تلفيقات يمينية

اسرائيل

صحف عبرية

مؤسس جمعية اليمين «حتى هنا» التي استخدمت مدسوسين في منظمات حقوق الانسان، أرسل نشطاء متخفين إلى الحافلات المختلطة للفلسطينيين والاسرائيليين في الضفة. اولئك المدسوسون شجعوا المسافرين الفلسطينيين على الحديث عن مظهر المسافرات اليهوديات. وقد وثقوا النتيجة بواسطة كاميرا خفية حيث قاموا بعرض الامر كظاهرة «تحرش جنسي» من قبل الفلسطينيين من اجل الفصل في الحافلات. هذا ما تبين من المادة وصلت لصحيفة «هآرتس».

جلعاد آخ رئيس جمعية «حتى هنا» التي تصدرت العناوين مؤخرا في أعقاب التحقيق حول نشيط اليسار عزرا ناوي، الذي نشر في برنامج «عوفده»، بادر إلى خطة العمل لفصل الخطوط من المركز إلى شمال الضفة في ايلول 2014، مقابل الحملة التي أدارتها قيادة المستوطنات في هذا الموضوع. وكجزء من الحملة ظهر مرة تلو الاخرى الادعاء بأن الفلسطينيين يتحرشون جنسيا بالمسافرات في الخطوط المشتركة. وقد قالت الشرطة في حينه إن شكوى واحدة فقط تم تقديمها فيما يتعلق بالتحرش الجنسي في هذه الخطوط.
حسب خطة العمل، أرسل آخ نشطاء ـ امرأة وشاب تخفى بهيئة عامل فلسطيني وحمل أدوات تصوير وتسجيل ـ للسفر في أحد الخطوط. وكان الهدف المعلن «اجراء حوارات مسجلة مع الفلسطينيين في طريقهم إلى يهودا والسامرة. وصعود فتاة وحيدة إلى الحافلة وتوثيق المعاملة التي تتلقاها اثناء السفر. توثيق الوضع العام في الحافلات».
المادة الخام التي وصلت لصحيفة «هآرتس» تبين أن سفر الباص تم بدون احداث استثنائية، والتابعين لـ آخ بادروا إلى شيء يتجاوز حدود التوثيق: المدسوس الذي تخفى على هيئة عامل حاول تشجيع عامل فلسطيني على التحدث مع النشيطة المتخفية بطريقة جنسية. وتم تقديم المواد على أنها وثقت بالصدفة من خلال عدسة الكاميرا وعلى أنها تحرش جنسي بالمسافرة ونشرت من اجل الضغط على متخذي القرارات.
كان مشروع آخ قصير المدى لأنه في تشرين الاول 2014 قرر وزير الدفاع موشيه يعلون الفصل في السفريات واجبار العمال الفلسطينيين على العودة إلى المناطق عن طريق حاجز إيال، بعيدا عن الحافلات التي يسافر فيها المستوطنون. وفي أيار 2015 أمر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتجميد هذا القرار.
آخ يبلغ 32 سنة وهو من سكان مستوطنة عيلي. وقد أدار في السنوات الاخيرة جمعية «مغين» لاسرائيل يهودية وديمقراطية. الجمعية هي التي استخدمت المدسوسين في منظمات حقوق الانسان إلى أن تم تشكيل جمعية «حتى هنا» في تشرين الثاني 2015. وفي مقابلة مع برنامج «عوفده» بعد التحقيق في موضوع ناوي قال آخ «حرصنا جدا على عدم اختلاق واقع لم يكن موجودا» ـ هذا الادعاء يناقض المواد الخام الموثقة حيث تظهر أن نشطاء جمعيته قد بادروا بشكل فعلي.
في ايلول 2014 جهز آخ خطة العمل لاخراج الفلسطينيين من الحافلات. «الهدف هو وقف اغراق الحافلات الاسرائيلية من المركز إلى السامرة بالفلسطينيين من يهودا والسامرة، ووقف المظاهر التي ترافق ذلك». وقد جاء في الخطة ايضا «المهمة هي توثيق التحرشات والمعاناة التي يعانيها المسافرون الاسرائيليون في هذه الحافلات وعرض استخفاف الفلسطينيين بالاسرائيليين في الحافلات (اظهار التهديد زائد الضرر)». وفي اهداف التوثيق كتب ايضا: «شتائم ضد السائق. التحرش بالفتيات في الحافلة واقوال عنصرية وقول إن الاسرائيليين مهزلة» و «جوانب من: اعمال تخريبية ومخالفات للقانون، عنصرية، جنسية».
وقد تم الغاء الخطة حينما نشر أن يعلون قرر فصل الخطوط. لكن يوم التصوير الوحيد يوفر فرصة لمشاهدة طرق استخدام آخ وجمعيته. وطاقم آخ شمل يوليا ترتونبا (التي تم استخدامها كمدسوسة من اجل توثيق ناوي ايضا)، حيث صعدت إلى الحافلة وكأنها وحيدة وكان معها مدسوس يتحدث العربية ويتخفى على هيئة عامل وحارس ايضا. آخ نفسه سافر في سيارته خلف الحافلة.
