المقاطعة الاكاديمية اقصاء هادىء

زئيف تسحور

تتضمن مهام الاكاديمي أولا وقبل كل شيء البحث والتعليم. و إلى جانبهما فان لديه مهام هي جزء من الحياة الاكاديمية الاعتيادية: تحرير الكتابات الاكاديمية، تقويم رسائل الدكتوراة لطلاب البحث وكتابة الفتاوى، الكثير من الفتاوى. وهو مطالب بان يحاكم زملاء في المهنة عند قبولهم في المؤسسة الاكاديمية عبر ترفيعهم في المراتب، وعليه بالاساس ان يحاكم جودة بحوثهم. هكذا في إسرائيل وهكذا في العالم، الجامعة هي جامعة.
وفي ظل سياقات التحكيم تتطور علاقات قربى وتسيد، تنشأ ارتباطات، هناك، تحيزات، تفضيلات وهناك حسابات، فان الاكاديمية هي نسيج انساني حي. رغم الحسابات، وربما بسببها ـ تبلورت في الاكاديميا قواعد واضحة. فمجلة اعتبارية لن تنشر ابدا مقالا رديئا فقط لان الباحث مقرب من المحرر ـ والمكانة تكتسب ببطء وبجهد كبير، ومقال فاشل واحد قد يدفعها إلى الانهيار. هذا هو السبب في ان معظم منصات النشر الهامة في العالم تحرص على تحويل مقال استقبلته اسرة التحرير إلى تحكيم يجرى دون معرفة اسم الكاتب. من يعرف من بعث المقال هو سكرتير اسرة التحرير، ولجنة التحرير تقرر من يحاكم المقال والحكم المطلوب منه كتابة فتوى عن جودة المقال، وقبوله في المجلة، رفضه او المطالبة بالتعديلات، لا يعرف من هو الكاتب. السياق واضح وهو لا يتضمن الشفافية.
في بداية طريقي الاكاديمي طلب المحكم لاول مقال بعثت به لمجلة دولة بعد أن كتب فتوى ايجابية عنه أن يعرف اسمي. ومنذئذ بات هذه المجلة بالنسبة لي منزلا. ولاحقا اصبح محرر المجلة. طلب مني ان اكتب مقالات نقدية عن كتب بحثية. نقد لكتاب سبق ان نشر يجعل السرية غير لازمة. والمقال الانتقادي الجدير يفترض به أن يشير إلى الجوانب الاشكالية للكتاب موضع النقد، بل واحيانا الاختلاف معه في نتائجه. وكاتب النقد يستدعي لنفسه الخصوم، ولهذ فانه لا يوجد كثيرون يسارعون إلى نشر النقد على كتاب لزميل. ومحررو المجلات الهامة ممن ينشرون فقط جزءا صغيرا من مقالات النقد التي ترسل اليهم، يغازلون كتاب مقالات النقد ويسرهم قبولها.
على خلفية النقص في مقالات النقد للكتب، فان كل مقال نقدي كتبته استقبل بمودة ونشر كما ورد. هكذا حتى قبل نحو سنتين، عندما بعثت للمجلة مقالا نقديا. انتظرت نشره في العدد القريب، وبعده في العدد التالي ـ ولا شيء، لم ينشر ولم أتلقى رسالة رفض. بعثت بالمقال مرة اخرى خشية أن يكون وقع خلل في الارسال ـ ولا تعقيب.
في مؤتمر عقد قبل زمن ما في الولايات المتحدة التقيت بالمحرر. وقد اضطر إلى تعابير ثقافية ملتوية كي يشرح الميول الجديدة في بحوث الشرق الاوسط والتي أدت إلى تغييرات في سياسة النشر. لم يقل لا سمح الله ان الإسرائيليين غير مرغوب فيهم. وفحص بسيط في صفحات المضمون في الاعداد في السنتين الاخيرتين اظهر ان التغيير يتلخص في أنه لم ينشر أي مقال لباحث من إسرائيل. وتحت رعاية السرية وانعدام الشفافية بني ببطء الحاجز الاقوى من كل مقاطعة.
يديعوت

حرره: 
م . ع
كلمات دلالية: