حلال لإسرائيل حرام على الفلسطينيين

نتنياهو

بقلم: جدعون ليفي

لا يحل إلا لاسرائيل. لا يحل إلا لها تنفيذ عمليات غير قانونية وغير اخلاقية. ولا يحل إلا لها أن تدعي البِّر وأن تُزعزع وأن تقلب العالم حينما يعاملها الآخرون بالمثل. ولا يحل إلا لها خطف رهائن، تذكروا مثلا عملية «الغلام الرائع»، وهو اسم براق مغسول كالعادة لجريمة حرب بشعة لا تقل عن خطف ثلاثة طلاب المعهد الديني في الضفة.
في عملية «الغلام الرائع» خطفت اسرائيل 21 مدنيا لبنانيا كي يكونوا «ورقة مساومة» للافراج عن رون أراد. وقد خُطف عدا مصطفى الديراني والشيخ عبد الكريم عبيد، 19 شابا آخر اثنان منهم في الـ 15، وكان أحد المخطوفين يعاني من التخلف العقلي. ولم يكونوا يعلمون ألبتة من هو رون أراد وطُرحوا في السجن سنين طويلة.
حينما خطفت دورية هيئة القيادة العامة الديراني قتلت مع ذلك ايضا جاره الذي تجرأ على الاقتراب من بيته. وقد حيك كيس خاص للديراني يلائم جسمه الكبير آنذاك. وكان ذلك اختطافا من اجل المساومة ربما يشبه ما قصد خاطفو الفتيان فعله. لكن اسرائيل هي التي فعلته ولهذا كان مشروعا. ولم يكد أحد يعترض على ذلك الفعل ولم يُطلب الى العالم أن يندد به بل لم يفكر أحد في أن يُعرف اسرائيل بأنها «منظمة ارهاب قاسية»، كما عرّف حماس أول أمس قائد منطقة الوسط، وهو يُدلي بأقواله مثل فتى بلغ سن الرشد، في وقت كان فيه آلاف من جنوده يُهيجون حربا في الضفة. لا يحل ذلك إلا لاسرائيل.
ولا يحل إلا لاسرائيل الآن أن تعتقل في كل ليلة عشرات الفلسطينيين ليس لاكثرهم أو ليس لهم جميعا صلة بخطف الفتيان. ولا يحل إلا لها أن تخرج الآن في عملية عقاب جماعية تشمل زعزعة لعشرات آلاف الناس الأبرياء. ولا يحل إلا لاسرائيل أن تخوض في مستنقع قومي ديني دبق دهني، وأن تخطب تحت كل شجرة ناضرة بكلام فصيح عن قداسة حياة الانسان الرائعة عندها فقط. وربما يحاول خاطفو الفتيان ايضا باختطافهم القاسي أن يحرروا آلافا من إخوتهم المسجونين منذ سنين طويلة في اسرائيل وبعضهم بلا محاكمة. فقد يكون طلاب المعهد الديني الثلاثة «أوراق مساومة» ايضا.
لكن حال العنصرية كحال العنصرية، فحياة الانسان هي لنا فقط والاهتمام بها وبحريتها لنا فقط، ولا تحل عملية «عودوا أيها الاخوة» إلا لنا. حاولوا فقط أن تتجرأوا على قول إنه يحل للفلسطينيين أن يستعملوا مقاومة عنيفة للاحتلال حتى بحسب القانون الدولي لتُعرفوا فورا بأنكم أعداء وكفار وخونة ينبغي حبسهم كما فُعل بعضو الكنيست حنين الزعبي التي قالت ما قاله كل اسرائيلي في وقت مضى عن اختطاف اللبنانيين. اخطأت الزعبي حينما قالت إن الخاطفين ليسوا ارهابيين، فالخطوة التي استعملوها ارهاب، لكن ماذا عن الارهاب الذي ما زالت اسرائيل تستعمله منذ عشرات السنين؟.
يجب أن نأمل أن يكون الفتيان ما زالوا أحياءً، ويجب أن نصلي لسلامتهم وأن نتمنى أن يُفرج عنهم دون مس بهم، لكن ما يحدث الآن في اسرائيل بعيد عن أن يكون «ساعتها الجميلة»، فهو من ساعاتها القبيحة.
إن كل بذور القومية والمسيحانية التي بُذرت فيها في السنوات الاخيرة تنبت الآن وتزهر في قطعة الارض العفنة. وقد رفعت كل الكراهيات الاسرائيلية رؤوسها بسبب اختطاف طلاب المعهد الديني الثلاثة في قلب الارض المحتلة. واجتمع كل العنف وعدم التسامح مع الآراء الاخرى وكل وحدة الصف والرأي في اسرائيل الآن في أكبر تظاهرة قومية. وقد نبتت بذور التدين كلها الآن لتصبح صلاة جماعية يشرف عليها مذيعو التلفاز الذين جندوا أنفسهم جميعا لخدمة الدعاية. ولا يسأل أحد لماذا الاعتقالات الجماعية ولماذا يُعاد الى السجون من تم الافراج عنهم في صفقة شليط، ولماذا يُعتقل اعضاء المجلس التشريعي، ولماذا الطرد الى غزة ولماذا تهييج الحرب. والذي يتجرأ على ذلك فالحكم عليه واحد.
كل ذلك مباح لاسرائيل وحدها. إن الضحايا المباشرين لـ «ساعتها الجميلة» هي عائلات الفتيان المخطوفين وعشرات آلاف الفلسطينيين، البائسة. لكن بعد أن تنتهي القضية ستشرق الشمس على اسرائيل جديدة أكثر ظلمة.

هآرتس 

 

حرره: 
م.م