موظفو "الفئة المتوسطة" بحماس يتذمرون!

حكومة حماس

سناء كمال

(خاص) زمن برس، فلسطين: ببطء شديد تسير عجلة حل أزمة رواتب موظفي حكومة حماس في قطاع غزة، في ظل استمرار الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس، على الرغم من توقيع اتفاق الشاطئ بين الفصيلين والاتفاق على كافة البنود في إطار استعادة اللحمة الوطنية للشارع الفلسطيني.

فلم تدم فرحة موظفي حكومة غزة طويلا، فهم حوصروا بين ناري طرفي الانقسام التي تتمثل في حكومة التوافق التي لم تعترف بهم، وبين حكومة غزة المسيطرة فعليا على القطاع ولا تريد تسليمه كما تدعوها السلطة،  وبات أكثر من 40 ألف موظف وعوائلهم ضحايا الانقسام والاختلاف السياسي.
ولا يستطيع موظفو غزة وفق رصد زمن برس التخلي عن عملهم لعدة أسباب تتقدمها مسؤوليتهم الوطنية تجاه مجتمعهم، كما يقول الموظفون، ومن ثم عدم توفر فرص عمل أخرى، إضافة إلى حقهم في الحصول على مقابل نتيجة خدمتهم في الوظيفة الحكومية في غزة لما يزيد عن ثمانية أعوام _وهي فترة الانقسام_ في الوقت الذي استنكف في موظفو السلطة عن وظائفهم بقرار حكومي من رئيس الوزراء في ذاك الوقت سلام فياض، على حد قول موظفي غزة.

هذه الأزمة دفعت حكومة حماس في غزة، إلى ابتكار وسائل عملية تساهم في دفع الرواتب وإن كانت على دفعات، وكانت جباية الضرائب هي المساهم الأكبر في انتظام رواتب موظفي حماس بشكل دوري كل 50 يوم تقريبا، ووصلت إلى حد دفع ما نسبته 40% من الرواتب بشكل شهري إذا ما استلم الموظفون رواتبهم هذا الشهر، يكون الحد الأدنى منها 1200 شيكل والحد الأعلى 4500 شيكل.

أثارت زيادة الحد الأعلى لرواتب الفئات العليا بقيمة 500 شيكل ، لتصبح 4500 شيكل بدلا من 4000 شيكل، حفيظة موظفي الفئات المتوسطة الذين لم تطرأ أية تغيرات على رواتبهم، وهو ما أسماه البعض منهم "بالظلم والتمييز" لصالح أصحاب الفئات العليا، التي يشك عدد من الموظفي وفق ما رصدت زمن برس بأنهم أصحاب القرار لما فيه من مصلحة لهم.

محمد الشيخ (37 عاما) موظف في حكومة حماس لم يتلق راتبه بشكل منتظم ما يزيد عن عامين، هذه المدة كانت كفيلة بخلق أزمات عديدة له طالت كافة مناحي حياته، أولها الاقتصادية والاجتماعية، نتيجة تراكم الديون عليه نتيجة لعدم قدرته على سدادها في المواعيد التي يمنحها لمدينيه، وهي ما تسببت في قطع عدد من علاقاته الاجتماعية، كما يقول لزمن برس.

ولا يستطيع الشيخ في الوقت ذاته أن يوفر الحد الأدنى من متطلبات الحياة تجاه أسرته المكونة من 7 أفراد، حيث يرتاد أربعة من أطفاله المدارس أكبرهم يدرس في الصف السادس الابتدائي، وهم بحاجة لمصاريف، ويقول لزمن برس:" أصعب شيء حين يطلب ابني مني مصروفه ولا أستطيع أن أعطيه اياه أتمنى وقتها أن تنشق الأرض وتبتلعني"، ويضيف مطلقا تنهيدة ألم على وضعه:" لم يكن حالنا هكذا فكانت الرواتب منتظمة ونعيش وأسرنا كرماء لا تلاحقنا الديون ولا نخشى المستقبل".

ويتذمر الشيخ الذي يعد من أصحاب الفئات المتوسطة من رفع قيمة الأعلى للرواتب، فيزيد المستفيد من الرواتب فائدة، فيما يبقى هو ورفاقه على حالهم في مأساتهم، ويقول لزمن برس:" كيف للمالية ان تزيد الفئات العليا 500 شيكل دفعة واحدة، فيما كان الأولى أن يزيدوا رواتبنا على اعتبارنا الدرجة الثانية بعد اصحاب الأجور المتدنية؟".

