ماذا يخفي نشر حماس لصور "شاليط" و"وحدة الظل" ؟

وحدة الظل

 قاسم قاسم

(خاص) زمن برس، غزة: فَتحَ عَرضُ كتائب القسَّام الجناح العسكريّ لحركة "حماس" خلال الأيام القليلة الماضية مشاهد مصورة للجنديّ الإسرائيليّ "جلعاد شاليط"، وكشفها تفاصيل عن "وحدة الظل" السريَّة المسؤولة عن احتجازه لأكثر من (5) سنوات؛ باب الأسئلة على مصراعيه حول الأسباب التي دفعت الحركة لذلك، ولماذا في هذا الوقت تحديداً ؟، وما هي الرسائل التي أرادت إيصالها ؟، وكيف كانت ردة فعل (إسرائيل) على هذا العرض ؟.

سياسيون ومراقبون في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي، وفي أحاديث منفصلة لـ"زمن برس"، وصفوا ما نُشر من مشاهد مصورة بمثابة انتصار لعقلية المقاومة على عقلية الاحتلال، مؤكِّدين أن تلك المشاهد هدفها تحريك المياه الراكدة تحت ملف جنود الاحتلال المفقودين في غزة في ظل تجاهل (إسرائيل) المتعمّد له، وإيضاح أن إنهاء هذا الملف يكون عبر دفع الثمن للمقاومة، وليس المراهنة على عامل الوقت.

وبقرار من قائدها العام محمد الضيف؛ بثّث كتائب القسّام مطلع الأسبوع الجاري فيديو يظهر صور جديدة للجندي شاليط خلال فترة احتجازه في قطاع غزة بتاريخ الـ 25 حزيران/يونيو 2006، إحداها وهو يتنزه برفقة آسريه من "وحدة الظل" في وضح النهار، والتي كشفت الكتائب النقاب عنها بعد أن بقيت طي الكتمان منذ (10) أعوام، إذ يُعتبر تأمين حياة الجنود المأسورين، والعمل على إخفائهم عن عيون أجهزة مخابرات الاحتلال من أهم الأعمال المُوكلة لهذه الوحدة.

صندوق مغلق
القيادي البارز في حركة "حماس" مشير المصري، وفي أول تعقيب للحركة على ما نشره جناحها العسكري من فيديو مصور للجندي "جلعاد شاليط"، وكشفها تفاصيل للمرة الأولى عن "وحدة الظل" السرية، قال: إن "ما بثته القسّام هي رسالة انتصار للعقلية الأمنية للمقاومة الفلسطينية على عقلية الاحتلال، ودليل على فشله في العثور على طرف خيط يوصله إلى جنديِّهِ الذي كان يمارس حياة شبه طبيعية، رغم ما يمتلك من تقنيات أمنية وعسكرية وتكنولوجية، وتحالفات محلية وإقليمية".

وأضاف المصري لـ"زمن برس" أن ما عرضته القسّام أيضاً هي رسالة إلى العدو الصهيوني بأن رهانه على عامل الزمن في الوصول إلى ما في جعبة كتائب القسام من جنود أسرى لديها رهان خاسر، مؤكداً على أن "عامل الزمن سيكون لصالح المقاومة، ولأسرانا البواسل في سجون الاحتلال".

وشدَّد القيادي في "حماس" على أن  حركته لن تفتح ملف جنود الاحتلال المأسورين لديها في غزة، قبل أن يُفرج الاحتلال عن أسرى صفقة "وفاء الأحرار" المُعاد اعتقالهم، قائلاً: "حماس تدير هذا الملف بحكمة واقتدار، وهي ليست في عجلة من أمرها، وهذا الملف "صندوق مغلق"، ولا حديث حوله من حيث المبدأ دون التزام العدو الصهيوني بشروط صفقة وفاء الأحرار(1)، والإفراج عن الأسرى الذين أعاد اعتقالهم .. الكرة الآن في الملعب الصهيوني".

تَجاهل مُتعمّد
من جهته، المحلِّل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي أكرم عطاالله، رأى أن حركة "حماس" تريد من وراء تسريب الشريط المُصور لـ "شاليط"، والكشف عن الوحدة الجديدة المختصة بالاحتفاظ بالجنود المأسورين لديها؛ إثارة الجبهة والشارع الإسرائيلي، وإحراج المؤسستين السياسية والأمنية الإسرائيليتين، لا سيما في ظل تجاهل (إسرائيل) المُتعمّد لملف أسراها المفقودين في غزة، وتلكؤها في الحديث عن صفقة تبادل جديدة للأسرى بينها وبين المقاومة.

