إجراءات إيجابية .. ولكن

إستجابت حكومة الدكتور فياض للاحتجاجات الشعبية، باتخاذها مجموعة إجراءات إيجابية لصالح المواطنين إن كان بتراجعها عن رفع أسعار المحروقات، وإعادتها لما كانت عليه في شهر آب\ اغسطس، وايضا إعادة الضريبة المضافة الى نسبة 15% ، وتقليص النفقات الحكومية، والرقابة من قبل وزارة الاقتصاد على الاسعار في السوق الوطني، وفرض غرامات كبيرة على المخلين بها، فضلا عن دفع جزء من الراتب على طريق تسديده كاملا خلال إسبوع، وتخفيض رواتب الموظفين بنسبة 10% ..

هذه الاجراءات على ايجابيتها، لا يمكنها معالجة الازمة المالية – الاقتصادية. لانها حلولا جزئية، ولا تعالج جذر المسألة، لاسيما وان إستمرار الاحتلال الاسرائيلي جاثما على الارض الفلسطينية، وعدم وفاء الدول المانحة بتسديد التزاماتها المالية لموازنة السلطة، واستمرار اتفاقية باريس الجائرة، وكذا بقاء الانقلاب الحمساوي الاسود وتداعياته الخطيرة على وحدة الارض والشعب والقضية والنظام السياسي، جميعها عوامل تحول دون تخطي الازمة.

وبالتالي ستبقى الازمة تطل برأسها بين الفينة والاخرى، وتثقل كاهل الشعب والحكومة والقيادة السياسية مالم تنفرج الازمة السياسية، ويفتح افق الحل السياسي المتمثل باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

ولهذا على القيادة السياسية، التي أعادت لها الحكومة بإجراءاتها الكرة، بتحمل مسؤولياتها بتفعيل الحراك السياسي، لان السقف الممكن والمتاح للحكومة بلغته باجراءاتها، وحسب القراءة الموضوعية لواقع الحال بين الممكن وغير الممكن، فإن الحكومة قامت بما تستطيع.

بناءاً على ذلك، تفرض اللحظة على رئيس منظمة التحرير واللجنة التنفيذية للمنظمة واللجنة المركزية لحركة فتح وفصائل العمل الوطني وقوى الشعب المختلفة البحث في السبل الكفيلة للخروج من الازمات المتعددة المنتصبة امام الشعب وخاصة إعادة الأمل بتحقيق الاهداف السياسية، التي بدورها تشكل رافعة حقيقية لمعالجة الازمات المتفرعة عنها وتحديدا الازمة الاقتصادية.

وعلية تملي الضرورة عقد إجتماع موسع لكل القوى السياسية ( تحضره قوى وكفاءات من داخل الداخل والشتات) بما فيها حركتي حماس والجهاد الاسلامي والمستقلين والكفاءات من المتخصصين في المجالات المختلفة للبحث في سبل الخروج من عنق الزجاجة، التي يعيشها المشروع الوطني.

وهذا يعني الاتفاق على برنامج عمل جديد قادر على إعادة الاعتبار للقضية والاهداف الوطنية.

ولاحداث نقلة جدية في الحراك الوطني، لابد من طي صفحة الانقلاب الحمساوي فورا، واعادة الاعتبار للوحدة الوطنية.

وفي السياق مواصلة الجهود لاعادة فتح اتفاقية باريس كخطوة على طريق إلغائها، وفتح الابواب امام تحرر الاقتصاد الوطني من الكوابح، التي تفرضها الاتفاقية واستمرار الاحتلال الاسرائيلي، لاسيما وان الاتفاقية انتهى زمنها منذ ثلاثة عشر عاما.

وايضا وضع الدول المانحة والدول العربية امام مسؤولياتها تجاه موازنة السلطة او التلويح امامها جميعا بعواقب الامور في حال واصلت تلكؤها وامتناعها عن دفع التزاماتها لموازنة السلطة الوطنية.

غير ذلك من الحلول، كالحديث عن التكافل الاقتصادي، والاقتصاد المنزلي، والمشاريع الصغيرة، والاستثمار في المنطقة (C) ،بالاضافة الى مواصلة الدعوة لاقالة رئيس الحكومة من قبل القوى السياسية والاجتماعية، على اهميتها جميعا، إلآ انها لا تشكل الحل الجذري من الازمات المستعصية داخل الساحة الوطنية. وايضا لان بقاء او غياب رئيس الحكومة لا يغير من واقع الحال، وإن كان المرء أشار فيما سبق، ان اللحظة تملي على رئيس الحكومة الدكتور فياض مغادرة موقعه الحكومي لاعتبارات خاصة به، ولسبب موضوعي يتعلق بالعلاقة غير الايجابية مع حركة فتح، الفصيل الاكبر في الساحة، والممسك بمقاليد الامور، الذي لم يعد يقبل ببقاء رئيس الوزراء.

إجراءات حكومة فياض أعادت الكرة في مرمى القيادة السياسية، كما اثقلت منذ الآن مسؤولية اي رئيس حكومة قادم، واتاحت للوزير الاول تنفس الصعداء نسبيا بعد ايام عصيبة مر بها شخصيا، وان كان سيعاني من تداعيات الاحتجاجات لفترة غير بسيطة من الوقت حتى يتعافى، هذا ان اتيح له التعافي ..

والمستقبل المنظور سيجيب عن الكثير من اسئلة اللحظة الضبابية والمغلفة بثوب الازمة الاقتصادية.

a.a.alrhman@gmail.com