ويقدر قيمة راتب الشيخ بـ2800 شيكل، يتلقى منه 784 شيكلا فقط، حيث أن الـ40% من راتبه تقدر 1120 شيكل، يقوم البنك الوطني الإسلامي التابع لحماس بخصم 30% مما ينزل في حسابه البنك مما يصفى الراتب على الـ784 شيكل.

"هذا المبلغ بالكاد يكفي  شخص واحد للعيش منه في ظل الغلاء الفاحش الذي نعيشه، فما بال عائلة أغلبهم من الأطفال وطلاب مدارس بالتحديد"، يقول الشيخ وهو متذمرا لزمن برس، منوها إلى أنه كان يأمل أن تزداد قيمة رواتبهم كمن هم أدنى منه في الراتب ولا أن يكون العكس.

الناشط النقابي إيهاب النحال أن جميع الموظفين تضرروا من عدم حصولهم على رواتبهم كاملة، وأصبحوا يتلقون دفعات مالية شهرية أو كل 50 يوما دفعة،  تصل إلى حد ال1000 شيكل لجميع الموظفين، وارتفعت الدفعات بعض الشيء إلى أن وصلت إلى 1200 شيكل الحد الادنى وهي ما استفاد منها 18 ألف موظف من ذوي الدخل المتدني.

وأوضح النحال أن ال40%  من رواتب الموظفين لا ترضي الجميع، وخاصة أصحاب الفئات المتوسطة، واصفا إياها "بالمهدور حقها" خاصة وأن قلة الرواتب تضع الموظف في أزمة مالية خانقة، مؤكدا أن هذه النسبة من الرواتب الذين استفادوا منها بشكل كامل هم أصحاب الدخل المتدني.

وتنقسم فئات الموظفين في حكومة حماس إلى ثلاث أصحاب الدخل المتدني والذين تقدر أعداهم ب18 ألف موظف، وأصحاب الفئة المتوسطة وتقدر نسبتهم ب35% من عموم الموظفين، وأصحاب الفئات العليا وتقدر نسبتهم ب7% وهم المدراء والمدراء العامون ووكلاء النيابة والقضاة وأعضاء المجلس التشريعي.

وأعلنت وزارة المالية رفع قيمة الحد الأقصى لموظفي الفئات العليا ب500 شيكل، وهو ما لم يقبله أصحاب الفئات المتوسطة، " الفئات العليا هم المستفيدون في كل الترفيعات في الرواتب، فبعد أن كانوا 3500 شيكل أصبحوا 4000 شيكل واليوم 4500 شيكل فيما نحن نراوح مكاننا في الرواتب" يقول النحال لزمن برس.

وأوضح النحال أنه من المفترض أن يتلقى 4600 شيكل راتبه الطبيعي، لكنه يحصل 1800 شيكل ثابتة لا تتغير كما هو الحال مع أصحاب الفئات المتدنية أو كما هو حال أصحاب الفئات العليا، منوها إلى أن أصحاب النفوذ والقرار هم من أصدروا القرار الأخير وذلك بما يخدم مصلحتهم ويزيدهم رفاهية، مطالبا بالتساوي بين الجميع وأن يكون رفع قيمة الرواتب بالتدريج وليس بالقفز عن أصحاب الفئة المتوسطة.

ويجدر الإشارة أننا حاولنا في زمن برس التواصل مع  نقيب موظفي حكومة حماس محمد صيام، وأيضا مع وزارة المالية في غزة للوقوف على تساؤلات موظفي الفئة المتوسطة لكن للأسف لم نتلق أي رد من الجهتين.
وكانت مصادر مقربة من أصحاب القرار في وزارة المالية، قد أكدت لزمن برس أن الترفيع لأصحاب الفئات العليا تأتي في إطار أنهم نسبتهم قليلة وهو ما تستطيع توفير إيرادات المالية، واعدة الموظفين وخاصة أصحاب الفئات المتوسطة برفع قيمة رواتبهم، ويأملون أن يدفعوا الرواتب كاملة في وقت قريب.

حرره: 
م.م