وعن ردَّة فعل (إسرائيل) عقب عرض الشريط المصوَّر؛ بيّن عطاالله لـ"زمن برس" أنها تعمّدت عدم التعقيب على ذلك، وكأن ملف أسراها أُغلِق وطُوي خلف ظهرها، وأرادت أن تظهر بأن هذا الملف لم يَعد يثيرها، معتبراً أن الأيام المقبلة ستشهد تجاهلاً من قبل (إسرائيل) لهذا الملف، مقابل كشف المزيد من الفيديوهات والصور الكثيرة التي تمتلكها "حماس" ووثقتها طوال فترة أسر الجندي شاليط؛ "لإعادة تذكير الرأي العام الإسرائيلي حول هذا الملف وإثارته داخلياً".

وقلّل المحلِّل المختص بالشأن الإسرائيلي من إمكانية التوصل في المدى القريب لصفقة تبادل جديدة للأسرى بين الاحتلال والمقاومة، متابعاً: "إسرائيل لن تستعجل في إبرام صفقة تبادل في الوقت القريب؛ لكي لا تدفع إلّا أقلّ الأثمان، خصوصاً أنها زعمت بأن الجنديين اللذان بحوزة المقاومة في عداد القتلى، وبالتالي هذا الأمر لن يدعوها للاستعجال، إلّا في حال تأكدت أنهما على قيد الحياة؛ لأن بقاؤهم سيؤثر على معنويات جنودها الذين سترسلهم للقتال في أي حرب مقبلة لها.

وتدّعي (إسرائيل) بأن بحوزة حماس في غزة 4 إسرائيليين، بينهم اثنين من الجنود القتلى، أحدهم الجندي "شاؤول آرون" صاحب الرقم (6092065)، والذي أعلنت كتائب القسام رسمياً عن أسره خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، صيف 2014، في حين نفت الكتائب صلتها بالثاني وهو الضابط "هدار جولدن" الذي فُقدت آثاره في مدينة رفح، جنوبي القطاع في نفس العدوان.

في حين تزعم أن الاثنين الآخرين دخلا قطاع غزة بطريق الخطأ وهما: "أبرهام منغستيو" (28 عاماً) من سكان مدينة عسقلان المحتلة، وصل القطاع عبر البحر دون معرفة مصيره، فيما الآخرمن سكان بلدة "حورة البدوية" في النقب المحتل، تجاوز الحدود في منتصف عام 2014.

أسقط نظرية الأمن

من جهته، المحلِّل الساسي المُختص بالشأن الفلسطيني حمزة أبو شنب، لفت إلى أن فيديو شاليط المُسرّب الذي كان بمثابة مفاوضات غير مباشرة عبر الإعلام بين المقاومة والاحتلال يؤكد على أن المقاومة ما زال بجعبتها الكثير من الأسرار المتعلقة بملف الجنود الإسرائيليين لديها.

وأوضح أبو شنب لـ"زمن برس" أن الفيديو استطاع أن يرسل رسالتين، الأولى لأجهزة الأمن الإسرائيلية بأنها فشلت استخبارياً في الوصول إلى جنديِّها الأسير في حينه، بعدما اعتقدت أنه يعيش ظروفاً أمنية معقدة، والثانية هي لعوائل الجنود المفقودين في غزة بأن عامل الوقت لن يجدي نفعاً، والمطلوب دفع الثمن للمقاومة حتى يتم إنهاء هذا الملف.

وذكر أن الفيديو وما أظهره من لقطات أسقط نظرية الأمن الإسرائيلية القائمة على ردع الخصم، كما زعزع من ثقة الشارع الإسرائيلي بأجهزة الأمنية، والمتزعزعة أصلاً؛ نتيجة شعوره بانعدام الأمن بفعل العمليات التي ينفذها الفلسطينيون خلال الانتفاضة الجارية في المدن الكبيرة والحساسة لدى الاحتلال كـ"تل أبيب" وغيرها، واصفاً نظرية الاحتلال الأمنية حالياً بـ"المثقوبة"، بعدما كانت فوق كلّ اعتبار.

واتَّفق المحلّل السياسي المختص بالشأن الفلسطيني مع سابقه المختص بالشأن الإسرائيلي في أن الحديث عن قرب إتمام صفقة تبادل جديدة للأسرى بين الاحتلال والمقاومة ما زال مبكراً؛ "لأن الصفقة السابقة شهدت سنوات طويلة من المفاوضات بين الجانبين؛ بيد أن ذكاء المقاومة سيتواصل في بث "إشارات" للاحتلال وعائلات الجنود الأسرى بأنه لا جدوى من إضاعة الوقت".

يُذكر أنه اُفرِج عن الجندي "جلعاد شاليط" بموجب صفقة "وفاء الأحرار" بين المقاومة والاحتلال، تم خلالها الإفراج عن (1050) أسيراً وأسيرة فلسطيني وفلسطينية من سجون الاحتلال برعاية مصرية، في أكتوبر وديسمبر عام 2011.

حرره: 
م.م