عائلة أخرى تعود إلى منزلها في غزة

زمن برس، فلسطين: مجدي سلامة سليسل، ثمانية وأربعون عاماً، فلسطيني لاجئ في غزة، وأب لثمانية؛ أصغرهم يبلغ من العمر 16 شهراً وأحدهم يعاني من فشل كلوي فيما يعاني آخر من الشلل. فقد مجدي عمله داخل الخط الأخضر بعد فرض الحصارعلى قطاع غزة ، كما وقصف منزله خلال النزاعالأخير في غزة.
يقع منزل العائلة في مخيم المغازي وبالقرب من الحدود حيث علقالمنزل في تبادل كثيف لإطلاق النار خلال النزاع الأخير. تقول زوجة مجدي "اهتز المنزل بقوة، وكنّا خائفين جداً، اجتمعنا في غرفة واحدة حيث شعرنا بأن الموت قريبلذلك قرننا أننا نريد الموت معاً " وأردفت" بقينا نحاول مغادرة المنزل لمدة نصف ساعة متواصلة ولكن دونما فائدة".
تمكنت العائلة من الخروج بعد حوالي الساعة وأخيراً، وحول هذايوضح مجدي "هربنا مثل الآخرين إلى مدرسة تابعة للأنروا داخل المخيم، وبقينا هناك كل فترة الحرب". ثم أضافت الزوجة"ارتجف كلما استعدت تلك الذكريات، إذ كان من المروّع جداً محاولة إنقاذ أفراد عائلتي في الوقت الذي يتعين علينا الهروب لمسافات طويلة دافعة بابني على كرسيه المتحرك وخائفة على ابنيالآخر المريض؛ كانت تلك رحلة هروب طويلة جداً حتى ظننّا أنها لن تكاد تنتهي أبداً".
يعاني عماد ابن العائلة، البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاماً،فشلاً كلوياً يحتم عليه التوجه إلى المستشفى مرتين أسبوعياً للقيام بغسيل الكلى الروتيني.ولكن ما لبثت أن ساءت حالته الصحية فترة مكوث العائلة في مدرسة الأونروا حتى بدأت بالتدهور أيضاًعند اشتداد نزوح العائلات إلى المدرسة كملجأ. تقول الزوجة "كان ابني يعرض نفسه للخطر في كل مرة يخرج متجهاً إلى مستشفى الأقصى في موعد غسيل الكلى". وتضيف " كان يعود هزيلاً ومتعباً ويحتاج إلى الراحة، وبما أننا كنّا سبع عائلات نازحة تتشارك غرفة واحدة ضيقة؛ فكان من غير الممكنالعناية به أو تغذيته بالشكل المناسب".
يقول مجدي "لم يكن قد تعرّض منزلنا لأضرار جسيمة عند مغادرتنا ولكننّا صدمنا لدى عودتنا إزاء الأضرار التي لحقت بالحي كاملاً". ويتابع موضحاً "كانت الشوارع مجرفّة والبيوت مدمرة من حولنا، نوافذ وأبواب البيت كانت أيضأ محطمة بشكل تام، كما ولحقت الأضرار بسطح غرفة الأولاد."
لم تتمكن العائلة من البقاء في منزلها بسبب تسرب مياه الصرف الصحي المفرط في المناطق المحيطة، تفّسر الزوجة " لم نتمكن من البقاء في المنزل وخاصة أن رائحة مياه الصرف الصحي كانت كريهة وتجتمع حولها الذباب، لذلك توجهنا إلى منزل عائلتي ومكثنا هناك أسبوعين إلى أن يتم معالجة هذه المشكلة في المكان". يضيف مجدي" كانت الحالة فوضويّة، حجارة، وزجاج مكسّر، ورمال تغطي كل شيء في المنزل".
بناء على تقييم الأضرار التي لحقت بالمنازل الذي أجراه مهندسي الأونروا؛ فلقد وجد أن منزل مجدي هو أحد البيوت المتضررة جراء النزاع. يقول مجدي "ساعدتنا الأونروا بشكل كبير عند إدراج اسمي على القوائم الخاصة بالأشخاص الذي ينبغي أن يتلقوا مواد البناء". يتلقى مجدي مواد إعادة الإعمار لإعادة إصلاح منزله وذلك من خلال آلية إعادة إعمار غزة.
وفي حديثه عن الوضع المادي يوضح"اضطررت إلى اقتراض بعض المال من أقاربي لإصلاح النوافذ والأبواب بشكل مبدئي وذلك لنشعر بنوع من الأمان، وثم بالأموال التي تلقيتها من الأونروا أجريت الإصلاحات الكبيرة مثل الجدران، والحمامات، والمطبخ إلى جانب غرفة الأطفال". وبناءعليه تمكنت العائلة وأخيراً من العودة إلى منزلها التي أصبح يوفر ظروفاً معيشية أفضل بكثير من تلك التي واجهوها في المدرسة.
ويمكن تعريف آلية إعادة إعمار غزة على أنها اتفاقية مؤقتة وقعت بوساطة الأمم المتحدة في أيلول 2014 بين الحكومتين الفلسطينية والاسرائيلية، وتهدف إلى إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة مفسحة بذلك المجال أمام عملية إعادة الإعمار المطلوبة حالياً على نطاق واسع في القطاع. بالإضافة إلى ذلك، توفر الآلية فرصاً لاندماج القطاع الخاص في عملية بيع مواد البناء المصنفّة من قبل الحكومةالاسرائيلية على أنها مواد "ذات استخدام مزدوج" بالجملة أوالتجزئة للمرة الاولى منذ الحصار. وبينما تواصل الأمم المتحدة الدعوة إلى رفع الحصار بشكل كامل، يتخذ مشروع آلية إعادة إعمار غزة خطوة هامة نحو تحقيق هذا الهدف، حيث دخلت أولى مواد البناء للمساكن الصغيرة إلى غزة عن طريق هذه الآلية في الرابع عشر من تشرين الأول. وحتى يومنا هذا، تمّكن أكثر من 94926 من الأفراد من تلقي المواد المتاحة عن طريق الآلية بينما تمّكنت أكثر من 70 ألف من شراء المواد من الموردين المحليينمن أجل إصلاح منازلهم. ويجري حالياً دراسة حوالي 142 من مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق من خلال آلية إعادة إعمار غزة فيما يتم العمل حالياً على 11 مشروع والاستعداد لبدء العمل على 57 مشروع آخرين.