نتيجة الظروف الاقتصادية.. ازدياد حالات الانتحار بغزة
سناء كمال-زمن برس
غزة: التهمت النيران جسد المواطن محمد عطية أبو فول (25 عاما) من مخيم الشاطئ الشمالي بمدينة غزة، حيث أصيب بحروق من الدرجة الثالثة، وتناقلت الأنباء بين المواطنين بأنه قام بإشعال النيران بجسده احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الغزيون في القطاع، ليكون الحالة الثانية التي تقدم على حرق نفسها. وأكد مقربون من أبو فول بأنه قام بإحراق جسده نتيجة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي يتعرض لها بشكل يومي، جراء الفقر المدقع الذي يعيشه مع عائلته المكونة من عشرة أفرد، بينهم والده الضرير الذي لا يستطيع العمل، وتوفير مستلزمات الحياة اليومية.
ويشهد قطاع غزة تزايد في عدد حالات الانتحار في الأسابيع القليلة الماضية، حيث وصلت إلى 7 حالات في أقل من ثمانية أسابيع، يرجعه مواطنون إلى الفقر المدقع الذي يعيشه الشباب الغزي والبطالة المنتشرة وانسداد الأفق الذي يحول دون رؤية صورة واضحة للمستقبل البعيد أو حتى القريب. وكان إيهاب أبو ندى (19 عاما) توفي قبل أسبوعين بعد أن أشعل النيران بجسده أمام مستشفى الشفاء الطبي، أكد ذووه أنه أقدم على هذه الخطوة نتيجة يأسه من الحياة بسبب أوضاعهم المادية الصعبة التي يعيشونها.
وأكد سفيان أبو ندى (40 عاما) – والد إيهاب – أن ابنه قرر انهاء حياته بيده بعد أن نفذت كافة محاولاته بإيجاد عمل مناسب له، يستطيع من خلاله مساعدة والده بالمصاريف اليومية، خاصة وأنهم يعيشون في منزل بالإيجار ولا يكاد راتبه الذي يحصل عليه من السلطة أن يكفيهم. أما والدته التي لم ترد أن تصدق موت ابنها فتردد بين النساء المعزيات لها كلمات وداعه لها خلال اتصال هاتفي عليها :" أنا تعبان وقرفان وزهقان ... مليت الحياة واللي فيها سامحيني يا أمي.. أنا هلقيت في عالم آخر".
ولم تختلف الظروف التي جعلت جمعة عروق (19 عاما) يقدم على الانتحار عن إيهاب، لكن الطريقة اختلفت حيث شنق نفسه على سطح منزلهم، تاركا رسالة على هاتفه النقال يطلب فيها السماح من والديه، وتقول:" أنا زهقت من الحياة وتعبت بدي أروح عند ربي هو أعلم فيا، وأعيش بجواره، سامحوني". وكان من المقرر أن يتزوج عروق بعد أقل من شهر من انتحاره، وفي طور تجهيز مسلتزمات وتكاليف الفرح.
وحول الإحصاءات الحقيقية لعدد المنتحرين في غزة لم تتوفر حتى الآن العدد الحقيقي نظرا لتزايد في الحالات، وكذلك لعدم توفر مركز إحصائي يعمل على رصد حالات الانتحار. من جانبه أكد فضل أبو هين المختص في الشؤون النفسية أن الانتحار مرض اجتماعي – تكاد تصل إلى ظاهرة - ناتج عن الشعور بالإحباط وفقد قيمة الحياة ومتعتها، مشيراً إلى أن صعوبة الوضع الاقتصادي تدفع الأشخاص للتفكير في أفضلية الموت على الحياة.
وقال أبو هين :" الموت والحياة موجودان داخل الإنسان ويفاضل بينهما في حال انغلقت آفاق الحياة وكره الناس وفقد أمله فيهما"، موضحا أنه في حال وصل الإنسان إلى هذا الحد من التفكير نتيجة الأوضاع الصعبة التي يعيشها فإن ذلك يعيب الحكومة كونه يعكس فشلها في تحقيق ما يريده الناس. ومن ناحية شرعية معروف ومتفق عليه أن الانتحار حرام شرعا سواء كان بسبب أو من غير سبب، ويجمع العلماء على أن فكرة الانتحار تدل على ضعف إيمان الشخص، وأنه نوع من أنواع الهروب من الواقع.
وفي ذات الوقت تحمل الشريعة الحكومات مسؤولية تحقيق السعادة للمواطنين بحسب الإمكانيات المتاحة، حيث أكد رئيس لجنة الإفتاء محمود عجور أنه في حال قصرت الحكومة في أداء ما عليها وهي قادرة تتحمل شيئا من الوزر.