سر استعجال التصويت في مجلس الأمن

مجلس الامن

زمن برس، فلسطين: يطرح في إسرائيل التساؤل حول استعجال التصويت في مجلس الأمن على مشروع القرار الفلسطيني، والذي يأتي قبيل استبدال دول أعضاء في مجلس الأمن تعتبر صديقة لإسرائيل بدول صديقة للفلسطينيين، كما يطرح التساؤل حول وجود رغبة خفية في إحباط مشروع القرار تجنبا لمواجهة تبعات الفيتو الأميركي.

وقد طرح هذا التساؤل في سياق تقرير تناول أسباب امتناع نيجيريا ورواندا عن التصويت، وفي سياق تناول دور الولايات المتحدة، باعتبار أن إسرائيل تنظر 'الفشل الفلسطيني في مجلس الأمن' على أنه تذكير بمدى أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة على الأمن القومي لإسرائيل، الأمر الذي يعزز الحاجة إلى الحفاظ على علاقات ممتازة مع واشنطن عامة، ومع البيت الأبيض بوجه خاص، وتجنب صراعات مثلما حصل بين وزير الأمن الإسرائيلي موشي يعالون، وبين وزير الخارجية الأميركية جون كيري.

وقال دبلوماسيون إسرائيليون إن الولايات المتحدة لعبت دورا حاسما في عرقلة المسعى الفلسطيني. وقال مسؤول كبير في الخارجية الإسرائيلية إن الولايات المتحدة كانت على استعداد لاستخدام حق النقض، كما عملت جنبا إلى جنب مع إسرائيل لمنع تمرير مشروع القرار في مجلس الأمن، ولم تكتف بالقول إنها ستعارض مشروع القرار.

واعتبر إيتمار آيخنر، في موقع صحيفة 'يديعوت أحرونوت' على الشبكة، أن نتائج التصويت في مجلس الأمن لم تأت نتيجة مساعدة واشنطن فحسب، وإنما هي إنجاز دبلوماسي إسرائيلي نتيجة لسياسة وزارة الخارجية في جعل أفريقيا هدفا للجهود الدبلوماسية، والذي تجلى في امتناع رواندا ونيجيريا عن التصويت.

يشار إلى أنه أثناء حكومة نتانياهو الثانية، فإن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان زار أثيوبيا وكينيا وغانا ونيجيريا وأوغندا في أيلول (سبتمبر) 2009، وفي حزيران (يونيو) الأخير زار رواندا وساحل العاج وغانا وأثيوبيا وكينيا.

وكتب آيخنر، وهو صحافي مقرب من الخارجية الإسرائيلية، أن هاتين الزيارتين لأفريقيا لهما أهمية تاريخية منذ تولي غولدا مئير وزارة الخارجية، حيث كان لدى إسرائيل في حينه 27 ممثلية في أفريقيا، مقابل 10 ممثليات اليوم. وتبين أيضا أن الاستثمار الإسرائيلي في أفريقيا من خلال تقديم المساعدات، والنشاط التجاري الإسرائيلي مفيد لإسرائيل.

ولفت التقرير إلى أن الدولة الأهم كانت نيجيريا، حيث أنها الدولة التاسعة التي كان يفترض أن توفر للفلسطينيين الأغلبية المطلوبة في مجلس الأمن، بيد أنها غيرت موقفها من التأييد إلى الامتناع، علما أنها كانت تصوت تلقائيا إلى جانب الفلسطينيين في السابق، وبالتالي فإن الحديث عن 'تغيير تاريخي في طبيعة التصويت'.

وأشار التقرير إلى أن إسرائيل كانت على قناعة بوجود أغلبية لدى الفلسطينيين، وأن الولايات المتحدة بالتالي ستضطر لاستخدام حق النقض، بيد أن المكالمة التي أجراها نتانياهو مع الرئيس النيجيري جوناثان غودلاك ومع رئيس رواندا بول كاغامي هي التي حسمت الموقف.

 

وكتب آيخنر أن غولدلاك يعتبر صديقا لإسرائيل، كما أنه زار إسرائيل مرتين في العام الأخير، كان آخرها قبل شهرين للمشاركة في حفل ديني لـ 3000 مهاجر يهودي من نيجيريا. وفي حينه اجتمع مع نتانياهو، وتحدثا في مواضيع عدة، بينها تصويت نيجيريا في مجلس الأمن. وفي حينه أولت إسرائيل أهمية كبيرة للزيارة، حيث كان من الواضح أن نيجيريا هي التي ترجح كفة الميزان.

وبحسب التقرير فإن من بين أسباب التغير في موقف نيجيريا ينبع من توطد علاقاتها مع إسرائيل وطبيعة المصالح المشتركة في الحرب ضد ما أسماه 'الإرهاب العالمي'، حيث كانت إسرائيل من بين أول الدول التي عرضت المساعدة على نيجيريا في حربها ضد تنظيم 'بوكو حرام'. وبحسب تقارير إعلامية مختلفة فإن إسرائيل باعت نيجيريا أسلحة في الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة حظر بيع الأسلحة لها.

وأشار التقرير إلى أنه يزور إسرائيل سنويا ما يقارب 30 ألف نيجيري، كما أن الرئيس النيجيري، وخلال زيارته السابقة لإسرائيل، وقع على اتفاق طيران مباشر بين الطرفين، إضافة إلى أن إسرائيل تتعاون مع نيجيريا في مجالات الزراعة والبناء والاتصالات والاستخبارات، وينشط في نيجيريا أكثر من 50 شركة إسرائيلية في مجالات الهندسة المدنية والطاقة والاتصالات والأمن وغيرها.

في المقابل، لم تفاجأ إسرائيل بموقف رواندا أيضا الامتناع عن التصويت، حيث أن يوجد علاقات جيدة لها مع إسرائيل، إضافة إلى علاقات جيدة بين وزيري خارجية الطرفين، وأيضا بين نتانياهو والرئيس الرواندي.

ويوجد في رواندا نشاط تجاري إسرائيلي كبير، كما أن وزارة الخارجية تستثمر في تقديم المساعدات لرواندا في مجالات مختلفة.

إلى ذلك، طرح آيخنر التساؤل: 'لماذا لم تنتظر السلطة الفلسطينية يوما آخر، أي بعد استبدال دول في مجلس الأمن، مثل أستراليا ورواندا، صديقتي إسرائيل، بفنزويلا وماليزيا؟'.

وأشار التقرير إلى أنه يوجد في إسرائيل خلافات بشأن التقديرات المختلفة للإجابة على هذا التساؤل. ويقول كبار المسؤولين في الخارجية الإسرائيلية إن 'الفلسطينيين سعوا للخسارة منذ البداية حتى لا يضطروا الولايات المتحدة إلى استخدام حق النقض والمخاطرة بأزمة مكشوفة معها، وربما خساة المساعدات الأميركية في أعقاب الضغوط التي مارسها وزير الخارجية جون كيري على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بواسطة مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سامنثا باور.

في المقابل، يقول مكتب رئيس الحكومة إن الفلسطينيين سعوا للحصول على أغلبية، وأن دليل ذلك الحملة الشرسة التي قام بها الفلسطينيون، وتمكنوا من تحقيق هذه الأغلبية قرابة الساعة التاسعة مساء، قبل أن تغير نيجيريا من موقفها، نقلا عن عرب 48.

حرره: 
ع.ن