن يحتل غزة في بضعة ايام. وسيكون الثمن باهظا لكن غزة ستكون في أيدينا. وماذا سيحدث آنذاك؟ هل نتحمل المسؤولية عن حياة 1.8 مليون فلسطيني؟ وهل نعاود القيام بالدوريات في مخيمي الشاطيء وجباليا اللذين سيصبحان أشراك نيران لجنودنا؟ وهل نستطيع أن نواجه النقد الدولي والمطالب الحازمة التي تبلغ حد العقوبات للخروج من هناك؟.
أرفض هذا الحل وأفضل طريقة العمل التي أخذت بها الحكومة الى الآن، فقد اتخذت قراراتها عن شعور مناسب بالنظام الدولي وقيم الجيش الاسرائيلي القتالية. ولهذا دعمتها أنا ورفاقي في حزب العمل. والتفويض الذي تملكه يقوم على رجلين اثنتين الاولى الدولية وهي موافقة صامتة من دول رئيسة في العالم على اجراءات عسكرية، والرجل الاخرى في الداخل وهي تأييد عام يمنح الحكومة والجيش الاسرائيلي زمنا حيويا للعملية. ومن غير هاتين الرجلين أو حتى واحدة منهما تقصر المهلة وتنتهي العملية الى خيبة أمل. ولهذا يجب على الحكومة الآن أن تصوغ في صمت وبغير اعلان استراتيجية خروج وأن تُعد قائمة مطالب تشمل الهدوء وقتا طويلا، والحد من تسليح حماس ومنع الارهاب من غزة. لكن يجب علينا أن نوجه الاجراء الاستراتيجي التالي الى السلطة الفلسطينية وأبو مازن، وقد قطعنا مسافة طويلة معهم في التفاوض.
علمنا الوقت الاخير أنه نشأت قاعدة للتعاون حتى في واقعة الاختطاف. وكان تصريح أبو مازن علامة تُذكر في العلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين بل اعترف رئيس الوزراء بذلك. وإن الصدام مع حماس يرسل الى السلطة وقادتها رسالة فحواها أن استعمال القوة يُرد عليه بالقوة وبالكثير من القوة. وهذه طريقة مرفوضة ولهذا يفضل لهم ولنا التوصل الى تسوية يتبناها المجتمع الدولي ويمنحها الدعم والمساعدة. وستواجه حماس آنذاك الاختيار، فاذا اختارت الطريق السياسي فستضطر الى أن تتبنى تفاهمات الرباعية وتتخلى عن الارهاب؛ واذا اختارت طريق العنف فان الجيش الاسرائيلي لها بالمرصاد.

٭ نائب رئيس الكنيست وعضو في حزب العمل
اسرائيل اليوم