فتيات في عمر الزهور يعتشن من حاويات القمامة

فتيات في عمر الزهور

سعيد قديح

(خاص) زمن برس، فلسطين: مصادفةً وجدنا رنا ذات الثماني سنوات تبحث عن شيء صالح للاستخدام في حاويات القمامة على قارعة الشارع في منطقة البركة بدير البلح، قادتنا إلى بيت أهلها، ليرحب بنا الحاج محمد ابليم ( 65 عامًا ) وقد فقد القدرة على الإبصار بعينيه تمامًا، وليس بإمكانه العمل أبدًا لتوفير مصاريف البيت، وهو الذي يملك ثلاث بنات لا يزلن في عمر الزهور، ويعشن في بيتٍ غير صحي، وظروف معيشية صعبة.

يتلمس الأب عكازه ويروى معاناته قائلًا لزمن برس:" قدر الله أن أكون كفيفًا لا أرى، لكني أملك الإحساس التام بأني أب جيد لثلاث بناتٍ أحبهن، وأقضي الوقت دائمًا بجانبهن، أنصحهن بالدراسة والاهتمام بالنفس جيدًا في ظل ظروفنا الصعبة التي نعيشها".

وعن مطبخ البيت، فلا يتواجد فيه إلا القليل من أواني الطبخ، اضافةً لخلوه من حنفية المياه، وجدرانه التي ارتسمت بالأوساخ، والحشرات المتنقلة داخله، والروائح الكريهة التي تنبعث من جوانبه. ولا تجد العائلة أحيانًا ما يعينها على تعبئة اسطوانات الغاز المنزلية، لتلجأ إلى الطبخ على النار.

قاطعنا الحاج الستيني وأقسم قائلًا:" والله لا نجد ثمنًا لشراء حذاء جيد نرتديه، بناتي يمشن حافيات في الشارع، وديوننا في الدكاكين تزداد يومًا وراء آخر، ومعاش الشؤون الاجتماعية لا يفعل شيئًا أبدًا".

وتعاني طفلته الوسطى رانيا ( 10 سنوات ) من مشاكلٍ في النطق، وتعجز الأم عن اصطحابها إلى طبيبٍ لمعاينة حالتها، أو حتى في بعض الأحيان شراء أدوية لبناتها.

أما الزوجة غادة ( 38 عامًا ) فعبرت عن الحال الصعب بالقول:" في كثير من الأوقات أضطر لخياطة ملابس البنات نفسها مرات ومرات، من أجل أن لا نكون مضطرين لشراء ملابس جديدة لا نملك ثمنها".

وتابعت:"البيت بحاجة كثير من المستلزمات التي لا بد من وجودها، في الشتاء الماضي عانينا كثيرًا فلم تكن هناك أي مدفأة، وفي الحر الشديد لا وجود لمروحة كهربائية تخفف علينا، نحتاج إلى أسِرة فالأرضية تكثر الحشرات عليها في الليل أثناء نوم بناتي".

أما أكبرهن روان ( 11 عامًا ) فتتمنى ارتداء ملابس جميلة كسائر الفتيات، وأن تقتني ألعابًا كثيرة هي وأخواتها بدلًا من الخروج للشارع تحت الحر الشديد.

ومن الجدير ذكره أن العائلة تعيش على أرضٍ حكومية في منطقة البركة بدير البلح كما غيرها من العائلات في المكان، وتخشى دائمًا ان ساءت الأمور مستقبلًا أن لا تجد بيتًا يستظلون تحت سقفه، ويكون الشارع مكانهم الأخير.

وعاد الأب قائلًا:" أتمنى من أصحاب الضمائر الحية مساعدتي على تدبير أمور البيت، وتوفير ما يلزم من ملابس ومستلزمات، وسد ديوني المتراكمة التي سببت لي عجزًا في كل شيء، وأنا مضطر في نهاية الأمر أن أستدين من الدكاكين لتوفير لقمة عيشي".

________________________________________

للتواصل مع الأب : 0598723700

حرره: 
م.م