المعلمون المفصولون/ ينصفهم القضاء وتذلهم الوزارة
هاني حبيب- خاص بزمن برس
رغم أن القضاء الفلسطيني أنصف بعودة المعلمين المفصولين إلى عملهم، وفقا لقرار المحكمة العليا في رام الله مؤخرا، إلا أن هؤلاء لن يعودوا إلى عملهم على الأقل في المستقبل المنظور، وفقا لما أشارت إليه وزارة التربية والتعليم لميس العلمي في إحدى الصحف اليومية، عندما قالت أن عودتهم "ستأخذ وقتا وقد يتم ذلك خلال عامين أو ثلاثة، خاصة وأن الوزارة لم تتسلم رسميا حكم المحكمة العليا، يعود هذا التأخير في تنفيذ حكم المحكمة حسب العلمي إلى عدم وجود اعتمادات مالية تكفي العدد الكبير من الموظفين المفصولين.
لا بد في هذا السياق من تسجيل عدة ملاحظات، أولها أن الوزارة قامت بتعيين عدد من المعلمين في مختلف محافظات الضفة عقب صدور الحكم، ولو كانت الوزارة جدية في التعامل مع حكم المحكمة العليا، لأعادت على الأقل عددا من المعلمين المفصولين قبل أن تعين معلمين جدد.
المحكمة العليا، نظرت في هذه القضية لحوالي ثلاث سنوات متتالية، من خلال 19 قاضيا، وخرجت في نهاية الأمر إلى هذا الحكم الذي أنصف المعلمين المفصولين، غير أنه أيضا من المفترض أن ينصف كافة المتضررين من بدعة "السلامة الأمنية" التي أخذت بها بعض الوزارات وديوان الموظفين العام، إذ أن هذا الحكم سيشكل مبدأ قانوني، أو سابقة قانونية تحيل كافة القضايا المشابهة إلى نفس هذا الحكم.
لو كنا أمام دولة رشيدة، حكم رشيد، لما استوجب الأمر، لجوء المعلمين المفصولين إلى القضاء، ذلك أن قانون الخدمة المهنية الفلسطيني، يضع أربعة شروط لقبول التعيين لأي موظف بعد الإعلان عن شواغر: أن يكون فلسطينيا، ويبلغ الثامنة عشر أو أكثر، وليس محكوم بحكم مخل بالشرف والملائمة الصحية للقيام بعمله، ولم يورد القانون المذكور، أي عبارة أو جملة أو كلمة، عن الشرط البدعة: السلامة الأمنية، وهو الشرط الذي أعجز العديد من المواطنين عن الحصول على عمل أو وظيفة رسمية.
مفهوم "السلامة الأمنية"، وهو الشرط الأساسي للحصول على عمل أو وظيفة تستخدمه السلطات في مواجهة المعارضة بشكل عام، واستخدام في الضفة الغربية في مواجهة حركة حماس على وجه الخصوص، غير أن التجربة دلت على أن من هم في الحكم اليوم، ربما يصبحون في المعارضة غدا، وان سلاح "السلامة الأمنية" قد يستخدم ضد من يتبناه في وقت من الأوقات، عدا عن ذلك فالسؤال الذي يبرز بوضوح: إذا كان طالب الوظيفة مخلا بالأمن فلماذا لا يحاكم على هذه التهمة؟!
إننا لا نرى أي مبرر، قانوني أو أخلاقي يمنع وزارة التربية والتعليم من الاستجابة لأحكام القضاء الفلسطيني، لأن ذلك يضعف مكانة القضاء وهيبته بالدرجة الأولى ويشكل تحديا لإرادة الشعب الذي ينطق القضاء باسمه، إضافة إلى أن ذلك يوفر مسوغا إضافيا للقول أننا نفتقد السلطة الوطنية الفلسطينية إلى الحكم الرشيد.
والمطلوب الآن، أن تقف كافة المؤسسات الحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان، والمجتمع المدني، وبالأخص الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" الذي أعار هذه القضية كل اهتمامه الذي توج بحكم المحكمة العليا، للضغط على كل الأطراف التي تعيق تنفيذ أحكام القضاء وفضحها ، إعمالا للقانون والحق والمواطن!.