رأس السنة العبرية والسلام

صادف أمس حلول رأس السنة العبرية، وهو العيد، الذي يطلق عليه اليهود "روش هاشانا"، وسنويا يصادف ال 17و18 من سبتمبر/ ايلول من كل عام، اليومان اللذان يصادفان الاول والثاني من شهر "تشري"، احد شهور السنة العبرية.

فلا يملك المرء سوى تهنئة اتباع الديانة اليهودية من انصار السلام والتعايش.

كما يأمل المرء ان ترتقي القيادات اليهودية المتاجرة بدماء يهود العالم عموما وإسرائيل خصوصا الى مستوى المسؤولية السياسية والاخلاقية ودفع عربة السلام للامام.

والتوقف عن بث وتعميم لغة الكراهية والحقد وتأجيج العنصرية البغيضة في اوساط اليهود المضللين من الاحزاب الصهيونية باجنحتها وتياراتها المختلفة.

الفرصة المتاحة امام القيادات الصهيونية، المدعية "الرغبة" بالسلام، قد تتكرر ولكن بعد فوات الاوان.

لذا عليها اغتنام فرصة حلول رأس السنة العبرية، والمبادرة الى انتهاج سياسة مغايرة كليا عما هو قائم منذ احتلت إسرائيل الاراضي الفلسطينية في العام 1967، وتعمل على : الكف عن تزوير الحقائق التاريخية والسياسية، والعودة للحظة الى المصالحة مع الحقيقة، والتقدم خطوة شجاعة للامام باتجاه بناء جسور السلام المقبول والممكن، والقائم على خيار حل الدولتين للشعبين، والتوقف عن الاستيطان الاستعماري، والغاء منطق وسياسة ومخططات التهويد ومصادرة الاراضي الفلسطينية، واعادة الاعتبار للقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية، من خلال اعادة فتح المؤسسات الوطنية الفلسطينية، والتوقف عن مشاريع تغيير معالمها الجغرافية والديمغرافية والتراثية – الدينية والسياحية.

والتخلي كليا عن لغة الحرب والبارود والدم، لانها سياسة لا تنتج إلآ الموت والدمار للذات والآخر. اتباع الديانة اليهودية، مطالبون باليقظة من سبات تزوير التاريخ، الذي فبركتة الحركة الصهيونية وتجار الرأسمالية العالمية، اولئك الذين تاجروا ويتاجروا بمذبحة اليهود على يد الفاشية والنازية زمن الحرب العالمية الثانية، لان ما يفعلونه في فلسطين وضد الشعب العربي الفلسطيني أخطر وابشع مما انتجته المحرقة الهتلرية على اليهود وشعوب العالم آنذاك في اربعينيات القرن الماضي. مَّنْ عانى من المذابح وويلات الحروب، ايٍ كانت قوميته او ديانته لا يقبل على نفسه، ان يكون جلادا وقاتلا لاي إنسان في الارض.

لان تجربته وتجربة ابائه واجداده من المفترض ان تكون علمته العبر والدروس.

وهذا ما يجب على يهود الارض من مختلف القوميات والامم وخاصة الذين ارغمتهم الحركة الصهيونية ودول الغرب الاستعماري والانظمة العربية المتواطئة معها في اربعينيات وخمسينيات القرن الماضي القدوم لاحتلال الارض الفلسطينية واقامة ما سماه بلفور، وزير خارجية بريطانيا في الثاني من نوفمبر/ تشرين ثاني 1917 ب"الوطن القومي اليهودي" على انقاض الحق التاريخي للشعب العربي الفلسطيني تحت يافطة الشعار الصهيوني الكاذب "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض!"، على اليهود التحرر من عقدة النقص، التي زرعتها في وعيهم الحركة الصهيونية والغرب الاستعماري، والانتفاض على الافكار الجعية والبائدة والكاذبة، التي عممها الصهاينة الاوائل، ومازال الابناء والاحفاد يشربونها للاجيال اليهودية الجديدة دون إدراك للابعاد الخطيرة لتلك الافكار على مستقبل اليهود في إسرائيل والفلسطينيين حيثما كانوا ومعهم اشقائهم العرب.

على يهود إسرائيل التمرد على الافكار العنصرية، التي يزعها حاخامات الموت والكراهية في صفد وكريات اربع وغيرها من المستوطنات المنتشرة كالفطر على الاراضي الفلسطينية المحتلة.

وعلى اليهود بناء الثقة مع ابناء الشعب العربي الفلسطيني داخل الخط الاخضر ، وبناء دولة المواطنة الواحدة دون تمييز او احقاد او تطهير عرقي، وتعميم لغة التعايش والسلم الاهلي، وتعميق خيار الديمقراطية الحقيقية لكل مواطني الدولة، وبذات القدر الدعوة والزام الدولة الاسرائيلية للانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، والسماح ببناء الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194.

انها فرصة ذهبية، ان اغتنمها يهود دولة اسرائيل ، فإنهم ينقذوا انفسهم والفلسطينيين من ويلات السياسات الطائشة والخطيرة، التي مازالت تنتهجها القيادات الاسرائيلية منذ نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948 ، عام تأسيس دولة اسرائيل على انقاض الفلسطينيين ووطنهم الام. وإن لم يفعلوا فإنهم ، يكونوا ارتكبوا حماقة كبيرة بحق انفسهم وبحق الفلسطينيين والعرب، لان معنى ذلك بقاء المنطقة في فوهة بركان الحرب والعنف.

والمستفيد من ذلك فقط الغرب الرأسمالي وخاصة الاميركي.

مرة اخرى كل عام وانصار السلام والتسوية والتعايش والديمقراطية الحقيقية من اتباع الديانة اليهودية بخير..

وكل وشعوب الارض بخير ..

a.a.alrhman@gmail.com