ماذا يريد محمد ضيف؟

محمد الضيف

عاموس هرئيل

موجة العنف التي تندلع في اسرائيل والمناطق منذ مقتل الزوجين هنكن في الاول من تشرين الاول، قد تستمر لفترة طويلة. هذه هي القناعة في الاجهزة الامنية التي ما زالت تجد صعوبة في التغلب على مشكلة ارهاب السكاكين. مجموعة العمليات وضعت قوات الامن في حالة تأهب عالية وأصابت الجهاز السياسي بالهستيريا وكذلك الجمهور الذي يبحث عن أمنه الشخصي. أمس ايضا حدثت عملية طعن واحدة مقارنة بثلاث أو اربع عمليات في كل يوم من الايام الماضية. يبدو أن التوتر لم يقل أبدا.

الطعن في الخضيرة وتفجير اسطوانة غاز في سيارة بالقرب من معاليه ادوميم وعدد من المظاهرات والاحداث في الضفة الغربية وفي الوسط العربي الاسرائيلي وتجنيد سرايا حرس الحدود في الاحتياط وجلسة حكومة خصصت للوضع الامني وبث مفتوح في التلفاز والمذياع ـ كل ذلك أبعد المواضيع الساخنة الاخرى. هذه هي الصورة التي تتضح الآن في الساحات المختلفة للصراع بين اسرائيل والفلسطينيين:
٭ القدس الشرقية بقيت جوهر الصراع، وعمليات الطعن الثلاث في نهاية الاسبوع أكدت الصعوبة التي تواجهها الشرطة في مواجهة الخطر الذي يشكله المخرب الوحيد حيث يكون على الاغلب شاب بدون ماض أمني. المظاهرات في الاحياء الفلسطينية صاخبة وعنيفة أكثر مما هي في الضفة، النساء ايضا يشاركن في المواجهات ولم يعد الامر يقتصر على الاولاد والشباب. وليس فقط أن اجهزة السلطة لا توجد هناك، بل إن حماس، الحركة الاسلامية في اسرائيل (وحتى الاونة الاخيرة فتح ايضا) يقومون بالتحريض. الحرم يستمر في كونه مصدرا للتوتر. شعارات تنتقد محاولات السيطرة الاسرائيلية على المسجد الاقصى تُسمع في كل المظاهرات في القدس والضفة الغربية.
٭ في الضفة الغربية توجد في الايام الاخيرة جهود من السلطة الفلسطينية لتهدئة الاجواء، ولكن لا تستطيع السلطة كبح المظاهرات العنيفة التي تخرج من المدن الفلسطينية باتجاه حواجز الجيش الاسرائيلي، وهنا نجاحها ايضا محدود. فليس لها تأثير أو قدرة تجاه المخرب الوحيد الذي هو في بعض الحالات كانت من سكان شرقي القدس في الأصل.
في قلقيلية بعد نهاية اسبوع صاخبة كان أمس هدوء في المظاهرات، والاجهزة الامنية الفلسطينية أبعدت الشباب عن موقع الجيش وحرس الحدود في المدخل الغربي للمدينة. على طول جدار الفصل سجلت أحداث قليلة والسلطة قامت بمنع اضرابات الاحتجاج في المدارس وقلصت التحريض ضد اسرائيل في وسائل الاعلام الرسمية. النقاشات في الشبكات الاجتماعية ما زالت ترغب بالعنف ـ اللافت في الامر هو أن رئيس الحكومة نتنياهو تراجع تماما عن اتهاماته ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول موضوع التحريض. يبدو أن نتنياهو قد استمع للخبراء الذين قالوا إن عباس لا يشجع الارهاب وهو يعمل على منعه. وهذا لا يشمل الجناح اليميني في الحكومة والكنيست الذي ما زال يقوم بالتحريض، لكن نتنياهو خفف من لهجته بتأثير الاجهزة الامنية.
