ارحل "أوسلو" . . . أم تريدُ فّضَّ بِكارَتها مرّتين !!؟
إنه الثالث عشر من أيلول، عذراً أيلول، فرغم سوادك الحالِك وحُمرتِك القانية، إلا أنّ هناك من يريد أن يزيدك سواداً إلى سوادك، أيلول يبدو أنك جَملُ المَحامل، تحمل بين طياتك معارك أيلول في عمان و كامب ديفيد الأولى بسوادهما الحالك، صبرا وشاتيلا، هبة الأقصى والإنتفاضة الثانية المضمخة بعبق الدّم والتضحية ! عذراً إن قلتُ لك إنّ الثالث عشر منك قد أثقل كاهليك بحملٍ عظيم كان عنواناً لشؤم المرحلة وتخاذل الثائرين، واليوم بعد تسعة عشر عاماً على تلك الوصمةِ في جبينك يا أيلول، قد بِتُّ أمتلك الجرأة لأكتب عنك يا "أوسلو" !
لا أدري هل أخاطبكَ كذكرٍ أم كأنثى يا "أوسلو" ..!! يَرجحُ عندي –وتبعاً لسوئك المشهود- أنك "ذكر"، فربما أنّ الذكور هم أكثر قدرة على الأذى لغيرهم –هذا على الأقل حسب وجهة نظري- لكنك حتماً بلا أخلاق !! فقد استغللتَ لحظة إرهاقنا، غفلتنا، إنعدام بصيرتنا أو لنقل سباتنا وانتهكتَ سِترنا المتبقي لنا، لن أعتذر منك، فأنتّ حتى "بلا شرف"..!!
عندما اجتمع الثائرون في "أوسلو"، لم يكن عمري حينها قد تجاوز الخمس سنوات، لم أشهد على تلك المرحلة المعتمة، لم أفرح، لم أحزن، لم أنتفض ... فأنا بالكاد ابنُ السنوات الخمس!! أما اليوم، ونحن في العِقد الثاني من الألفية الثانية، في ذكرى "أوسلو" التاسعة عشر، تُثبِتُ لنا الأيام كم من العارِ جلبتَ لنا يا "أوسلو" ... لقد آثرت إلا أن تدنس طُهر قضيتنا!
في جَدلية قضيتنا الحائرةِ -أكثرَ منا- أشياءُ غريبة، فحتى اليوم لم ننتصر، لم نُهزم، ما زلنا عالقين، أو بالأحرى، ما زال ثوارنا عالقين، فهم من جهةٍ باعوا وفرطوا، وهم على يقين بذلك -وإن كانوا يكابرون- ، ومن جهة اخرى ما زالوا يُصدّعون رؤوسنا بوطنيتهم وانتمائهم، وكأنّ الشعب يطالبهم صبح مساء بشهادة انتمائهم لهذا الوطن، وكلما رفع أحدنا رأسه محاولاً الإعتراض، هبوا في وجهه بعباراتهم الممجوجة التي طالما سمعناها قائلين: من قَبلُنا، من سَبقنَا، من فعلَ ما فعلنَا !؟؟ أسف يا سادة فالعبرة في خواتيم الأمور !!
" أوسلو"، كل ما فيك سيء الذِّكر، لم نرَ شيئاً منك سوى شرَّك –مع اعتقادي الجازم ألا خير فيك أبداً- ، لقد كبّلت الثائرين "أصحاب الطلقة الأولى"، وأوقعت في شباكِك "أصحاب التغيير" حتى صِرت في عام 2006 منسياً وراء الظهور وكانك انتهيت، وما علموا أنّ كل حكوماتنا ومجالسنا التشريعية ومؤسساتنا ما هي إلا إفرازُ أساسي لاتفاق "أوسلو" القادم من بعيد مصطحباً معه "أدعياءَ وطن"!
" أوسلو"، بعد كل هذا، ألن ترحل عن وطننا وأرضنا فلسطين !!؟ أم أنك تريد أن تفُضَّ بِكارَتها مرّتين !!؟ ربما يحتاج عارُك ثورة "ياسمين" جديدة لمحوه، لكن هذه المرة بلا أحزاب وفصائل تُسيرنَا، بل جوعُنا وألمنا كافٍ لدفعنا لذلك ..
لن أغفر لك، لن أغفر لك، تلعننى أمي ان كنت غفرت، تلفظي القدس إن كنت نسيت، تلفظني كل حروفك يا فلسطين، تلفِظُني كل حروفكَ يا وطني المغبُون، إن كنت غَفرت أو كنتُ نسيت ..!!