اليهود الذين تم التخلي عنهم

آري شبيط
الطلاب اليهود في جامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس لم ينسوا ليلة الـ 25 من شباط 2014. طوال حوالي 13 ساعة وقفوا أمام اقوال الكراهية والعيون اللامعة لمئات من زملائهم في الدراسة، من مؤيدي الـ بي.دي.اس الذين ألقوا في وجوههم اتهامات بأن الدفاع عن إسرائيل هو دفاع عن العنصرية وعن ابادة شعب وعن قتل الاطفال. طوال ليلة طويلة شاهدوا نقاشا عن مقاطعة إسرائيل الذي تحول إلى مشهد للخوف والمطاردة. ونظرا لأنهم لم يكونوا مستعدين للمواجهة شبه العنيفة فان العديد منهم جرحوا نفسيا بسبب معركة الحرم الجامعي.
وعندما انتهى التصويت فجراً بانتصار بسيط، لم يشعروا بشعور الانتصار بل العكس. أكثر من 100 شاب خرجوا فجرا إلى ساحات الجامعة في كاليفورنيا وعانقوا بعضهم البعض وبكوا.
في الاشهر الاخيرة زرت 27 جامعة امريكية. لم آت لاعطاء المواعظ ولكن للاستماع. اليوم تلو الآخر جلست طوال اليوم مع مجموعات من الطلاب – أكثر من 100 مجموعة ـ وطلبت منهم أن يخبروني ماذا في قلوبهم. في بيت هيلل في برنستون، براون، ييل، دورتموت، متشيغان، نورتوسترن، سان دييغو و20 جامعة اخرى.
سمعت مرة تلو الاخرى صيغا مختلفة لنفس الرواية التي تفطر القلب: شباب يهود (ما زالوا) يحبون إسرائيل و(ما زالوا) يشعرون بقربهم منها لكنهم يسألون اسئلة اخلاقية جدية، لا توجد لإسرائيل اجابة عليها. طلاب يهود يواجهون لاسامية مكشوفة، ولديهم هم أنفسهم انتقاد شديد ضد الدولة اليهودية، تحظر عليهم المؤسسة اليهودية التعبير عنه.
آلاف من الموجودين بين المطرقة والسندان: قبلهم اساتذة وطلاب يزعمون أن إسرائيل هي جوليات، لكن خلفهم لا توجد إسرائيل تثبت أنها داود. نحن نشعر أنه تم تركنا في ميدان المعركة، قال لي العديد منهم. المناوئون للصهيونية يتهموننا أننا نتعاون مع الشر، لكن الصهيونية لا تفهمنا ولا تتكلم معنا، لكنها مشغولة من الصباح حتى المساء بالاستيطان. لهذا فان التردد مؤلم والألم عميق جدا. لهذا فان العديد من الحوارات التي اجريت معي وصلت إلى حد الدموع.
الهجوم اللئيم والمحكم لـ بي.دي.اس هو تهديد استراتيجي لإسرائيل، واذا لم يتم وقفه فانه سيجعل الدولة اليهودية الديمقراطية تصبح جنوب افريقيا 2020. ولكن التهديد الوجودي الحقيقي الذي يواجه الشعب اليهودي هو التوتر المتعاظم بين الهوية الليبرالية لاغلبية الشباب اليهودي في الولايات المتحدة وبين صورة إسرائيل كدولة ظالمة، محتلة وقامعة.
كنتيجة لهذا التوتر هناك من يخرجون ضد إسرائيل، وهناك المضطربون في النظرة اليها، والعديد ينتخبون بصورة غير مبالية. لقد قال اليمين خلال فترة طويلة لهؤلاء الشباب إن كل شيء هنا مدهش: مشاريع، حفلات تل ابيب، بندورة الشيري. كما أن اليسار أخبرهم كثيرا أن كل شيء هنا فظيع: حواجز، تمييز عنصري، اقصاء النساء. نظرا لأن الصهيونية توقفت عن اعطائهم قصة حقيقية، صادقة وتثير الالهام، يستطيعون حولها بلورة هويتهم ـ فان الكثيرين منهم ببساطة يذهبون ويبتعدون. وعندما يصلون إلى الجامعات وينكشفون للعداوة لإسرائيل ـ فان الهوية اليهودية المؤيدة لإسرائيل تنهار عند الكثيرين منهم.
ليس هناك خطر أكبر على دولة إسرائيل وعلى الشعب اليهودي من هذا الانهيار. إن مصيرنا لن يتحدد فقط في الحدود الجنوبية والشمالية ـ لكن على المسطحات الخضراء في الجامعات الامريكية، وعلى هذه المسطحات نحتاج إلى صهيونية متجددة، اخلاقية وليبرالية. اذا كانت ما تزال توجد قيادة قومية يهودية في القدس، في نيويورك ولوس انجلوس ـ فان من واجبها أن تفهم ذلك وأن تصحو وأن تعمل حالا. المستقبل يتقوض من بين أيدينا.
هآرتس