٭ قد يكون لقطاع غزة تأثير في استمرار المواجهات الحالية. فمنذ يوم الجمعة قتل في القطاع 11 فلسطينيا منهم أم وابنتها حيث قتلتا بغارة اسرائيلية لسلاح الجو على اهداف لحماس صباح أمس. الاحتكاك مع الفلسطينيين يقتصر على المظاهرات التي يتم فيها القاء الزجاجات الحارقة قرب الجدار الفاصل واطلاق صواريخ معدودة إلى داخل اسرائيل. السؤال الاساسي في الايام القريبة سيكون ماذا يريد محمد ضيف، رئيس الذراع العسكري لحماس. في الصيف قبل قبل الماضي حيث كان يحضر لعملية من خلال النفق في كرم أبو سالم، كان سببا من اسباب اندلاع الحرب. في الاجهزة الامنية يعتقدون أن حماس في هذه المرة تفضل اشعال مدن الضفة لضعضعة سيطرة السلطة الفلسطينية دون توريط غزة مرة اخرى في حرب الصواريخ. هذا الافتراض سيخضع قريبا لامتحان الواقع. في حماس يوجد فرقان اساسيان بخصوص الحرب في السنة الماضية: الانقسام واضح بين الذراع السياسي (الذي يتبع السعودية) وبين الذراع العسكري (الذي عاد إلى احضان إيران) ـ يبدو أن ضيف يفضل عدم إشراك السياسيين في أسراره وخططه.
٭ العرب في اسرائيل. هناك توتر حول الحرم، وتحريض من الحركة الاسلامية، ويضاف إلى ذلك مصدر غضب آخر هو الفيلم الذي وثق اطلاق النار على الفتاة العربية الاسرائيلية التي كانت تحمل سكينا في المحطة المركزية في العفولة. في ليل يوم السبت كانت مظاهرات في مناطق كثيرة، ومن قام بالطعن أمس بالقرب من الخضيرة كان عربيا من اسرائيل. وما زالت هذه المظاهرات غير واسعة وغير عنيفة مقارنة باحداث تشرين الاول 2000 بعد اندلاع الانتفاضة الثانية. الاختلاف حول تعريف هذه الاحداث لا يقتصر على الاسرائيليين فقط. ففي السلطة الفلسطينية يفضلون تسميتها «هبّة»، أي أن لها وقت محدود. أما حماس فتعتبرها انتفاضة ثالثة، أي صراع بعيد المدى. لكن الطرفين يفهمان أننا أمام واقع جديد.
العقيد المتقاعد آساف أوريون، رئيس سابق لقسم الاستراتيجية في قسم التخطيط في هيئة الاركان حتى السنة الماضية. ونظرا لدوره فانه ضيف دائم في جلسات الكابنت. وقد نشر اوريون في الاسبوع الماضي وثيقة كتبها مع أحد أسلافه في الوظيفة، اودي ديكل والدكتور كوبي ميخائيل في اطار معهد الابحاث الامني القومي في تل ابيب. واحدى التوصيات في الوثيقة هي أنه يجب على الحكومة أن تكف عن خداع الجمهور الاسرائيلي على أنها قادرة على انهاء الارهاب بشكل تام. حيث كتبوا «على الجمهور أن يعرف مغزى ادارة الصراع في الظروف الحالية». حيث هناك تأثير للدين وللاحداث في الشرق الاوسط.
قادة الاجهزة الامنية يعترفون جزئيا أن هناك طريقة لكبح ارهاب السكاكين، وأن الهجمات ستتراجع من تلقاء ذاتها، وليس هناك أمل أن يعود التنسيق بين الطرفين إلى عهده السابق. إن الاحداث الحالية تحدث بسبب أن الردع ضعف، وهي تفسد ما بقي من التنسيق.
التطورات في الايام القادمة سترتبط بأحداث موضعية: نجاح مخرب فلسطيني وحيد في عملية دموية، رد اسرائيلي زائد أو عملية دموية لمتطرفين اسرائيليين. وهذا يعني أن الاهتزازات من العالم العربي قد وصلت، ولكن متأخرا إلى المناطق. بعض القوة تم أخذها من القادة وأعطيت للمواطن الوحيد في الشارع، ولأن المواطن يائس وخائب الأمل أو تم غسل دماغه بالدعاية الدينية العنيفة، فان احتمال استمرار التصعيد يزداد.

هآرتس 

 

حرره: 
م.م