في التسامح.. الأخوان المسلمون والأقباط

بقلم: فارس الصرفندي

في العام 1949 اغتيل الامام حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان المسلمين ومرشدها الاول بقرار سياسي. حين حانت لحظة تشييع البنا الى مثواه الاخير، وصلت تهديدات لكافة الشخصيات السياسية من البوليس السياسي، والذي كان يوازي جهاز امن الدولة اليوم بعدم المشاركة في التشييع والا ... خرج بضع من ذوي البنا ومحبيه ومريديه، سياسي واحد فقط تحدى البوليس السياسي والتهديدات وسار في الجنازة، هذا السياسي هو مكرم عبيد القبطي الذي كان الرجل الثاني في حزب الوفد قبل ان يغادره ليشكل حزبا جديدا، معادلة غريبة لكنها تؤكد بان الوطنية والموقف السياسي لا يرتبطان بطائفة.

هذه الحادثة التي لا يعرفها الكثيرون من ابناء الاخوان المسلمين، تحتاج الى ان تدرّس في ادبيات الحركة. انا ادرك تماما بان الفكر الاخواني قادر على استيعاب الاخر، لكنه وللاسف في السنوات الاخيرة بدأ يتاثر بالفكر السلفي الرافض للاخر، والرافض لفكرة الدين لله والوطن للجميع. عندما استمعت الى محامي احد قادة السلفية الجهادية في مصر صعقت، فالرجل فتح النار على الاقباط، واتهمهم بانهم كفره، وبانهم يحتجزون مسلمين في اديرتهم وكنائسهم. للأسف، لعب الرئيس الاسبق أنور السادات في ايامه الاخيرة على ورقة الطائفية، لكنه احترق بها وحادثة الزاوية الحمرا كانت مثالا لذلك، والرئيس السابق حسني مبارك في ايامه الاخيرة حاول اللعب على ذات الورقه في تفجير احدى الكنائس، والتي اثبتت التحقيقات فيما بعد انه كان مدبرا من النظام.

ينتاب الاقباط في مصر الكثير من الخوف والارتباك، فهم يستمعون صباح مساء الى كلمات تكفيرهم والهجوم عليهم من قبل رجال يزينون وجوههم بلحى طويلة، فيظنون ان كل من يحمل الفكر الاسلامي يريد بهم شرا. وعليه فهذه الاقلية باتت امام حالة دفاع عن النفس، ودفاعها عن نفسها يفرض عليها ان تصنع تحالفات مع من هو ضد الاسلاميين، سواء من جبهة الانقاذ او القوميين او اليساريين.

اما لماذا بدأ فكر الاخوان يتأثر بالفكر السلفي؟ فالاجابة سهله، لان الاخوان في الاعوام الثلاثة الاخيرة وتحديدا بعد ازمة سوريا بدأوا يبتعدون عن تيار المقاومة والممانعه والمتمثل بسوريا وحزب الله وايران، حالة الفراغ في الداعم والمناصر من قبل ايران تحديدا، سمح للسعودية ومفكريها بالحلول مكان الاخر، وفرض فكر معين على الاخوان يتماشى مع ما تريده السعودية. في اشهر ماضية تحدثت عن فشل الفكر الوهابي، وعن تراجع الدور السعودي لسبب بسيط، ان الفكر الوهابي لا يصلح ان يكون فكرا شعبيا، وتغلغله في منطقة الهلال الخصيب وفي مصر شبه مستحيل. اما قادة الاخوان ومفكريهم فهم في الجلسات الخاصة البعيدة عن وسائل الاعلام يؤكدون ان حالة التغلغل للفكر الوهابي بينهم يعني سقوطهم شعبيا، وهم في مرحلة احوج ما يكونوا فيها للشارع بكل اطيافه.

اذا ما المطلوب اليوم من الاخوان المسلمين، حتى يظلوا في مكانهم وان لا يجدوا انفسهم بعد اشهر خارج المشهد؟

اولا: على الرئيس المصري ان يفتح حوارا مع الكنيسه القبطية ومع البابا تضاروس فالرجل الذي حاول ان يتدخل في قضية سد النهضة يدلل على وطنية كبيرة.

ثانيا: على جماعة الاخوان المسلمين، كجماعة ان تطمئن الاقباط بانها حركة سياسية قادرة على جمع المصريين دون استثناء وبانها لا تدير مؤسسة الرئاسة. كذلك على الرئاسة المصرية ان تمنع وسائل الاعلام التي تثير النعرات الطائفية وهي للاسف ازدادت بعد الثورة.

ان اشراك الاقباط في مفاصل السياسة المصرية، يعني تجنيب هذا البلد صراعا طائفيا سيفتته وسيكون الخاسر الاكبر في هذه المعركة ان حدثت – لاسمح الله – هم الاخوان المسلمين.

تحدى مكرم عبيد الامن المصري وشيع البنا. فهل لابناء البنا ان يحافظوا على ابناء عبيد؟

حرره: 
م.م