المادة التي صورت وسجلت تم ارسالها للقناة 2 عن طريق لجنة مستوطني السامرة والى الاجهزة الامنية. وقال آخ في حوار مع «هآرتس» إنه استخدم لجنة مستوطني السامرة لأنه لم يرغب في الانكشاف على الجمهور في تلك الفترة. وقد تم تقديم المادة المصورة في تقرير عن «التحرش الجنسي من النوع الذي يحدث دائما في الحافلات حيث كانت ذروته حديث عامل فلسطيني مع صديقه عن شابة في الحافلة قال إنها مومس وأنه يرغب في ممارسة الجنس معها وأنه لو كان وحده في الحافلة لكان فعل ذلك». المواد الخام حول التوثيق تبرهن على أن تواجد ترتونبا وحدها في الحافلة لم يسبب التحرش الجنسي المتوقع. وفي أعقاب ذلك بدأ المدسوس المتخفي على هيئة عامل بالاشارة اليها أمام الفلسطينيين على أمل أن يردوا بأقوال جنسية. وحسب الترجمة التي اجرتها جمعية «مغين» في نهاية حوار مختصر، كان الحوار كما يلي: المتخفي: ما رأيك بهذه الفتاة؟.
العامل: اليوم الحافلة فارغة، لكن عادة يكون هناك الكثير من الفتيات الجميلات، بحمد الله.
ورغم محاولات المتخفي، إلا أن العامل لم يتعاون. فيقوم المتخفي بقول شيء مباشر عن ترتونبا.
المتخفي: انظر إلى هذه الجميلة.
العامل: يا الله، انظر كيف يتدلى شعرها، مومس. كنت سآخذها إلى مؤخرة الحافلة وأمارس الجنس معها. يا ليتنا كنا وحدنا. انتظر لحظة أنا أريد تصويرها. تحرك قليلا.
المتخفي: ما الذي تفعله بالصور؟.
العامل: أضعها في الفيس بوك وبعد ذلك أجدها.
المتخفي: كيف تجدها؟.
العامل: الله يعرف. هناك كثير من الاحتمالات في الانترنت. قُم، قُم وأفسح لها المجال للجلوس بجانبي.
في التقرير للقناة 2 سُمع هذا الحوار وعلى الشاشة تظهر صور ترتونبا وهي تقف في الحافلة وكأن الأمرين يحدثان في نفس الوقت. لكن بعد فحص المادة الخام يتبين أنه تم دمج الصوت مع الفيديو لأنه عندما وثقت الكاميرا ترتونبا لم يُسمع أي شيء سوى الضجة القوية لمحرك الحافلة. ولم يُذكر في التقرير أن المادة تم اجراء مونتاج لها.
الكاميرات استمرت في التصوير حينما جمع آخ اعضاء طاقمه في سيارته وأوصلهم إلى حيث يريدون. وتم توثيق الحوار حول الطاقم في السيارة: «هل تعرف ماذا قال لي»، قال المتخفي. وفي السياق قال المتخفي لترتونبا: «كان يفترض أن تستمري في الجلوس، لكنني لم استطع أن اقول لك ذلك. كان يجب أن ينجح ذلك. فقد تحدث هناك بأشياء قذرة».
زعماء المستوطنون استخدموا الادعاء بأن الخطوط المشتركة هي تربة خصبة للتحرش الجنسي وهذا من اجل الدفع باتجاه الفصل. على سبيل المثال اجتمع عضو الكنيست موتي يوغف من البيت اليهودي مع اللجنة الثانوية في لجنة الخارجية والامن لشؤون يهودا والسامرة من اجل نقاش ظاهرة «التحرشات الجنسية». يغئال لاهف، رئيس مجلس كرني شومرون، زعم اثناء النقاش أن العمال يصعدون إلى الحافلة لأنها تسمح لهم بـ «السفر مع الفتيات اليهوديات». ساغي كيزلر، مدير عام لجنة مستوطني السامرة قال في القناة 10 إن «التحرش الجنسي يحدث، وقد وصلت الينا عشرات الشهادات». وزعمت الشرطة، في المقابل، أن شكوى واحدة فقط قُدمت في موضوع التحرش الجنسي في الحافلات. تحقيق برنامج «همكور»، حيث سافر المحقق يوميا في هذه الحافلات، لم يُظهر أي دليل على وجود وضع استثنائي.
في مقاطع اخرى في المادة الخام للمتخفي، حاول الحصول على اقوال «مُدينة»، كما جاء في خطة عمل آخ. في مقطع واحد يظهر وهو يتحدث مع أحد الناشطين ويسأله «هل تكره المستوطنين؟» (الناشط أجاب ايجابا). وفي حوارات اخرى حاول المتخفي استخراج اقوال عن الشرطة والجيش، لكنه لم ينجح في ذلك.
قال جلعاد آخ إن «النشر يعتمد على الاكاذيب التي تهدف إلى التغطية والدفاع عن الاعمال غير الاخلاقية لعزرا ناوي. ومن الغريب أن صحيفة مثل «هآرتس» تذر الرماد في العيون وتختار النشر انطلاقا من الرغبة الواضحة في الانتقام من آخ وجماعته، هذا التقرير يعتمد فقط على الاكاذيب. الادعاءات كاذبة وتهدف إلى تشويش نشر مواد اخرى من «حتى هنا». جمعية «حتى هنا» وجلعاد آخر يسندون ادعاءاتهم إلى مادة تم جمعها من الاسرائيليين والاسرائيليات الذين نجحوا في الدخول إلى الهيئات والى قلب نشاط المنظمات المعادية لاسرائيل وتوثيق ذلك بواسطة الكاميرات والتسجيل والواقع المخيف هناك».
القناة 2 قررت عدم التطرق لهذا الامر.
حاييم لفنسون

هآرتس 
 

حرره: 
م.م