حرب إسرائيل على اللاجئين

حكومة اقصى اليمين الصهيوني تعمق وتوسع نطاق حربها على الشعب والقيادة والقضية الفلسطينية. حرب مفتوحة على كل الجبهات المتصلة بوجود الشعب واهدافه وحقوقه الوطنية. حرب إسرائيل تتصاعد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين. ولم تتوقف عند ما اعلنه داني ايالون، نائب وزير خارجية إسرائيل من رفع شعار "انا لاجىء يهودي!" وانتاج فيلم هابط ، وحملة الفيسبوك لليهود الصهاينة للترويج لعملية التضليل المفضوحة سلفا، بل ذهب بحملته الى الامم المتحدة مع بدء الدورة الحالية (67) ، ودعا ممثلي الدول الاعضاء لحضور لعرض قضية التزوير بالنسبة ل "ترحيل" اليهود من الدول العربية!؟ وللا سف مع ان هناك موقف عربي جامع بمقاطعة الحملة الصهيونية المغرضة، إلآ ان دبلوماسي مصري حضر الفعالية، مخترقا الاجماع العربي، وضاربا عرض الحائط بالمصالح الوطنية الفلسطينية، لاسيما وان الحملة الاسرائيلية ، المتصاعدة مع بدء اعمال الدورة ال 67 للامم المتحدة لقطع الطريق على القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني وخاصة حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194.

المتابع للحرب الاسرائيلية على الجبهات المختلفة ، يلحظ ان القيادة الاسرائيلية تتغول يوما تلو ألاخر لتبديد: اولا الرواية الفلسطينية من جذورها، والطعن في شرعية اعمدتها الاساسية؛ وثانيا "خلق ركائز" للرواية الاسرائيلية باشادة "ارجل" ولو من خشب للملفات الاساسية؛ ثالثا استثمار حالة التراخي الفلسطينية، وغياب وتواطأ الفعل العربي الرسمي، والانهماك العربي الشعبي في تطورات الثورات العربية؛ رابعا تساوق الغرب الرأسمالي وخاصة الاميركي مع التوجهات الاسرائيلية إن كان من خلال الصمت، او الدعم تحت ضغط العوامل الداخلية (نموذج الانتخابات الرئاسية الاميركية). عوامل ذاتية وموضوعية مشجعة للحرب الاسرائيلية. الامر الذي يفتح شهية القيادات الصهيونية لاستمراء لعبة التزوير التاريخية لنسف كل الحقائق التاريخية والسياسية والحقوقية والقانونية والثقافية – التراثية الفلسطينية العربية.

ومع ان الحركة الصهيونية لجأت تاريخيا منذ بدء العمل لتنفيذ مشروعها الكولونيالي الاجلائي والاحلالي على حساب الشعب العربي الفلسطيني الى منطق قلب الحقائق والتزوير، لكنها لم تجرؤ حتى بعد إقامة الدولة العبرية في العام 1948، وبعد إحتلالها لكل فلسطين والجولان السورية وسيناء المصرية في العام 1967، وحتى زمن الانتفاضة الكبرى 1987- 1993، وحتى زمن الانتفاضة البائسة، انتفاضة الاقصى 1999- 2005، على انتهاك أملاك الغائبين الفلسطينيين، الذين طردوا وشردوا من مدنهم وقراهم في عام النكبة 1948، ولم تتجرأ على الادعاء بقضية اليهود، الذين ارغمتهم الحركة الصهيونية والغرب الرأسمالي من الدول العربية عبر عمليات ارهابية نفذتها عصاباتها ضد الكنس والمصالح اليهودية في الدول العربية ، إضافة لتنفيذ عمليات اغتيال وتهديد لليهود العرب، الذين رفضوا الانصياع لاملاءات الصهيونية كما حصل في العراق ومصر وسوريا واليمن وغيرها من الدول العربية.

لكن حكومة اقصى اليمين الاسرائيلية انسجاما مع توجهاتها الايديولوجية والاستعمارية، وادراكا منها ان الظروف مؤاتية جدا على الصعد المختلفة، وكون الفلسطينيين لم يعودوا في موقع الفعل "المخرمش"، إندفعت بقوة للايغال في عملية التزوير والتطاول على الحقوق الوطنية التاريخية او طرح نقيضها للمساومة الرخيصة مع الشعب والقيادة الفلسطينية. ولهذا رأينا اندفاعها لطرح ومحاولة تسويق بضاعتها الفاسدة بشأن ما تطلق عليه "انا لاجىء يهودي!" غير ان ذاكرة قادة اسرائيل وخاصة حكومة نتنياهو وليبرمان ويشاي ويعلون وحتى الديبلوماسي الصهيوني المتغابي ايالون ضعيفة، وتنسى كليا رغم تنبيهات الاجهزة الامنية، ان الشعب الفلسطيني والشعوب العربية على ما تواجهه من ارباكات وحتى الشعوب الاسلامية وانصار السلام في العالم ، وحتى القطاع الاكبر من دول العالم بما في ذلك اقطاب دولية، لن تسمح للعبة الاستعباطية، التي يروج لها ايالون حتى لو حضرها ديبلوماسي مصري صغير او كبير بالمرور مرور الكرام، وستدفع إسرائيل الثمن غاليا نتاج بلطجتها واستهتارها بحقائق التاريخ ، كما ان الشعب الفلسطيني، الذي دعم بقوة خيار السلام وحل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 1967، هذا الشعب رغم تمسكه بخيار السلام الممكن ، لن يسمح للبلطجي الاسرائيلي ان يهدر حقوقه الوطنية، وحق العودة متجذر ، ويتجذر يوما تلو الآخر، وان وجدت حدود للمساومة فهي في نطاق تطبيق القرار الدولي 194، بحيث تكون العودة للاجئين الفلسطينيين تدريجية لاراضيهم واملاكهم المغتصبة منذ عام النكبة 1948.