سبب للقلق

نتن

بقلم: يوسي ملمان

هذه المرة بات هذا نهائيا. فبعد نحو عقد من التأخيرات، الصراعات والضغوط، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف والمصنع المنتج الماز ـ آنتا أمس بأن بيع بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات من طراز S-300هو «حقيقة منتهية». ما ليس واضحا بعد هو اذا كانت ستباع ثلاث ام اربع بطاريات.

ثمة في هذا غير قليل من المفارقة. فعلى مدى نحو عقد من الزمان غازل رؤساء وزراء في إسرائيل الكرملين، طلبوا، استجدوا، حثوا وشجعوا فلاديمير بوتين على الا يبيع إيران البطاريات المتطورة. وحتى وقت اخير مضى كان يبدو أن السياسة الإسرائيلية، بمساعدة ريح اسناد من واشنطن، نجحت. وروسيا، التي وقعت على الاتفاق بل وتلقت سلفة كبيرة من إيران، أعلنت بانها تجمد تنفيذها.

والان، حين تخرج الصفقة إلى الدرب، ينكشف عمق فشل السياسة الإسرائيلية. لهذه القصة جوانب عميقة اخرى. سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي راهن على كل الصندوق على نمط «كل شيء او لا شيء» وصعد بنية مبيتة إلى مسار الصدام مع الرئيس براك اوباما، انكشفت بكامل عريها. فهي تضع إسرائيل في موقف ليس لها فيه أي تأثير على الاتفاق النووي مع إيران. والان يتبين ايضا ان روسيا هي الاخرى لا «تحصي» إسرائيل حين يصل هذا إلى مصالحها الامنية، السياسية او الاقتصادية.

سلوك آخر لنتنياهو، اكثر حكمة وحذرا، كان يمكنه أن يعطي نتائج اخرى. قد لا تكون إسرائيل ستمنع الاتفاق النووي، ولكن كان بوسعها ان تكون شريكا في تصميم بعض بنوده بحيث تراعي صيغته اكثر مخاوفها ومصالحها. وكما أسلفنا ايضا بالنسبة لروسيا. لو كان نتنياهو اقل فظاظة وصخبا في معارضته العلنية، لكان ممكنا ان يجد مسارات نحو بوتين فيصل معه إلى تفاهمات سرية حول صفقة الصواريخ ايضا.

يدور الحديث عن عائلة منظومة صواريخ ورادارات مرافقة لها تطبيقات في البحر وفي البر. الجيل الاول من المنظومات دخل حيز الاستخدام التنفيذي منذ 1979. ومنذئذ تطورت وتحسنت المنظومات بلا قياس. لا يزال، المنظومات التي زودت بها إيران ليست الجيل الجديد والكلمة الاخيرة في المجال. فهناك نماذج اكثر تقدما قيد استخدام الجيش الروسي. ولكن حتى هذه التي زودوا بها بالتأكيد مجهزة بتكنولوجيا متطورة وذكية. الرادار يمكنه أن يشخص ويثبت الاستهداف بطائرات العدو من مسافة كبيرة تصل إلى مئات الكيلومترات والصواريخ التي تطلق يمكنها أن تصيب من مسافة عشرات الكيلومترات.

ليس فقط لسلاح الجو الإسرائيلي يوجد سبب للقلق. بل ولسلاح الجو الامريكي ايضا. وليس صدفة ان أعربت الادارة الامريكية مرة اخرى عن قلقها من الصفقة. فنصب المنظومات في إيران سيجعل من الصعب جدا على كل من يرغب، اذا ما رغب، ان يهاجم إيران. ولا يزال، في لعبة القط والفأر بين المهاجم والمدافع يد المهاجم ستكون دوما هي العليا.

لا شك أن ليس بوسع سلاح الجو الامريكي فقط أن يجد السبل والوسائل للتجاوز والتغلب على وجود البطاريات في إيران، اذا ما قرر الهجوم، بل ان سلاح الجو الإسرائيلي هو الاخر سيجد الحلول التكنولوجية والاستخبارية لعمل ذلك.

 معاريف

حرره: 
ه.م