هل لدى السلطة القدرة والجدية لإلغاء أوسلو؟

محمد مرار- زمن برس

رام الله: تناقلت وسائل الإعلام قبل يومين تصريحاتٍ أدلى بها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف وقال فيها إن الرئيس محمود عباس طرح احتمالية الغاء اتفاق أوسلو خلال اجتماع "القيادة الفلسطينية" يوم الإثنين الماضي.

ولم تكن سوى ساعات قليلة حتى خرج نمر حماد مستشار الرئيس ونفى ما صرح به أبو يوسف، مشيراً إلى أن ما تم نقاشه خلال اليومين يتعلق بمختلف القضايا التي تخص الشأن الفلسطيني وممارسات الإحتلال اليومية والاستيطان الذان يتعارضان مع تطبيق اتفاق أوسلو، وأنه لم يتم طرح احتمالية الغاء أوسلو خلال الاجتماع.

حالة الجدل هذه جاءت في وقت ترتفع فيه الأصوات الفلسطينية المطالبة بالغاء أوسلو والتحرر من كل الاتفاقيات التي تقيد السلطة والظروف المعيشية والسياسية للفلسطينيين، ولو افترضنا أن القيادة الفلسطينية طرحت هذه القضية على الطاولة الآن فهل هي قادرة على التحلل من اتفاقية أوسلو وكل توابعها ؟ وما البدائل التي يمكنها اللجوء إليها في سبيل تحقيق ذلك؟


اسرائيل لن تسمح

المحلل السياسي عادل سمارة قال بأن الكثير من الفلسطينين لا يريدون أوسلو بعد اليوم، لكنه رأى بأن السلطة والرئيس عباس لا يعبرون عن ذاك الموقف.

وأضاف سمارة لزمن برس "كلما مر يوم كلما صار الغاء أوسلو وحل السلطة أكثر صعوبة، وما حصل حتى الآن هو أن مليون فلسطيني على الأقل يعيشون على وظائف السلطة وهم مجموعة طبقات على شكل شعب ويمكن تسميتهم بـ"شعب السلطة" وليس الشعب الفلسطيني، وهؤلاء سيدافعوا عنها، لأنه ماذا سيقدم لهم الذي سيحل السلطة ويلغي أوسلو؟".

و أشار سمارة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لن يسمح بإلغاء أوسلو وحل السلطة، وإذا أقدم أبو مازن على ذلك، سيحرك الاحتلال مجموعة من الجنرالات ليستولوا على السلطة ويلعبوا دور المخلصين وفقاً لما قاله سمارة.


تناقض في خيارات السلطة

وعن الحالة التي يعكسها طرح ملف الغاء أوسلو من قبل الرئيس عباس، رأى الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين أن ذلك يعكس حالة من التخبط الذي جرى في صفوف القيادة الفلسطينية حول الخيارات الأفضل في ظل الأوضاع الراهنة.

وأشار شاهين إلى أنه منذ زمن تمت احالة الخيارات المتاحة للجنة السياسية في منظمة التحرير، وذلك لبحث سياسات تحدث عنها عباس خلال عام 2010 إلا أن تلك الخيارات لم تدرس حتى الآن وفقاً لما قاله شاهين. وحمل شاهين مسؤولية ذلك إلى ما وصفها بسياسة "الانتظار" التي تنتهجها السلطة الفلسطينية منذ عامين بحيث تنتظر السلطة تغييرات في الموقف الأمريكي أو الإسرائيلي بما يحسن شروط المفاوضات.

وعن جدية السلطة في طرح ملف إلغاء أوسلو قال شاهين "لا اعتقد أن هذا الموضوع يطرح بشكل جدي خصوصاً أن ما طرح هو كان كالتالي : إما الاختيار ما بين إلغاء أوسلو أو إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في الضفة، وهذا تناقض؛ لأن ذلك يعني الاستمرار والتعمق أكثر في مسار أوسلو، وبقاء السلطة ينفي إمكانية إلغاء أوسلو " .

السلطة ترغب باستمرار أوسلو

 

وفي ذات السياق رأى المحلل السياسي جهاد حرب أن المعنى السياسي لطرح امكانية الغاء اتفاق أوسلو، هو أن السلطة تعيش مأزقاً سياسياً، وأن الاتفاقية لم تعد تلبي حل الدولتين. وعن قدرة السلطة على اتخاذ قرار بإلغاء أوسلو قال حرب "القدرة شيء مختلف عن ما يتم تداوله من خيارات، والقيادة حتى اليوم ملتزمة بأوسلو وترغب في الاستمرار في هذه الاتفاقية إلى حين الوصول لحل الدولتين".

ورأى حرب إلى أن البديل عن أوسلو هو "العودة إلى ما كان عليه الوضع قبلها، وهو تفعيل منظمة التحرير ووضع العالم أم مسؤولياته تجاه شعب يقع تحت الاحتلال". أما الخيار الأفضل أمام السلطة من وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين فهو "خطوات عملية لتغيير هذا المسار الذي دخلت فيه الحالة الفلسطينية منذ توقيع اوسلو سواء مسألة التحلل من اتفاقية باريس والتزامات اوسلو بدءاً من التنسيق الأمني وامتداداً بإجبار الفلسطينيين على العيش في كنتونات بالمناطق المصنفة "أ" .