إنقاذ بشار

بشار الأسد

بقلم: عيزر تسفرير

خلال الاربعين سنة الاخيرة شكلت سوريا تهديدا استراتيجيا على إسرائيلي. صدمة حرب يوم الغفران وذكرى المدرعات والألوية في طبرية أكدت حجم الخطر الذي يشكله الجيش السوري المعادي لإسرائيل. ونتيجة لذلك وضعت استراتيجية للدفاع تهدف إلى منع أي هجوم مفاجيء وعودة أحداث حرب يوم الغفران.
خلال الـ 15 سنة الاخيرة ازداد الخطر السوري بسبب كونها جزءا أساسيا في المحور الشيعي الذي يشمل إيران، سوريا وحزب الله. سوريا التي يقودها أبناء الأقلية العلوية المرتبطة بالشيعة، شكلت مسار نقل الوسائل العسكرية من إيران إلى حزب الله، وشكلت جبهة داخلية لوجستية، وتقدم الارشادات لحزب الله ومقاتليه.
المطار في دمشق كان أداة مركزية لتحقيق هدف إيران ـ تسليح حزب الله. فقد تم ارسال الصواريخ والسلاح المتقدم عن طريق الجو من إيران، ومن هناك إلى مخازن حزب الله. وحسب مصادر اجنبية فقد تم قصف العديد من الارساليات التي كانت في طريقها إلى حزب الله من سوريا.
أهمية سوريا في هذا المحور شكلت موقفا يقضي بأن سقوط نظام الأسد سيقطع الامداد الإيراني لحزب الله وسيلحق الضرر بتسلح المنظمة التي تهدد إسرائيل ومواطنيها بشكل حقيقي من خلال الصواريخ التي تمتلكها. مع بدء الاحداث في سوريا في آذار 2011 كان الموقف المقبول هو أن سقوط نظام الأسد وصعود نظام سني معتدل معادي للخط الشيعي سيكون مفيدا لإسرائيل ويجب تأييده. لذلك ليست غريبة التقارير التي تتحدث عن المساعدة الإسرائيلية الانسانية للمتمردين في جبهة هضبة الجولان، الامر الذي يخلق صلة بين إسرائيل وبين المتمردين من اجل الحفاظ على الهدوء على الحدود التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية السنية المتطرفة التابعة للقاعدة.
رغم ما قيل أعلان، وبناءً على التطورات العسكرية في سوريا في الاشهر الاخيرة، أي نجاح تنظيم الدولة الإسلامية في تدمر وانتصارات الجبهة الإسلامية في منطقة إدلب والتهديد للشاطيء العلوي، وكذلك فشل هجوم الشتاء للنظام وحزب الله في هضبة الجولان ـ كل ذلك يوجب على دولة إسرائيل تغيير موقفها الاستراتيجي حول استمرار نظام بشار الأسد.
ليس هناك اليوم جهة أو قوة مؤيدة للغرب، علمانية أو معتدلة، قادرة على الوصول إلى السلطة في سوريا بعد سقوط النظام القائم، بل العكس، فان التنظيمات الإسلامية السنية المتطرفة تتنازع من اجل السلطة، واستراتيجيتها تعارض وجود دولة إسرائيل والغرب كذلك. هذه التنظيمات تتقاتل فيما بينها من اجل السيطرة وهي تقتل بعضها البعض بطريقة فظيعة لا رحمة فيها.
مع سقوط نظام بشار الأسد ستكف سوريا عن كونها دولة سيادية وستتحول إلى «ثقب أسود» حيث يزدهر الإسلام الاصولي على حدود إسرائيل الشمالية. وغياب سلطة مركزية سيجذب إلى سوريا عناصر إسلامية متطرفة من افغانستان وحتى الشيشان، الذين سيتوجهون بعد فرض سيطرتهم على سوريا إلى دولة إسرائيل. ايضا انتصار المعسكر الراديكالي السني في سوريا سيخلق تهديد حقيقي للنظام الهاشمي المؤيد للغرب في الاردن، وسيؤثر في الوضع الطائفي القائم في لبنان، وسيؤدي إلى تغيير حقيقي في الشرق الاوسط.
لذلك، فان التغيرات التي حدثت في الاشهر الاخيرة تلزم دولة إسرائيل بعمل كل ما في استطاعتها للابقاء على نظام الأسد في سوريا. وفي هذا السياق لا يجب استبعاد موضوع تقديم المساعدة، المباشرة وغير المباشرة، للنظام السوري، ويشمل ذلك غض الطرف عن وجود قوات مقربة من إيران في سوريا.
ومن اجل كبح جماح النجاحات التي تحققها التنظيمات السنية المتطرفة فان على إسرائيل الحفاظ على الوضع القائم في سوريا، وعدم السماح بانتهاء الحرب بانتصار أحد الأطراف، وهذا من خلال دعم النظام القائم، مساعدة النظام ولو لاسباب ميكيافيلية.
قد يكون لهذا قيمة استراتيجية أمام إيران وحزب الله، وقد يفتح قنوات سرية بين دولة إسرائيل وبين الخط الشيعي.
سوريا كدولة لم تعد تشكل تهديدا على إسرائيل. وفي المقابل بدأ يتشكل تهديد استراتيجي آخر بمستوى عالٍ من الخطر ـ انتصار تنظيم الدولة الإسلامية وسيطرتها مع تنظيمات إسلامية متطرفة اخرى على الدولة التي لها حدود مشتركة مع إسرائيل، وتأثير انتصار كهذا على دول عربية اخرى، لا سيما الاردن. يجب أن تشكل سابقة الصومال ضوء احمر وتحذير على ما يمكن أن يحدث في ظل قتال تنظيمات متطرفة وغياب حكم مركزي. هذا يلزم إسرائيل بتغيير موقفها من الصراع السني الشيعي في سوريا، وتأييدها لاستمرار حكم نظام الأسد.

هآرتس

 

حرره: 
م.م