أبو مازن ومشعل يعتزلان بسبب غزة ..!

أكرم عطاالله-خاص زمن برس

هل هي مصادفة أن يعلن خلال أسبوع واحد رغبة كل من الرئيس الفلسطيني وكذلك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ترك موقعيهما ؟ قد تكونمصادفة ولكن الغريب أن كلاهما أعلن نيته المغادرة لنفس السبب بالرغم من اختلاف مواقعهما.

الرئيس عباس أعلن في الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية للمنظمة يأسه من اتمام المصالحة بسبب موقف حركة حماس في قطاع غزة من عمل لجنة الانتخابات المركزية، وقد أبلغ الذين حضروا ذلك الاجتماع بأنه ينوي اجراء انتخابات للرئاسة والمجلس التشريعي في الضفة وقد نقلت التسريبات رغبته بالتنحي، حيث قال أحد قياديي حركة فتح أن أبو مازن أبلغهم بضرورة البحث عن عن مرشح اخر.

الحديث عن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس نقلته الصحف الالكترونية خلال اليومين الماضيين بالقول أن السيد مشعل قد ضاق ذرعا بالتحديات السياسية ومن قيادة حماس في غزة ونقلت على لسانه قوله لقيادة الحركة التي اجتمعت خلال الاسبوع الماضي في القاهرة "اختاروا قائدا اخر".

السيدان أبو مازن ومشعل مثلا خلال الأعوام الخمسة الماضية طرفي خلاف والعنوانان الأبرز له، وقد وصل الأمر أن يهاجم كل منهم الاخر في بدايات أزمة النظام السياسي ويحمله مسؤولية انهيار النظام, لكن العامين الماضيين شهدا تحولا كبيرا لديهما وقد تمثل ذلك بإعلان القاهرة في الرابع من مايو العام الماضي المفاجئ والذي أعطى دفعة الأمل الكبيرة بإتمام المصالحة.

صحيح أن المصالحة تعطلت بعدها وكان واضحا أن حركة حماس بقطاع غزة لم تكن لديها دافعية تنفيذها، فقد اعتقدت أن هناك تحولات في الاقليم وكلها تصب في صالح الحركة وأن برنامجها آخذ في التحقق وبرنامج أو مازن آخذ في الانهيار، وبالتالي كان لها موقف غير معلن من ذلك الاجتماع الذي رعته المخابرات المصرية والمجلس العسكري.

ثم جاء اتفاق الدوحة والذي وضع حدا لاشكالية رئيس الحكومة " الان يتضح أن تلك لم تكون سوى تبرير لعرقلة الاتفاق" المهم أنه اتفق على تلك القضية العالقة ليفاجئنا اتفاق العاصمة القطرية بحلها وحينها ظهر موقف حماس في قطاع غزة أكثر وضوحا حين تعالت الأصوات من قبل قياديين وأعضاء مجلس تشريعي بغزة تعتبر بأن هذا الاتفاق غير قانوني ومخالف للقانون الأساسي وقد سببت تلك الاصوات حرجاً كبيرا لرئيس المكتب السياسي الذي بدا أنه أضعف من أن يلزم حركته بما وقع عليه وبالنهاية فرضت غزة موقفها.

حركة حماس بالقطاع تشعر أنها أكثر قوة بعد التحولات الاقليمية سواء في مواجهة السلطة والرئيس عباس أو في مواجهة قيادة الحركة في الخارج وخالد مشعل، فمن ناحية أعطت تلك التحولات أوراقا جديدة لها فقد أثبتت صحة رؤيتها وبرنامجها كما تعتقد, وفي المقابل عقم سياسة البديل الفلسطيني وخصوصا بعد انغلاق أفق المفاوضات وتصريحات ليبرمان بين فترة واخرى، وبالتالي لماذا تذهب لمصالحة تنقذ خلالها أبو مازن وبرنامجه "الآخذين بالغرق" ؟.

على الصعيد الداخلي أحدثت التغيرات الاقليمية ما يجعل حماس غزة تشعر أنها أكثر قوة أيضا أمام قيادة حماس في الخارج والتي فقدت الجغرافيا" دمشق" والتمويل " طهران " والعلاقات الخارجية التي كانت مفتوحة لقيادة الخارج بمقابل قيادة غزة التي بدأت تنتشر وتنفتح على الاقليم بعلاقات خارجية دون مساعدة القيادة التي كانت بدمشق وتوزعت على مصر والدوحة وبدأت قيادة غزة بالاعتماد على نفسها ماليا من خلال الجباية والتبرعات الخارجية والاستثمارات الداخلية وبالتالي تولد لديها شعور بضرورة نقل قيادة الحركة للداخل وبالأخص الى غزة فهي التي صمدت وحوصرت ودفعت الثمن وهي أدرى بشئون مكة فإلى متى تستمر القيادة خارج الوطن تتحكم بالقرار ؟. وقد كان هناك أكثر من مؤشر لذلك عبر عنه الضعف المتزايد لقيادة الخارج وخصوصا رئيس مكتبها بموازاة القوة المتزايدة للداخل الذي أصر على نقل القيادة للقطاع. هذه المعارك الهادئة رافقها الكثير منن التعنت من قبل قيادة غزة التي ترى العالم من زاوية محددة" زاوية غزة" وتشعر أنه على الجميع أن يأتي على مربعها دون أن تتقدم باتجاه الاخرين ومن يلاحظ التصريحات الاخيرة لقيادة غزة يدرك بأنه أصبح لديها طموح بقيادة المشروع الفلسطيني وحدها وربما يذهب بعضها أبعد، فيحلم بقيادة المشروع الاسلامي.

ليس المهم أن يرحل مشعل وأبو مازن فهذه هي طبيعة الأشياء والتغيير سمة الكون وعنصر الحياة بالنسبة للعمل السياسي ودليل صحته ويعكس روحه الديمقراطية التي تضمن نجاحه، لكن الرحيل الغاضب لكلا الرجلين ربما يعكس نذير أزمة حقيقية بين الجميع وبين قيادة حركة حماس بقطاع غزة وكأن لم يعد لديها قواسم مشتركة مع الاخرين ليندفع السؤال الطبيعي بقوة ما الذي تريده قيادة حماس بغزة ؟ فهي تتصرف كأنها قدمت النموذج الأمثل وأن القطاع يدار بكفاءة عالية وأن المشروع الفلسطيني يتقدم والحقيقة أن الكثير يرى غير ذلك بل بالعكس، والجميع يعتقد أن قيادة الحركة بالقطاع تعوزها الخبرة السياسية وهي تنضج بهدوء وتستفيد من التجارب وهي تتطور قليلا قليلا، ولكن لم تصل بعد للحد الذي يؤهلها لقيادة المشروع بأكمله هي بحاجة لمساعدة الجميع بالنصح والإرشاد، أما الاعتقاد بأنها تمتلك ناصية الحقيقة والمعرفة والسياسة والإدارة وكل الاخرين مخطئون أو أنها النموذج الأمثل للادارة والسياسة ولا تحتاج حتى للنصح فهذه أزمة حقيقية بدأت برحيل مشعل وأبو مازن لا نعرف أين ستنتهي.